السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمود المليجى.. «أنتونى كوين» الشرق




 
لم تكن أسرة فيلم «أيوب» تعلم أن الفنان الراحل محمود المليجى سيقدم مشهد المتوفى بهذا الأداء المبهر.. حتى اكتشفت أن المشهد لم يكن تمثيليًا فقد توفى بالفعل، أثناء تأديته للمشهد وهو ما أثار ذعر الجميع من حوله. هكذا كان يتمنى أن يموت الفنان الراحل فطالما عبر عن حبه وعشقه للتمثيل الذى استحوذ على فكره وكيانه وحواسه، لدرجة أنه كان يتمنى أن يموت وهو يمثل ولد المليجى فى 22 ديسمبر عام 1910 لأسرة متوسطة الحال بحى المغربلين وانتقل بعدها للحلمية ليلتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية، وقد كان عشقه للفن مسيطرا عليه منذ صغره حتى أنه التحق بفرقة مسرح المدرسة التى كان يقوم على تدريبها كبار الفنانين وقتها، ومنها الفنان عزيز عيد والذى قال له أنت لا تصلح أن تمثل ليس رفضا منه لموهبته ولكن لشدة اعجابه به لأنه لا يريده أن يصيبه الغرور بموهبته فى أول الطريق. وانتقل منها للعمل بفرقة فاطمة رشدى المسرحية ومنها لفرقة رمسيس نجيب  التى كان يعمل بها كملقن.. وبدأ مشواره السينمائى بفيلم «الزواج» عام 1933 ومن بعده «وداد» مع الراحلة أم كلثوم عام 1936.. لينطلق من بعدها نجم المليجى ويتنوع بين أدوار الشر والخير والحب والشقاء والرفاهية.. وقدم أكثر من 750 عملا بين الدراما والسينما والمسرح ولقبه أهل الفن بـ«أتنونى كوين الشرق» بعدما قدم شخصيته فى النسخة العربية من فيلم «القادسية».
على عبد الخالق: استحق لقب «الأستاذ» وكان يطوع حواسه لخدمة المشهد
 

 
 
قال المخرج على عبد الخالق إنه سعيد بعمله مع الراحل محمود المليجى فى أكثر من عمل على رأسها فيلم «مسافر بلا طريق» ومسلسل «بعد الضياع» وأعمال أخرى كثيرة حيث قال: «كان المليجى فناناً ذا قيمة كبيرة جداً وأستطيع أن أقول أنه أكثر ممثل «محترف» قابلته فى حياتى الفنية وذلك ليس على سبيل المجاملة ولكن الراحل كان لديه قدرة على التحكم فى كل حواسه لتطعيمها بفن التمثيل فهو الأجدر بلقب «الأستاذ». وأضاف عبد الخالق: «اتذكر فى أول عمل لى معه كان فيلم «مسافر بلا طريق» كان هناك مشهد يتطلب بكاءه فقال لى تريدنى أُدمع من أى عين، فقلت له الشمال فسألنى تحديدا الدموع تنزل فى أى كلمة فقلت له على طلبى فوجئت أنه طوع حواسه خلال المشهد ليدمع من العين الشمال فى نفس الكلمة التى حددتها والأغرب أنه الفنان الذى كان يؤدى أمامه أخطاء فأعدنا المشهد مرة أخرى والمفاجأة أنه أدمع من نفس العين أيضا وبنفس الكفاءة.
 
ماجدة خيرالله: عشق التمثيل وتمنى الموت أمام الكاميرا
 

 
رغم أن محمود المليجى يتمتع بملامح شريرة أو حادة ومع ذلك تفوق فى تقديم كل الأدوار. وقد كان أداء المليجى مميزًا بالنسبة لفترة ظهوره بشكل خاص لأن الفنانين وقتها كانوا من مدرسة المسرح فغلب على أدائهم المبالغة ومنهم يوسف وهبى لذلك برز المليجى وسطهم لأنه يتفرد بالأداء الهادئ والتمثيل المتمكن الذى لا يحتاج لمبالغة ليصل لقلوب الجماهير. وأضافت قائلة: «كان ليوسف شاهين فضل فى إعادة اكتشافه حيث قدمه فى أكثر من شكل مختلف وأخرجه من إطار شخصية الشر واستخدم ملامحه فى جميع الأدوار والانطباعات وقدما معا أنجح الأعمال منها عودة الابن الضال وإسكندرية ليه والأرض». وقالت خيرالله إن حياة المليجى الاجتماعية كانت محزنة وكان يتمنى دومًا أن ينهى حياته أثناء تقديم فنه وقد كان بالفعل حيث توفى إثر أزمة قلبية أثناء تصويره لفيلم أيوب.
 
 
عزت العلايلى: تعمد الخطأ أمام الكاميرا حتى يخفف من رهبتى
 

 
أكثر من عمل جمع بين الفنان عزت العلايلى والراحل محمود المليجى كان من بينها الفيلم الأشهر «الأرض» ومسلسل العنكبوت وغيرها من الأعمال الناجحة فى تاريخ السينما والدراما المصرية، وعن أول لقاء بينهما قال العلايلى: «قابلت المليجى رحمه الله فى أول عمل أقوم من خلاله بالوقوف أمام الكاميرا وكان فيلم «الرجل المجهول» الذى أخرجه الراحل صلاح أبو سيف.. ولم يكن أحد يعرفنى وقتها ولا أعرف أحدًا فى الفيلم سوى صلاح قابيل.. وفوجئت أن أول مشهد لى سيكون أمام المليجى فخفت جدًا وكنت كلما نظرت لوجهه تنتابنى حالة من الرهبة الشديدة.. وكان الفنان الراحل لماحًا وذكيًا ففهم خوفى منه فأخذنى من بين زملائنا بالعمل وعزمنى على كوب شاى وجلس يتحدث معى لفك الرهبة بيننا.. كما أنه تعمد أن يخطأ مرتين أمام الكاميرا لكى يثبت لى أنه لا يوجد فنان معصوم من الخطأ ولن يغضب من خطئى حتى يجعلنى أشعر براحة نفسية».  ووصف العلايلى الفنان الراحل بأنه كان رقيقًا ورومانسيًا إلى أبعد حد، كما أنه كان يمتاز بالهدوء والحرفية الشديدة فى العمل. وأضاف أنه كان يتعامل مع الكل بدون تكليف حتى فارق السن بينهم لم يكن موجودًا خاصة وأنهم كانوا أحيانًا يلقبونه بـ«مدحت» كشخص «مودرن» على سبيل الدعاية. وقال العلايلى إن أكبر عيوب المليجى كانت التدخين الشره.. وأضاف: «المليجى قيمة كبيرة جدًا والدولة تهمل تكريمه كفنان بحجمه وقيمته يجب أن يوضع له تمثال فى دار الأوبرا بجانب عمالقة الفن الآخرين».
 
 

 
أهم أعماله
 

 
 كليوباترا 1943
 غرام وانتقام 1944
 غزل البنات 1949
 أمير الانتقام 1950
 ابن النيل 1951
 سمارة 1956
 بين السما والأرض 1959
 واإسلاماه 1961
 الناصر صلاح الدين 1963
 بئر الحرمان 1969
 الأرض 1970
 غروب وشروق 1970
 لا يا من كنت حبيبى 1976
 عود الابن الضال 1976
 أحلام الفتى الطائر 1978
 إسكندرية ليه 1978
 زينب والعرش 1979
 العرافة 1980
 أيوب 1983
 
 

 
فى ذكرى ميلاده الـ 90 محمود مرسى «عملاق السينما المصرية»
 

 
لم يكن الفن واحترافه فى ذهن محمود مرسى محمد ابن مدينة الإسكندرية والذى تميز بحبه للثقافة والقراءة والتاريخ منذ صغره، ولد فى 7 يونيو 1923 ونشأ بين أبوين منفصلين، درس فى كلية الآداب قسم فلسفة ثم حصل على بكالوريوس السينما بباريس ولندن وعمل فى أوائل الخمسينيات فى اذاعة لندن.. بدأ مشواره الفنى من خلال عمله كمخرج باذاعة البرنامج العام ثم قدم أول أفلامه «أنا الهارب» عام 1962 ليكون بطاقة دخوله لقلوب جماهيره. وقد اشتهر مرسى بعزوفه عن الزواج حتى انهم لقبوه فى بدايته بـ «راهب الفن» إلى أن تزوج من الفنانة سميحة أيوب مع بداية السبعينيات وانجب منها طفلاً وحيداً وهو علاء محمود مرسى الذى حاول منذ عدة سنوات السير على خطا ابويه الفنية ولكنه فشل فقرر  الانسحاب . وبعد أن انفصلا لم يرغب مرسى فى الزواج مرة أخرى وظل فى محراب الفن الخاص به، وقدم من خلال مشواره الفنى ما يزيد على 55 عملا فنيا بين المسرح والتليفزيون والسينما. إلى أن توفى عام 2004 إثر أزمة قلبية حادة أثناء تصويره لآخر مسلسلاته «وهج الصيف» والذى لم يمهله القدر لاستكماله واضطر الكاتب وقتها لتغيير احداثه.
 
لويس جريس: كان عاشقا للمسرح وأعماله «علامات» فى تاريخ الفن
 

 
 
كان الكاتب الصحفى والناقد لويس جريس من الأصدقاء المقربين للفنان الراحل محمود مرسى، والذى كان هادئاً وقليل الصداقات بين زملائه من الوسط الفنى، حيث قال جريس: «جمعتنى بمرسى صداقة عائلية قوية وذلك بناء على الصداقة التى تكونت بين زوجتينا الفنانتين سناء جميل وسميحة أيوب، وعلى الرغم من كون مرسى غير معتمد على الصداقات من الوسط الفنى، إلا أنه كان كثيرا ما يحضر إلينا ونذهب إليه وجمعتنا الكثير من حلقات النقاش الخاص بالحياة العامة.. ولو أنه كان كتوماً إلى أبعد درجة حتى أنه لم يكن يحكى اسراره سوى لاحد أصدقائه من خارج الوسط». وأضاف جريس قائلاً: «لم يكن فى المسرح العربى فنان عملاق وذو قيمة فنية وأدبية مثل محمود مرسى والراحلة سناء جميل، فقد تمتع كلاهما بقدرة وحب للمسرح وكانا سفراء لبلدهما فى مختلف الوطن العربى.. وحمل مرسى مع باقى جيله من عمالقة المسرح الفن المصرى بأكمله منذ بداية الستينيات وحتى وفاته فى الألفية الحالية». وأكد لويس أن الفنان الراحل كان عاشقا للمسرح بالدرجة الأولى ويمكن أن يكون هذا ما جعل ادواره السينمائية أقل من نجوم جيله ولو أنها كانت ومازالت علامة قوية فى تاريخ الفن المصرى.
 
نادر عدلى: شخصياته تعيش بيننا مثل «الديكتاتور» و«الفلول»
 

 
ويرى الناقد نادر عدلى أن الفنان الراحل محمود مرسى قيمة كبيرة يتفق عليها كل أهل الفن فقد استطاع خلال أدواره السينمائية التى لم تتعد الـ 25 فيلماً أن ينجح بشكل ملفت ويحفر الأدوار التى قدمها فى أذهان الجمهور.. وقال: «لم يكن مرسى يتمتع بمواصفات فتى الشاشة الأول ومع ذلك وجدت فيه السينما قيمة تمثيلية كبيرة جعلت نجوميته تفرض نفسها فى أعمال ناجحة لا يمكننا تجاهلها فلو استرجعنا بعض أدواره نجدها تعيش معنا وتعكس واقعنا الحالى بداية من شخصية «عتريس» الديكتاتور فى فيلم «شىء من الخوف» والذى قامت ضد ظلمه واستبداده ثورة، مرورا بشخصية اللص الذى يريد العودة للنظام الملكى فى فيلم «السمان والخريف» والذى يمكن الإشارة إليه بمن يطلق عليهم «الفلول». وأضاف قائلاً يتمتع مرسى بقدرته على الأداء الداخلى للشخصية وليس الأداء الخارجى، وأذكر أنه كان يتمتع بتواضع شديد حتى أنى قابلته ذات يوم وكنت فى بداية مشوارى وقتها وطلبت منه إجراء حواراً صحفياً فرد على بمنتهى اللطف أنه لا يجد هناك داعياً لإجراء حوار مى لأنه انسان غير منتج ففى رأيه أنه من يحب أن يقرأ تجربته الجمهور هو العامل والفلاح الذى يجتهد وينتج ليخدم البلد أما هو فمنتج لانتاج ترفيهى.
وأكد عدلى أن عزوف المهرجانات عن تكريم محمود مرسى لا يعد موقفا ضده ولكنهم يكرمون الأحياء فقط، وقد تم تكريمه من خلال مهرجان القاهرة السينمائى مرة واحدة من قبل ولكننى اعتبر انه يظل فى قلوب جماهيره رغم قلة أعماله.
 
سميحة أيوب: أحب عمله حتى نسى وجودى أنا وابنه
 

 
جمعت بين الفنان الراحل محمود مرسى والفنانة سميحة أيوب علاقة حب وزواج قوية دامت لسنوات حتى طلاقهما وقد تحدثت أيوب عن محمود الزوج قائلة: «كان يتميز بالعدالة الشديدة فلم يكن بيننا أى مشاكل خاصة أننا نعمل معًا فى نفس المجال، حيث كانت تتمثل عدالته فى إعطائى نفس الحق الذى يعطيه لنفسه فى كل شىء، وعنده الرجل مثل المرأة لا توجد فوارق فى التعامل. ولم يكن يعترض على عملى بالفن ولا انشغالى حيث إنه كان يحب العمل الفنى ويقدسه.
وأضافت قائلة: «كان معجبًا بى كممثلة قبل أن يحبنى كزوجة فيتابع أعمالى باستمرار وأنا أيضًا عشقت فنه والتزامه وحبه الشديد والتفانى فى عمله، وذلك ما جعلنى اعتبره أستاذًا لى واستشيره فى أدوارى ويفيدنى بنصائحه فى الأداء الذى كنت دومًا آخذ بها».
وقالت أيوب أنها لا تنسى أول يوم تعرفت فيه على الفنان الراحل أثناء تقديمها لمسلسل إذاعى على البرنامج الثانى، وكان هو المخرج وقد جذبها فيه ذكاؤه واتقانه لفنه واحترامه، وأضافت قائلة: «كان مثقفا وعادلاً ورجلاً بمعنى الكلمة كما أنه كان يتمتع بحنان كبير قد لا يظهر على ملامحه ولكن كل من اقترب منه عرف عنه ذلك. كما أنه كان أبًا حنون ومربيًا فاضلاً بالدرجة الأولى.. وأكبر دليل على ذلك ما وصل إليه ابننا د. علاء الذى يتمتع بالذكاء مثل أبيه».
وتذكرت أيوب ضاحكة: «كنت ذات مرة انتظره بالمنزل ومعى نجله علاء صغير أحمله على ذراعى، وكان قد تأخر كثيرًا بالمسرح حتى أنه اندمج ونسى وجودنا فما أن فتح باب المنزل ورآنى حتى انفزع وقال ضاحكًا أنه نسى وجودنا فى منزله وحياته، حتى أننى تعجبت وقتها من شدة تعلقه بعمله حتى أنه نسى أنه زوج وله ابن».
 
 
أهـم أعمـاله:
 

 
 أميـــر الدهــاء، 1964 .
 فارس بنى حمدان، 1966 .
 السمان والخريف، 1967.
 شىء من الخوف، 1969.
 زوجتى والكلب، 1971.
 أغنية على الممر، 1972.
 ليل وقضبان، 1973 .
 

 
 مسلسل «إنى راحلة»، 1976.
 مسلسل «المجهول»، 1977.
 طائر الليل الحزين، 1977 .
 مسلسل «زينب والعرش»، 1979.
 مسلسل «أبو العلا البشرى» (جزءين)، 1985 - 1996 .
- سعد اليتيم، 1985.
- مسلسل «بنات أفكارى»، 2001.