السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الجرائم الشاذة
كتب

الجرائم الشاذة




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 29 - 07 - 2010



صحيح أنها قليلة.. ولكنها تثير الخوف


(1)


- الجرائم في مصر أصبحت مخيفة ومرعبة، عنف شديد، قسوة بالغة، اجتراء علي القانون، قتل لأتفه الأسباب، استهانة بالحياة، انتهاك لحرمات الآخرين، لا عقل ولا قلب ولا ضمير.


- الأمثلة كثيرة، ووسائل الإعلام تفزعنا كل يوم بقصص يشيب لها الولدان، فهذا المجتمع الذي منحه الله الأمن والطمأنينة والسلام وكراهية العنف والدماء، بدأت تغزوه جرائم مرعبة.
- صحيح أنها قليلة ونسبتها في المعدلات الطبيعية للسنوات السابقة، ولكنها خطيرة لأن الشيء اللافت فيها هو الاستهانة بالقانون، كأن المتهمين قد أصابتهم نوبات من البلاهة.
(2)
- سائق «المقاولون العرب»، كان يمكن أن يقتل فقط الشخص الذي أهانه، لكنه استخدم السلاح الآلي مثل خرطوم المياه، وأخذ يرش الضحايا بالرصاص كأنه يمطرهم بالمياه.
- من أين حصل علي السلاح؟ هذه ثغرة يجب إغلاقها بسرعة، وأن تعود إلي الحياة حملات جمع الأسلحة المهربة وغير المرخصة، شريطة أن تصاحب ذلك حملات إعلامية ومجتمعية تساند الأمن.
- السلاح ليس للمباهاة أو العزوة أو العبث، ويجب أن يقتصر حمله علي من تحتم ظروفه الحصول عليه.. الكبار فقط هم الذين يحصلون علي السلاح المرخص، أما السلاح غير المرخص فحدث ولا حرج.
(3)
- الإدمان أحد الأسباب الرئيسية للعنف المبالغ فيه، وللأسف الشديد فقد أصبح عدد كبير من الشباب وطلاب الجامعات من المدمنين، ولهذا تحدث الجرائم الغريبة التي يغيب فيها العقل.
- لم تعد المشكلة مقصورة علي أصدقاء الشارع، ولكن انعدمت رقابة البيوت تمامًا علي أبنائها، واختفي الأب الحازم المحترم الذي يراقب أولاده ويحكم تصرفاتهم.
- آباء وأمهات اليوم أصبحوا مسوخًا، وقد يتعرضون للإهانات والاعتداءات من أولادهم، لأنهم فرطوا في تربيتهم حتي كبروا، وخرجوا عن السيطرة.
(4)
- المدرسة بأحوالها الحالية لا تربي ولا تعلم، ويحتاج نظام التعليم في مصر إلي ثورة حقيقية، فلن يحدث تقدم ولا إصلاح ولا انضباط، إلا بإصلاح التعليم.
- الدول المتقدمة اقتصاديًا مثل إندونيسيا وكوريا وفيتنام وغيرها بدأت بالتعليم، وأنفقت عليه مليارات، لم تضع في الهواء، وجنت الثمار بسرعة.
- خذوا من الدعم لصالح التعليم، فالدعم يذهب من البطون إلي المجاري، أما التعليم فيذهب إلي العقول، والأمم الواعدة لا تبنيها البطون، بل العقول.
(5)
- الجرائم الشاذة لن يتم القضاء عليها في يوم وليلة، ولكن بإحداث هزة عنيفة في المجتمع، ليفيق الناس علي حقيقة أوضاعهم، وأن الخطر الذي يتصورون أنه بعيد عنهم، قريب جدًا منهم.
- من الممكن أن تصادف مدمنًا أو بلطجيًا في إشارة مرور أو في الشارع أو في أي مكان آخر، ويحدث بينك وبينه احتكاك عارض، فماذا تفعل إذا أخرج سلاحه في وجهك؟
- السرقة، القتل، الاغتصاب، البلطجة وغيرها من الجرائم التي تهدد الآمنين، هي الخطر الحقيقي الذي يجب بحث أسبابه والتعامل معها بقوة وحسم.
(6)
- هيبة القانون وأجهزة الدولة يجب أن تكون خطاً أحمر، لأن الدول تحكم بهيبتها وليس بعساكرها، ولا يمكن أن تضع جنديًا أو ضابطًا علي كل متهم، وفي كل شارع.
- الاستهانة بالقانون أصبحت هي الظاهرة المميزة هذه الأيام، لا أحد يخاف، وكثير من الناس أصبحوا «مستبيعين»، لأن القانون لا يأخذ مجراه، والعدالة بطيئة جدًا.
- يتصور البعض أن إضعاف الشرطة، أو الهجوم عليها والتشكيك فيها يصب في مصلحته، ولكن للأسف الشديد لا يؤدي ذلك إلا إلي مزيد من التسيب والفوضي.
(7)
- مصر بالفعل في حاجة إلي إصلاحات اجتماعية كبيرة، تعيد الملامح الأساسية للمجتمع التي أخذت في التراجع والانحسار، وأفرزت علي السطح ظواهر لم تكن معروفة من قبل.
- مصر في حاجة إلي إعادة إحياء القيم والمٌثل والمبادئ التي ضاعت في الزحام، فانصرف الناس هائمين علي وجوههم، دون أن يدركوا أن القيم هي مفتاح التقدم.
- نعم.. الجرائم الشاذة قليلة، ولكنها غريبة عن المجتمع وتثير الخوف في النفوس، الخوف من أن ينحسر غطاء الأمان الذي كان يميز مصر والمصريين.

E-Mail : [email protected]