الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المؤسسات الدينية في مهمة دبلوماسية




 كتبت - وفاء وصفي وميرا ممدوح

 
يأتي الأزهر والكنيسة في مقدمة مؤسسات القوة الناعمة المصرية بما لهما من تأثير فاعل دوليا، وفي المحيط العربي والإسلامي والإفريقي خاصة إذا كانت مصر قد استيقظت فجأة علي تحرك أثيوبي جدي لبناء سد النهضة الذي يهدد شريان الحياة المصرية -نهر النيل- بما يستوجب علي كل المؤسسات الانتفاض وبذل ما يمكن من جهد وجميع أساليب الضغط بما فيها الدبلوماسية الناعمة فإن مؤسستي الأزهر والكنيسة تلعبان دورا مهما في هذا الشأن إضافة إلي التحرك في محيط الأمن القومي المصري بداً من منابع النيل ومرورا بالصومال وحتي أفغانستان لنشر الإسلام المعتدل ومواجهة التطرف.
ولعل ما للكنيسة المصرية من علاقة تاريخية ودينية بالجانب الإثيوبي يلقي عليها عبئا أكبر لتتجاوز مصر هذه الأزمة.
في المقابل مازال للأزهر الشريف تلك الجامعة الإسلامية العريقة حضورها القوي في مختلف البلاد الإسلامية وهو ما يكشف عنه بوضوح طلب الحكومة والمعارضة الأفغانية تدخله لحل أزمة النظام الأفغاني.
يراهن الكثيرون من الساسة والمواطنين علي دور الكنيسة المصرية في التأثير الايجابي لصالح مصر لدي الكنيسة الاثيوبية في قضية سد النهضة وتطوراته الأخيرة.
غير أن القراءة السريعة لتاريخ العلاقات بين الكنيسة الام بمصر وكنيسة اثيوبيا تكشف تذبذب وتغيير العلاقات بفعل تبدل الانظمة السياسية باديس ابابا وطبيعة الكنيسة هناك.
ويؤكد كمال زاخر مؤسس التيار العلماني: للكنيسة بالطبع دور في هذا الشأن ولكنه وطني وليس سياسياً وهو شيء ليس بغريب عن الكنيسة الارثوذكسية بمصر.. مضيفًا ولكن هناك فرقًا كبيرًا بين التعاطف والمحبة المتبادلة والمصلحة العامة وهو الامر الذي لا نراه في مصر فمن الطبيعي أن يبحث الشعب الاثيوبي عن مصلحته خاصة أنه إلي الآن لم يعرض علينا حقائق إنما امور انطباعية. وأضاف زاخر رغم ايماني بدور الكنيسة  الوطني في هذا الشأن إلا أنني أخشي ان يكون هناك فخ لها من قبل الحكم في مصر خاصة ان التجربة أثبتت أن الحكم الحالي لا يقوم بشيء لوجه الله وبالتالي من الوارد أنه يكون غرضه توريط الكنيسة في الموضوع ويؤكد انها تهاونت مع الأمر، ولم تتدخل بالشكل المطلوب لندخل في دائرة من الصراع وتأجيج الفتنة الطائفية.
ويؤكد زاخر ان لا احد ينكر وجود مكانة كبيرة للكنيسة القبطية في قلب كل الإثيوبيين وهو ما أكده الوفد الدبلوماسي الذي ذهب إلي هناك في بداية الازمة إلا أن المصالح شيء مختلف تماما عما نتحدث عنه الآن.
من جانبه يقول جميل فخري استاذ التاريخ الكنسي بمعهد الدراسات القبطية  أنه بعد الإطاحة بهيلاسلاسي بدأت تتراجع قوة العلاقات المصرية الإثيوبية إلي أن وصلت إلي مرحلة العلاقات الرسمية الشكلية، وكانت من نتيجة ذلك أن استقلت الكنيسة الإثيوبية عن الكنيسة الأم في مصر.  وأضاف بدأت ملامح الانفصال بين الكنيستين في  1948 حيث وصلت كل من الكنيستين القبطية والإثيوبية إلي اتفاق مهد لانفصال واستقلال الكنيسة الاثيوبية.
حيث قام بطريرك الإسكندرية للأقباط في ذلك العام برسامة خمسة أساقفة لهذه الكنيسة وفوضهم بانتخاب بطريرك جديد لهم يكون له السلطان لاحقا لرسامة أساقفة جدد لكنيسته.
وقد اكتملت فصول تلك الاتفاقية عندما قام بطريرك الأقباط البابا يوساب الثاني بإقامة باسيليوس رئيس أساقفة علي الكنيسة الإثيوبية وهو من أصل إثيوبي 1951، وبعد ذلك عام 1959 قام بطريرك الكنيسة القبطية البابا كيرلس السادس بتتويج باسيليوس كأول بطريرك علي كنيسة إثيوبيا الأرثوذكسية  والذي توفي عام 1971 وخلفه في ذلك العام ثيوفيلوس
ويكمل فخري ومع سقوط الإمبراطور هيلاسيلاسي عام 1974 فصلت الكنيسة في إثيوبيا عن الدولة، وبدأت حكومة إثيوبيا الجديدة - الماركسية - بتأميم الأراضي بما في ذلك أراضي الكنيسة، وفي عام 1976 اعتقل البطريرك ثيوفيلوس من قبل السلطات العسكرية. إلا أنه لم يرض البابا شنودة عن هذا الظلم ولا مخالفة القوانين الرسولية المتسلمة من الآباء ولا يحابي أحداً في غير الحق ورفض هذا الوضع غير السليم، وقام بدعوة الآباء وطرح هذا الموضوع علي المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية للانعقاد في جلسة طارئة لبحث هذا الموضوع وتمت إدانته ورفضه إلا أنه تم إعدام البابا ثيوفيلوس بسرية في وقت لاحق من ذلك العام. وبالرغم من العلاقة القوية التي جمعت كلا من البابا شنودة الراحل والبابا بولس بطريرك إثيوبيا ولقائهم في عدة مناسبات والحديث عن أزمة سد النهضة إلا أن البابا بولس أعلن صراحة ان الكنيسة الإثيوبية لاتتدخل في السياسة.