الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأسعار أعظم برنامج انتخابي
كتب

الأسعار أعظم برنامج انتخابي




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 09 - 08 - 2010



لماذا أصبح الترشيد هو العدو الأول للمصريين؟
(1)
«عض قلبي ولا تعض رغيفي.. إن قلبي علي الرغيف ضعيف».. الرغيف ليس وحده، ولكن السلع الأخري الضرورية التي تمس حياة الناس يجب أن تكون خطاً أحمر لا يقترب منه أحد.
أولاً: يجب علي وزير الزراعة أن يخرج عن صمته ويجيب عن سؤال مهم: هل يستطيع أن يزرع مساحات إضافية من القمح لسد الثغرة، وأن تتضافر كل الجهود لإنجاح خطة الزراعة العاجلة؟
ليرفع شعار «زُرع في مصر»، ويقود حملة قومية لتأمين رغيف العيش، حتي لا تفاجئنا الأزمة إذا حدث جفاف مماثل في أوكرانيا أو كندا أو غيرهما من الدول التي نستورد منها القمح.
(2)
ثانياً: أصبحت كلمة «الترشيد» عدواً للمصريين، وأمام الجميع يتم استنزاف ملايين من رغيف الخبز، إما في الزبالة أو كطعام للماشية، لسوء حالة الرغيف، وعدم صلاحيته للاستهلاك الآدمي.
كيف ندعو لترشيد الاستهلاك، وقد انفتحت خزائن البلاد لاستيراد آلاف الأطنان من ياميش رمضان بكميات تفوق أضعاف الاستهلاك الفعلي، وكأننا نعيش في دولة رأسمالية غنية، تنفذ استراتيجية التخمة.
طبعاً.. كل عام وأنتم بخير، ورمضان شهر كريم، ومن حق الجميع أن يذوقوا من خيراته، ولكن المولي عز وجل يقول: «ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط».
(3)
ثالثاً: أين الرقابة علي الأسواق؟.. وحتي لو كانت هناك رقابة، فماذا تفعل في ظل عدم وجود قوانين تحظر الاستغلال والاحتكار، وتطلق يد المستوردين والتجار لتحديد السعر الذي يريدونه؟
هل معقول مثلاً أن اللحوم المحلية ثمنها الآن 80 جنيهاً رغم أنها تأتي من إمبابة، بينما اللحوم البرازيلية ثمنها 30 جنيهاً رغم أنها تأتي عبر ملايين الأميال؟
فيه حاجة غلط، وكثير من المنتجات المصرية لا تستطيع المنافسة إلا في الأسواق المصرية لأنه لا يوجد غيرها، إنها تتمتع بحماية اشتراكية في زمن المنافسة الرأسمالية.. مما يثير العجب.
(4)
رابعاً: أوقفوا الحروب القذرة.. فإذا تم استيراد لحوم من أي منطقة أطلق «لوبي الاستغلال» ضدها الشائعات، ليسمموا علي الناس طعامهم، بينما يملأون بالملايين كروشهم التي لا تشبع.
فعلوا ذلك مع الأسماك وقالوا إنها تتربي في المجاري، والقمح المشع، والدواجن المحقونة بالهرمونات وأي شيء آخر تستورده الدولة لتخفيف حدة الأسعار، ستغتاله الحروب القذرة.
لا ضمير ولا أخلاق ولا قانون يردع هؤلاء الذين يستبيحون كل شيء، ولم يعد السم الهاري الذي يملأ بطونهم يؤثر فيهم.. إنهم عصابة من اللصوص المحترفين في استغلال الأزمات.
(5)
خامساً: أين الحكومة؟.. من قراءتي للصحف ألاحظ أن بعض الوزراء يديرون الأزمة بطريقة العزف المنفرد، وكل واحد منهم حريص علي الظهور في وسائل الإعلام والإدلاء بتصريحات أكثر من علاج الأزمة نفسها.
القضية ليست كذلك، ولكنها تحتاج إلي غرفة عمليات حكومية برئاسة رئيس الوزراء نفسه تكون أمامها خطة عاجلة وأخري آجلة لمواجهة تداعيات أزمة الأسعار العالمية أولاً بأول.
ليس الآن وقت مناقشة فلاسفة الاقتصاد الذين ربطوا مصر في «عربة رش» اسمها الأسعار العالمية، ولكنه وقت التقليل من مخاطر الغلاء العالمي، خصوصاً في الشهور المقبلة.
(6)
طبعاً بعض الاقتصاديين في بلدنا فرحانين جداً لأنهم قاموا بتعويم كل شيء بالأسعار العالمية، فإذا تعثرت شاه في البرازيل تأثر بها مستهلكو اللحوم في غمرة.
كلما حدثت أزمة لا تسمع سوي عبارة «الأسعار العالمية».. فهل يمكن أن تعود السيادة تدريجياً للأسعار المحلية، وأن تتم حماية المستهلكين من غول الأسعار الذي يلتهم دخولهم؟
الأسعار.. الأسعار.. الأسعار.. هي المشكلة رقم واحد بالنسبة لكل المصريين، وهذا ما كشف عنه آخر استطلاع لأمانة سياسات الحزب الوطني.. الأسعار هي أكبر برنامج انتخابي يضمن أصوات الناخبين.
(7)
قوم يا مصري.. استنهاض الهمم وشحن الناس بالأمل والتفاؤل والثقة في قدرات وإمكانيات هذا البلد وهذا الشعب.. وإيقاظ الروح الوطنية حتي يعزف الجميع لحناً واحداً.
ليست شعارات ولا أحلاماً، ولكن مصر لن تنهض ولن تواجه أزماتها إلا بهذه الروح، فلا يمكن أبداً أن تطلب من الناس شيئاً، إلا إذا فرشت لهم الطريق إلي الأمل.
الطريق إلي الأمل يبدأ بالعدالة، وإصلاح الموازين المختلة، التي جعلت البعض يتوحش في الثراء، والبعض يستأسد في الفقر، وبينهما طبقة ترقص علي السلم.

E-Mail : [email protected]