الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأدباء خارج القاهرة: نرفض أداء الوزير





هل ستظل القاهرة دائما هى المحور والمركز لكل الأحداث والغليان فى حين أن أقاليم القاهرة بامتداداتها يسودها الهدوء وربما كثيرون لا يدرك حجم ما يحدث ولا يتصوره جيدا، وهو ما يدفعنا للتساؤل، ما موقف أدباء «الأقاليم» من أزمة وزارة الثقافة والجماعة الثقافية والتصعيد بالاعتصام داخل مكتب الوزير كأحد أشكال الضغط على الحكومة المصرية لإقالته، وذلك تزامنا مع ذكرى نكسة 5 يونيو التى اعتبرها المثقفون نكسة للثقافة المصرية أيضا.
 
 
الروائى أحمد أبوخنيجر يقول: هل يوجد بالفعل ما يسمى بالجماعة الثقافية فى مصر كلها؟، فالجماعة الثقافية تعنى أن لديها مجموعة من المبادئ والمفاهيم التى تتحرك فى ضوئها، فهل الجماعة الثقافية المصرية لديها القيم المعنية بالثقافة مبدئيا أم لا؟ أم أنها مجموعة من المصالح المتعارضة؟، ففى ظنى أنه لا يوجد فى مصر «جماعة ثقافية»، كما أن المثقفين يتحركون كأفراد منفردين من أجل المصالح، إنما حين يتحركون كجماعة فذلك يكون عند الإحساس بالخطر ومع كامل احترامى التجمع هنا يحكمه منطق القطيع.
وأضاف: لا أريد أن أكون كمن يجلد ذاته أو يجلد المثقفين، لكننى أتساءل اين هى الجماعة الثقافية وما موقفها من القضايا المصرية المهمة قبل ذلك؟، وقت الثورة وحين وضع الدستور المشبوه وغيرها من قضايا مصيرية كانوا مختلفين ومنقسمين، فما يفعله الوزير الجديد اليوم هو أنه أخرج الثقافة للشارع التى كانت طوال الوقت أنشطتها سرية ومخنوقة بين الجدران، وأقصد هنا بالحركة هى خروج المثقفين للشارع وإعلانهم عن أنفسهم وإعلانهم عن مطالبهم واحتجاجاتهم، وربما يكون ذلك بارقة أمل لخروج المثقفين إلى الشارع وتواجدهم به، فمهمة وزارة الثقافة الأساسية هى نقل الثقافة للشعب، وهو ما لم يكن يحدث طوال الوقت، لكننى بالطبع أرفض تماما أداء الوزير الجديد وضد كل ما يفعله، لكننى أردت أن أقرأ المشهد الثقافى من زاوية أخرى، لأن الدور الحقيقى للمثقف هو توعية المجتمع.
بينما شاعر مربعات الواو عبدالستار سليم، فى رؤية مغايرة يقول سليم: الحقيقة أن معظم المثقفين هنا بنجع حمادى بعيدون تماما عن هذه الأجواء المشحونة والأخبار تصلهم متأخرة جدا، فلا نعيش حالة الزخم أو الثورة كما هو الوضع فى القاهرة، فطبيعة القرى هنا متباعدة عن بعضها بالتالى يصعب الاجتماع بكل هؤلاء، إنما نحن أقمنا ندوة بقصر ثقافة نجع حمادى والذى يضم الكثيرين من الأدباء والمثقفين ناقشنا فيها الثقافة الحالية وما المطلوب منها والتحركات التى تتم بالوزارة من حيث وزرائها وموظفيها، وفى رأيى الشخصى أن تغيير الوزير أكثر من مرة بعد وزير ظل قرابة الربع قرن قدرنا أن نعرف عيوبه ومحاسنه يعنى أنه لابد من أن ننتظر قليلا على الوزير الجديد لنفهم مشروعه وما يريده من وزارة الثقافة، لكن نحن على عجلة الآن ونستبق الأمور التى لم نعيها بعد، فما نعيشه حاليا من أوضاع قلقة ومتوترة بشكل عام هى لحظة خارج سياق الزمن الثقافى الذى يحتاج إلى فترة طويلة ليتبلور فيها، كما أننى مندهش من أن وزارة الثقافة ليست من الوزارات المؤثرة او السيادية مثل الخارجية مثلا أو الداخلية، فلماذا تغيير وزيرها باستمرار؟ لماذا لا يسأل المثقفون أو يتم التشاور معهم لترشيح مثقف مناسب للمنصب؟، وأرى أنه من الإنصاف للوزير الجديد والأفضل للجماعة الثقافية أن نمنحه فرصته ونفهم ماذا يريد، فمشكلة الوزير الجديد أنه غير مدرب على الإدارة ويبدو أنه أتى لمهمة محددة، فى المقابل على المثقفين التأنى فى قراراتهم وأن نبحث ما تريده أو تحتاجه منا مصر الآن.
 ويوضح الشاعر حسونة فتحى عضو لجنة الشعر بالأعلى للثقافة الموقف بسيناء قائلا: لا تزال سيناء ومثقفو سيناء مستمرون فى نضالهم وكفاحهم ضد تهميشهم للوصول إلى مكان يعبر عن حجمهم وقوتهم الحقيقية على الخريطة المصرية الثقافية، إنما المشكلة أن قصر ثقافة سيناء متهدم تماما لأكثر من أربع سنوات مضت، والمكاتب منقولة فى جزء من مجلس المدينة مزري، حتى أننا نعقد اجتماعاتنا الأدبية ونادى الأدب فى ديارنا، حتى المكتبة العامة بالعريش موقعها سيئ جدا فى موقف نقل وتكون خطرة جدا عند المساء، فعلى العكس مثقفو سيناء متفاعلون تماما فالجميع وقع استمارات «تمرد» وغالبيتهم سيأتون إلى القاهرة للمشاركة بالتظاهرات، إضافة لتظاهرات ميدان الحرية بالعريش، فمشكلة سيناء قديمة ومع مرور الزمن تحولت إلى بؤرة للتطرف والسلفية وما يأتينا من إسرائيل عبر الأنفاق فالكل يعبث فى سيناء وكل هذا يضر بثقافتها.
فى تحليل ووضوح لحقيقة وضع أدباء الأقاليم يقول الدكتور صلاح الراوى رئيس مؤتمر أدباء جنوب الصعيد لهذا العام الذى يقام تحت عنوان «الثقافة والديمقراطية»: المؤتمر يناقش على مدار ثلاثة أيام «القبيلة والتغيير الديمقراطي» و«الأدب ومستقبل الديمقراطية» و«العنف فى الخطاب الثقافى الجديد»: الحقيقة أن الصعيد أصبح غريبا فى توجهاته، وأظن أن فكرة تسمية «أدباء الأقاليم» هى استكمال لتهميش الأدباء خارج القاهرة والحقيقة أنه تم استدراك ذلك فيما بعد ليتغير اسم مؤتمر الأدباء من «المؤتمر العام أدباء الأقاليم» إلى «مؤتمر أدباء مصر» ، إنما الأدباء أيضا بالمحافظات هم شركاء فى هذا التهميش، فكل منهم يرى أن القاهرة هى الأساس وهى القاعدة لنجوميته الأدبية وهو ما ليس صحيحا إطلاقا، فدور المثقف أو الأديب فى موقعه، وإن كنت أرى أن كثيرا من الأدباء بالأقاليم قد نالوا حظهم من النشر والتقدير لإنتاجهم الأدبي، وفى المقابل هناك من هم مقيمون بالقاهرة ولم ينالوا حظهم، الأمر الثاني، دائما ما هناك علاقة «ابتزاز» فى رأيى الشخصى ما بين قصور الثقافة الجماهيرية وما بين الأدباء بالأقاليم، من حيث إن القصور تقوم بنشاط ثقافى وفنى وهى غير مؤمنة به، وفى المقابل الأدباء يتعاملون بمنطق « حقنا بناخده»، فقد حضرت عشرات المؤتمرات وأدرت العديد من المؤتمرات بالأقاليم، للأسف قليل جدا من يهتمون بالحضور والمتابعة مقابل الجالسين على «القهوة»، وأتذكر هنا «الوثيقة الثقافية» التى وضعها سليمان حزين وزير الثقافة الأسبق منذ أكثر من 30 عاما وكانت بمثابة ميثاق شرف ثقافي، وأدعو الجميع بالرجوع إليه، فما يحدث الآن ما هو إلا مجرد إعادة وتكرار لكل الموضوعات وكل القضايا التى لا تحل ولا تنتهي.