الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

النساء يتحملن وحدهن نتائج التحرش




من أبرز نتائج ثورة عام 2011 تزايد التواجد النسائى فى العمل العام، إلا أن هذا التواجد قد صاحبه استمرار التحرش الجنسى والعنف ضد المرأة المصرية.

ناقش أستاذا الجامعة الأمريكية بالقاهرة، آن جاستاس، رئيس قسم علوم الاجتماع والإنسان والنفس والمصريات وطبيية نفسية ممارسة وهيلين ريزو، أستاذ مساعد فى علم الاجتماع، التحرش فى مصر بعد الثورة وهما يريان أن  التحرش الجنسى يؤذى النساء من جميع الطبقات والمذاهب، وقد يكون التحرش جسدياً أو جنسياً أو نفسياً.. توضح جاستاس أن التحرش الجنسى يعد شكلاً من أشكال الإساءة. تقول جاستاس: «أعتقد أن نحو 85% - 90% من النساء اللاتى أقابلهن أثناء ممارسة عملى قد تعرضن إلى شكل من أشكال التحرش الجنسى، أو الاغتصاب، أو العنف الجسدى، التى كثيراً ما تصدر عن أفراد أسرهن».
تعرف الأمم المتحدة التحرش الجنسى بأنه «فعل غير مرحب به من النوع الجنسى، أو طلب للحصول على إرضاءات جنسية، و أى سلوك آخر لفظى أو جسدى ذى طبيعة جنسية». يحمل مصطلح التحرش الجنسى فى طياته نطاقًا واسعاً من السلوكيات والتصرفات، التى تتراوح بين الاغتصاب والتلفظ بتعليقات أو إطلاق الدعابات الجنسية، والتى يمكن أن تحدث فى مكان العمل، أو الشارع، أو المنزل.
توضح جاستاس أن الرغبة فى إيذاء شخص آخر سواءً كان لفظياً، أو جنسياً، أو جسدياً ينبع من الشعور بالضعف أو انعدام الثقة، حيث يحاول المهاجم من خلال هذا الاعتداء أن يشعر بالقوة والتحكم. وتضيف، قد تكون عقلية المهاجم السائدة هى عقلية غوغائية، حيث يحدث الهجوم فى الأماكن العامة، وبالتالى يسهل على المهاجمين المحتملين إيذاء ضحاياهم. تقول جاستاس «إنه أمر غير شخصى، فهو أمر يتصل بالنوع. ومع استمرار شعور الرجال المصريين بالغلبة على أمرهم أو بالانفصال عن السلطة السياسية بعد الثورة، قد تكون ردة أفعالهم تجاه ذلك هو التغلب على النساء. وبناءً عليه، إن أردنا أن يتوقف الإيذاء والهجوم، يجب أن يجد هؤلاء المهاجمون مصادر أخرى لتشعرهم بالثقة فى النفس. يجب أن يحدث تحولاً فى فهمنا لهذا السلوك الهجومى حتى نتوقف عن التساهل مع مثل هذا السلوك أو التغاضى عنه فى صمت».
تنتج أيضاً حوادث التحرش عن آثار نفسية سلبية هائلة لدى الضحية. تقول جاستاس، «إن الأعراض تكون شبيهه بأعراض الاضطراب النفسى لما بعد الصدمة. قد يصعب على النساء النوم ويصبن بالصداع بسبب التوتر. وبوجه عام، يشعرن بالحزن والخوف و الخزى».
توضح جاستاس، التى تدربت فى الطب النفسى بالولايات المتحدة الأمريكية، أنه بينما تقوم جميع الثقافات بكتمان وإخفاء التحرش ونتائجه النفسية، يعمل النشطاء فى مصر الآن على الترويج لحملات لمنع التحرش بشكل أفضل. تقول جاستاس «هناك رسالتان دائماً ما يطلقهما النشطاء الأمريكيون فى هذا الخصوص بوجه عام. أولاً: إن التحرش ليس غلطتك، وثانياً: إن كنت تتعرضين للإيذاء، فعليك الخروج من هذا الموقف. سيكون أمراً مثيراً للاهتمام أن نرى أى هذه الرسائل سيتم استخدامها فى محاربة التحرش الجنسى والعنف المنزلى على المدى الطويل».
يعتبر تقبل السيدات للرسالة الأولى مهمة صعبة. تقول جاستاس «تتحمل الكثير من النساء مسئولية ما يحدث لهن من تحرش، ويلمن أنفسهن على ذلك، ويقسين على أنفسهن من الناحية النفسية. وعادة ما يتم ترسيخ تلك الأفكار من قبل الثقافة المحيطة بهن».
تعتقد جاستاس أن أفضل طريقة لمحاربة التحرش أو مثل هذا النوع من الأذى هى التحدث علناً عن الأمر، «سنعرف ما مدى تأثيره مع الوقت، لكن ما يهم هو تزايد معرفة الناس بمشكلة التحرش الجنسى».
تعمل ريزو مستشار بمنظمة خريطة التحرش (امسك متحرش) HarassMap، وهى منظمة تصنف حوادث التحرش الجنسى وتضعها على خريطة لمصر على الإنترنت. تذكر ريزو أن البيانات الموجودة على الخريطة لا تمثل العدد الفعلى لحوادث التحرش الجنسى لأنها تشتمل على الحوادث التى يتم التقدم بها فقط.
تقول ريزو «تحاول الكثير من مجموعات حقوق الإنسان أن تدفع الرجال لتحمل مسئولية أفعالهم و لكن لا تتوافر معلومات كافية عن كيفية القيام بذلك. يعد المركز المصرى لحقوق المرأة أحد المراكز التى تسعى للقيام بذلك الأمر. يسعى هذا المركز إلى إصلاح القوانين المتعلقة بالتحرش الجنسي، حيث أن القوانين الحالية تفرق بين تصنيفات خاصة بالإهانة والاغتصاب، دون تعريف لما هو التحرش الجنسي، وبالتالى يجعل من الصعب تجريم ومعاقبة مرتكبى حوادث التحرش».
هناك منظمة أخرى أصبح لها تواجد متزايد وهى قوة ضد التحرش الجنسى الجماعيOperation Anti-Sexual Harassment (OpAntiSH)، والتى تنشر وقائع التحرش الجنسى على صفحتها على موقع فيسبوك. تقول جاستاس «هناك المزيد من قصص التحرش الجنسى التى ستخرج إلى النور والتى حدثت أثناء الثورة. وحتى مع الحديث المتزايد عن هذه القضايا فى وسائل الإعلام، تنتظر النساء سنوات لكى يحكين قصصهن. إنه لأمر مشجع للغاية أن تبدأ السيدات فى التحدث علناً عن تجاربهن، ويتطلب القيام بذلك الكثير من الشجاعة، ويساعد كل من الرجال والنساء على إدراك إنسانيتهم المشتركة».