الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

يسرى عبد الله: الشاعر منتمى إلى ناسه ويمكن الرهان عليه




أقيم بمركز سعد زغلول الثقافى حفل توقيع ومناقشة الديوان الأول للزميل أحمد الرومى «حته وطن»، وشارك فى مناقشته الدكتور يسرى عبد الله والشاعر خالد محمود، قال الناقد الدكتور يسرى عبدالله: فى حته وطن يبدو الشاعر الشاب أحمد الرومى مسكونا بهذه الروح المصرية الشفيفة التى تلخصها قصائد، مثل: «شبرا الوطن/الرمضانجية/ من وش مصرية/ على بابها/ على أسفلت التحرير/حلو..موت» وبما تحويه من انتصار للهوية الوطنية المصرية عبر الاحتفاء بكل ما هو إنسانى ونبيل وحر وتقدمي، وربما كان هذا الأمر مناط الجدارة فى هذا الديوان الغارق فى الإيقاع إلى الحد الذى تصير معه بعض القصائد بمثابة أنشودة غنائية مليئة بالموسيقى أكثر من امتلائها بالدلالة.
 ثمة استراتيجية حاكمة لوجود القصائد وترتيبها فى مستهل الديوان، فهذا ديوان يبدأ بداية دالة ومنطقية: «من هنا تبقى البداية»، والتى تحوى لحظة الكشف/ لحظة الخلاص،عبر مجابهة العالم، بقبحه ورجعيته، وقسوته، وينطلق الشاعر إلى حيز مختلف يدفع فيه المتلقى إلى حافة الفعل، ثم تتلو قصيدة البداية قصيدة أخرى تصنع استرجاعها الخاص، حاملة عنوانا دالا:» قبل الميلاد يجى بسنة»، عن الأحلام التى كانت، وهنا تأخذ القصيدة نزوعا ذاتيا، فنصبح أمام تأريخ فنى للذات على نحو لا لبس فيه، ثم تأتى قصيدة «يوم الميلاد» لتؤكد هذا المدلول:» صاحت الداية قالت له:/ حلو(أحمد)؟ قالها: والله ما أرد ليك كلمة/ اسمه أحمد».
 يبدو الاستهلال بديعا ومختلفا فى قصيدة «على بابها»، حيث يستعير الشاعر مفاهيم البلاغة العربية القديمة، وخاصة فى المقطع الثالث من النص، وهنا ينفتح النص على مدارات تأويلية متعددة، تكشف عن ثرائه، وبكارته فى آن.
 يؤنسن الشاعر المكان فى قصيدة «شبرا الوطن» والتى تعد ترميزا على المكان العام/مصر، وما يحويه من تنوع ثقافي، وموزاييك حضاري، ابن التنوع والتعدد المصرى الخلاق. وفى قصيدتى «الرمضانجية» و«وش مصرية» نصبح أمام ذلك العالم الخاص ابن بيئته المحلية وناسه، حيث الاحتفاء بعناصر الثقافة الشعبية والمكان المصرى البهي. يبقى أن هذا الديوان بحاجة لتعامل أكثر ذكاء مع الإيقاع بحيث يتم تطويعه من قبل الشاعر، ولا يلهث الشاعر نفسه خلفه، كذلك لا بد من أن يشكل أحمد الرومى صوته الشعرى الخاص، خاصة وأنه شاعر موهوب، يمكن الرهان عليه، فهو شاعر منتم إلى ناسه، مدرك لخصوصية الثقافة المصرية، لا يخلو من المكر الفنى الذى أتمنى أن يبنى عليه الشاعر وينميه لنكسب صوتا شعريا خالصا يقف إلى جوار أبناء جيله من شعراء العامية المصرية الموهوبين على اختلافهم وتنوعهم، مثل: سالم الشهباني، و إبراهيم رفاعي، وأحمد عبدالجواد، ومحمد عز، وخليل عز الدين، وغيرهم.
وقال الشاعر خالد محمود: من بين ترابيس الامان والحماية من القرش الحرام وحصار الدفا والحنان.. جاءنا شاعرا محملا بهموم الكادحين املا فى حياة آمنة وأخرى مطمئنة.. أحمد الرومى. هو شاعر لا يشم من روائح الوطن المتعددة الا رائحة عرق الكادحين النازحين كل صباح من الازقة والحوارى والبيوت المملوءة بالمودة والحب، أكثر من الخبر، أحمد الرومى شاعر لا ترى عينيه من بنات الوطن الا البنت الشبراوية (المخربشة) وما شباهها، ولا يرى فى وجوة المصريات الا الثورات.
وهو برغم كل المعطيات الراهنة من انكسارات واحباطات من المفترض أن تؤدى الى الاكتئاب وفقدان الامل.. الا انه مازال يحمل الامل ويبثه فى ابداعاته، ولانه لايرى املا قريب فى واقعه الراهن.. فاعتصم بعقيدته باعتبارها الأكيد الوحيد لديه وقد انفلت هذا الشعور جليا فى قصيدة (قبل الميلاد يجى بسنة).
وفى ديوان حتة وطن للشاعر احمد الرومى الذى يضم عدد 23 نصاً شعرياً لا يخلو نص من ملامح الوطن الذى يحمله الشاعر بداخله بكل ما يحتويه هذا الوطن من ملامح الجمال والقبح.. فهو يعشق الوطن كما هو بكل تفاصيله التى مل منها معظم ابناء جيله الا احمد الرومى حتى ان ملامح هذا الوطن المعشوق لديه، تصدرت عناوين بعض النصوص مثل (شبرا الوطن – الرمضانجية – من وش مصرية – على اسفلت التحرير) وهى قصائد يتصدرها الوطن من المبتدأ الى المنتهى، وتتخللها المهن المصرية (عامل ارزقى – الداية) ثم تكرارها اكثر من مرة فى اكثر من نص (البياعين – المسحراتى – الصنايعى – الاسطى – البقال – الاستاذ المدرسى).
وبرغم ما يحوية ديوان (حتة وطن) من نصوص تماست مع كل الهموم ما بين العام والخاص، وطرح المشاعر المتعددة والمتباين، واستخدام مفردات متنوعة، وصياغة تحمل الكثير من الجمال وتحقق المتعة لدى القارئ، وتفاؤل جيد.. الا اننى ارى اننا امام تجربة ابداعية مازالت تبحث عن خصوصيتها وبصمتها المتفردة.. وانتظر من الشاعر أحمد الرومى روح أحمد الرومى خالصة متجردة من عوالق محاولات اثبات وطرح الذات الشاعرة المختزنة بتراكمات أتصور أنه قد تخلص منها، أو من معظمها فى هذا الديوان الذى خدعنا بتسميته (حتة وطن) وهو يحمل بين صفحاته كل الوطن.