الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وزارة الداخلية استخدمت قنابل غاز فاسدة في أحداث محمد محمود






روزاليوسف اليومية : 11 - 12 - 2011


مفاجأة فجرها "روبرت بيتمان" مدير الاتصالات والعلاقات في مجموعة "شيمرينج" البريطانية الموردة لأسلحة التدابير الدفاعية المضادة وبينها قنابل الغاز المسيل للدموع للداخلية المصرية قادتنا للكشف عن فضيحة وجود قنابل غاز مسيل للدموع فاسدة في مصر ، حيث إن آخر شحنة من قنابل الغاز المسيل للدموع من نوع "سي إس" من انتاج شركته أرسلت إلي الداخلية المصرية بتفويض رسمي وبعلم الحكومة البريطانية في عام 1998 ومعها ضمان لمدة عام مع فترة صلاحية استعمال لمدة 3 أعوام مؤكدا أن ظهور عبوات شركته خلال أحداث نوفمبر 2011 بالقاهرة يعتبر فضيحة أسلحة فاسدة متكاملة الأركان تتحمل وزارة الداخلية المصرية مسئوليتها كاملة.
وكشفت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية في «4» ديسمبر 2011 حقيقة استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع من نوع (سي إس) إنتاج شركة "شيمرينج جروب" للصناعات العسكرية البريطانية خلال الأحداث المأساوية التي وقعت في الفترة من السبت 19 إلي الخميس 24 نوفمبر 2011 وسجلت في تاريخ أحداث الثورة المصرية باسم واقعة شارع محمد محمود.
ومبدئيا الاسم "سي إس" مأخوذ من الاسمين الأولين من اسمي عائلة مكتشفي الغاز في كلية ميدلبيري ببريطانيا عام 1928 وهما "بن كورسون" و "وروجر ستوتون" ، أما شائعة استخدام الداخلية المصرية لقنابل فسفورية أو لقنابل غاز الأعصاب في محمد محمود فهو عار تماما من الصحة لعدم وجود تلك الأنواع في مصر أصلا ولو استخدمت لقتل الآلاف في دقائق معدودة وذلك طبقا للرأي الفني لخبراء معامل "روك مانور للبحوث العسكرية" البريطانية المملوكة منذ عام 2010 بالكامل لشيمرينج.
مجموعة شيمرينج هاوس جروب تقع في 1500 بارك ويتييلي بضاحية فيرهام هامبشاير البريطانية وهي شركة لها فروع عالمية لإنتاج أنظمة التدابير الدفاعية المضادة ومنها قنابل الغاز التي تستخدم في حالات الإنذار والطوارئ مثل قنابل دخان الاستغاثة وكذلك قنابل الغاز المستخدمة في التدريبات العسكرية حتي قنابل الغاز التي تطلق من الطائرات بغرض تضليل صواريخ الأرض جو كما أن الشركة تنتج الذخائر الدخانية الخاصة شيمرينج جروب عدد عمالها 3379 أما مديروها فعددهم 24 رئيسها التنفيذي هو "دافيد بريس" ورئيس مجلس إدارتها "كينيث سكوبي" أما حجم استثماراتها فهو 597 مليون جنيه استرليني والشركة مسجلة في وزارة الصناعة ببريطانيا برقم 87772 بتاريخ 30 نوفمبر 1905 وهو ما جعلهم يشعرون في نوفمبر الماضي بالحزن الشديد أثناء الاحتفال بالعيد ال106 لاتهامهم بالتسبب في سقوط الضحايا في مصر.
"روبرت بيتمان" مدير الاتصالات والعلاقات في مجموعة شيمرينج كشف أن آخر شحنة قنابل من غاز ال"سي إس" أرسلت للداخلية المصرية عام 1998 كانت معها كتيبات تشغيل تلزم العميل إما برد الشحنة لشيمرينج للتخلص منها أو أن تتعهد الداخلية المصرية بإعدام أي شحنة مضي علي إنتاجها أكثر من ثلاث سنوات لأن صلاحية قنابل الغاز 3 أعوام فقط مؤكدا أن الوزارة في مصر تعهدت يوم توقيع العقود بإعدام الشحنات المنتهية صلاحيتها بشكل دوري عن طريق التفجير الآمن بالصحراء المصرية وهو ما لم يحدث.
أما دليل شيمرينج البريطانية فهو عينات سلمت في التحرير لصحيفة الإندبندنت بينها فوارغ لقنابل من إنتاجهم أقدمها حمل تاريخ إنتاج عام 1995 وهو السبب وراء وصف شيمرينج لما حدث بفضيحة الأسلحة الفاسدة حيث تعد قنابل الغاز المسيل للدموع من بين الأسلحة.
سؤال مباشر حول إمكانية أن تقتل قنابل الغاز المسيل للدموع الإنسان كانت إجابته واضحة فعقد التصدير يلزم الدول المستوردة للغاز المسيل للدموع من نوع سي إس بإنشاء وحدات لطب علاج سموم الغازات بكل معاهد ومستشفيات الدولة وهو ما اتضح أنه لم يكن متوافرا في محمد محمود وهو السبب وراء اتهام مصر بخرق المعاهدة الدولية لحظر استخدام قنابل ال «سي إس» وإصدار الدكتور "عمرو حلمي" وزير الصحة في حكومة عصام شرف قرارا بإنشاء وحدات علاج السموم من الغازات.
شيمرينج تعترف بأن قنابل الغاز بها سموم خطيرة وعلاجها الفوري هو حقن الاتروفين بمقدار 10 مليجرامات للمصاب ولهذا تلتزم الدول التي تستخدم قنابل ال«سي إس» بضرورة توفير عربات إسعاف مجهزة بمئات الجرعات من حقن الاتروفين لإنقاذ الضحايا خاصة من يعاني بينهم بأمراض صدرية سابقة وهو إجراء لم يحدث في محمد محمود بل حتي منذ اندلاع الثورة بمصر في 25 يناير.
الموت بقنابل الغاز المسيل للدموع ممكن ولم يلتفت إليه أحد والمؤسف أننا وجدنا تحقيقات سابقة في هيئة الأمم المتحدة لحالتي وفاة بسبب قنابل غاز ال«سي إس» الأولي في 17 أبريل 2009 لمواطن فلسطيني يدعي "باسم أبو رحمة" قتل علي أيدي قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بطلقة غاز سي إس مسيل للدموع أصابت رأسه مباشرة فقتلته علي الفور أي أن الطلقة وحدها يمكنها أن تقتل إنسانا.
الأغرب أن الحالة الثانية كانت في وفاة المواطنة الفلسطينية "جواهر أبو رحمة" في 10 يناير 2011 وهي للمصادفة الشاذة شقيقة الضحية الأولي أما موتها فقد كان بسبب الاختناق في مكان مغلق بقنبلة غاز سي إس مسيل للدموع.
حالتان حققت هيئة الأمم المتحدة فيهما وثبت فيهما إمكانية القتل بقنابل الغاز المسيل للدموع ومن تقرير الوفاة نجد السبب الرئيسي كان في التعرض لغاز "كلورايد الميثيلين" المتولد من تفجير عبوة قنبلة الغاز.
وعن سؤال شيمرينج عن الاستخدام العشوائي داخل المناطق المغلقة أكدت أن إطلاق قنابل غاز سي إس داخل مناطق مغلقة كما حدث في المستشفيات الميدانية العشوائية بميدان التحرير يعني بالقطع أن مطلق العبوة أراد إبادة من بالداخل بشكل مباشر بل يدخل ذلك في إطار القتل العمد.
إن تقرير مركز الجيش الأمريكي للطب الوقائي عن قنابل غاز ال«سي إس» عام 2000 أثبت أن غاز سي إس يؤدي مباشرة لتكون مادة (السيانيد) السامة داخل الأغشية المخاطية للجسم حيث يصدر عن القنبلة عقب التفجير أبخرة شديدة السمية كما أن هناك مذيبا كيميائياً بالقنبلة معروف علميا باسم "إم آي بي كي" يساعد علي إذابة مادة سي إس وإطلاقها في شكل الدخان ويسبب المذيب وحده حروقا في الجلد وتلفا في خلايا الكبد لدي الانسان الذي يتعرض لقنابل الغاز مباشرة.
لا تنتهي المعلومات حيث نشرت منظمة العفو الدولية في 6 ديسمبر 2011 تقريرا أثبت توريد شركة "كومبينيد تاكتيكال سيستم" الأمريكية - الإسرائيلية المصنعة لقنابل الغاز المسيل للدموع (سي إس) لنحو 105 أطنان إلي مصر من يناير وحتي أحداث شارع محمد محمود محددة حتي أسماء السفن التي حملت القنابل وتواريخ وصولها إلي الموانئ المصرية.
إذا التأكيدات حول امتلاك وزارة الداخلية لنوعيات الغازات بالاسم والتواريخ والبيانات والعبوات ناهيك عن المئات من شهود العيان الذين حكوا تأثير تلك القنابل المميتة علي الثوار والأطباء وغيرهم من مراسلي الصحف الأجنبية والمصرية في الميدان لا خلاف عليه خاصة أن مشرحة زينهم قد استقبلت عددا كبيرا من الشهداء الذين شرحت أجسادهم هذه هي الحقيقة العلمية بجلاء حتي ولو تم التعامل سياسيا مع التقارير الطبية.
وعند النظر في معاهدات وقوانين هيئة الأمم المتحدة نجد إتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيماوية لعام 1993 التي تمنع استخدام غاز ال«سي إس» في الحروب قد وقعت عليها جميع دول العالم عدا ست دول هي مصر وإسرائيل وسوريا وأنجولا والصومال وكوريا الشمالية.
ثم نجد اعتراضا مصريا علي التوقيع علي الاتفاقية الدولية مسجلا من "حبيب إبراهيم العادلي" وذلك عقب توليه الوزارة في 18 نوفمبر 1997 ملحقا به تفسيرا قانونيا غريبا شرح للأمم المتحدة سبب عدم توقيع مصر علي حظر استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع من نوع سي إس علي أساس أن الاتفاقية الدولية حظرت الاستخدام في الحروب بين الدول ولم تذكر صراحة في صلب المعاهدة الحظر علي المدنيين وعليه أباح العادلي من يومها استخدام قنابل الغاز ضد المصريين.
كما أن الإدارة الأمريكية أسندت في 2 ديسمبر 1999 للعالم الألماني البروفيسور "أوفي هاينريش" أستاذ السموم وبحوث الغازات العالمي ومدير معهد "فراونهوفر" للسموم وبحوث الغازات بمدينة هانوفر بألمانيا مهمة رسمية تحت إشراف "جون دانفورث" مدير مكتب الاستشارات الخاصة الأمريكي لدراسة ملف عملية مداهمة جهاز المباحث الفيدرالية الأمريكية لوكر الطائفة البروتستانتية الداوودية بالقرب من مجمع "مونت كارمل" بواكو ولاية تكساس بقنابل غاز ال"سي إس" المسيل للدموع في 19 أبريل عام 1993 والتي أدت لمقتل عدد كبير من أعضاء الطائفة وذلك لبحث تقديم المسئولين عن العملية للقضاء الأمريكي بناء علي اتهامات حديثة لذوي ضحايا العملية بأن الغاز كان سبب الوفيات.
وفي 28 سبتمبر 2000 نشر العالم الألماني هاينريش نسخة من تقريره العلمي النهائي الذي أصدره في 56 صفحة للإدارة الأمريكية وقد حصلنا علي نسخة منه أكد فيه بشكل قاطع أن غاز سي إس المسيل للدموع في حالة استخدامه بكثافة تفوق تركيز 20 مليجراما في المتر المربع الواحد يؤدي للموت المحتوم لعدد 5 أشخاص من بين كل 500 إنسان سيصادف تواجدهم داخل ذلك المتر المربع.
المثير أن ذلك التقرير هو نفسه الذي اعتمدت عليه منظمة العفو الدولية وأمينها العام "ساليل شيتي" في اتهام الشرطة المصرية بسوء استخدام قنابل الغاز في شارع محمد محمود مما أدي لسقوط القتلي والجرحي بين الثوار المصريين .
وأكدت التحقيقات الرسمية مع شيمرينج البريطانية سلامة موقفها وأن التصدير جاء طبقا للقانون البريطاني وأن العبوات القاتلة في محمد محمود كانت عبوات الشركة الأمريكية - الإسرائيلية الأخري"كومبينيد تاكتيكال سيستم" التي وردت قنابل الغاز من نفس النوع للداخلية المصرية وذكرت في تقرير العفو الدولية بعد أن أثبت تقرير معامل الإتحاد الأوروبي أن عبوات الشركة الأمريكية - الإسرائيلية بها تركيبة قاتلة.
وفي المجمل أكدت شيمرينج البريطانية علي لسان "روبرت بيتمان" مدير الاتصالات والعلاقات أن شروط تخزين قنابل الغاز المسيل للدموع تلزم المستخدم توفير بيئة خالية من الرطوبة وأنه في حالة انتهاء فترة صلاحية العبوات بعد 3 سنوات سيحدث تخثر سريع سيصيب المادة الكيميائية داخل العبوة مما سيؤدي لعدم إحداث دخان كثيف عند الاستعمال ولن يعلق الدخان والمادة الفعالة بالجو لوقت طويل وبالتالي ستقل خطورة الغاز لتبقي خطورة انفلات المواد الكيميائية الحارقة من العبوات حسب ظروف إطلاق كل عبوة علي حدة وطريقة إصابة الفرد المتظاهر بالعبوة .