الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

قارة جهنم فى الفيوم تشكو جحيم الإهمال




قارة جهنم، وادى المساخيط، جارة جهنم، كلها أسماء أطلقت على محمية وادى الحيتان بالفيوم، والتى تقع على بعد 36 كيلو متراً غرب البحيرة السفلى بوادى الريان، وهى متحف مفتوح يضم هياكل عظمية لحيتان متحجرة وكائنات بحرية فقارية ولا فقارية تعود إلى عصر «الأيوسين الأعلى» أى منذ نحو 45 مليون سنة.
 
الدكتور أسامة السيد عبد النبى الاستاذ بقسم الإرشاد السياحى كلية السياحة والفنادق بجامعة الفيوم يؤكد أن أول زيارة بحثية لاستكشاف منطقة وادى الحيتان بدأت عام 1800 وتم العثور على أول هيكل عظمى متحجر لأحد حيتان المنطقة عام 1830 ولكن لم يتم جمع أجزائه، ومنذ عام 1961 إلى 1986 تم عمل حفائر فى المنطقة جمع من خلالها عشرات الآلاف من القطع المتحجرة التى يعود تاريخها إلى أكثر من 45 مليون سنة.
 
وأشار إلى أنه منذ هذا التاريخ كانت الحدود الجنوبية لبحر «التيزيس» جد البحر المتوسط الآن فى منطقة الفيوم، وكان موقع وادى الحيتان خليج مملوء بنبات «المانجروف» والأسماك العظمية ما جعله بيئة مناسبة للحيتان والكائنات البحرية الأخرى أن تتكاثر وتأكل فى هذا الخليج، إلى أن انحسر البحر للشمال تاركا هذا الخليج بمفرده ما أدى إلى جفافه، ومع ملايين السنين تحجرت الكائنات البحرية الموجودة فيه واحتفظت الصحراء بحياه بحرية كاملة، كى يرى المشاهد الآن الهياكل العظمية للحيتان بهذا المنظر العجيب، كما يرى جذور نبات المانجروف المتحجرة، فضلا عن تميز المنطقة بالتكوينات الصخرية الساحرة التى تشبه فطر «الماشروم» عيش الغراب، فلما انحسر البحر ترك تكوينات صخرية كالحجر الجيرى والرملى وطبقة رسوبية من الطمى بسبب عوامل التعرية التى أعطته شكل نبات الماشروم.
 
وأوضح عبدالنبى أن عدد الهياكل العظمية المتحجرة للحيتان بلغ 406 منها ‏205‏ هياكل عظمية كاملة ترجع إلى 45 مليون سنة، بالإضافة إلى وجود الكثير من الحيوانات والأسماك الأخرى مثل: ‏«القروش، والأسماك العظمية، وأبو منشار، والسلاحف البحرية، وغيرها من الكائنات البحرية».
 
وقال الاستاذ بقسم الإرشاد السياحى كلية السياحة والفنادق بجامعة الفيوم إن هذه المنطقة تعد من أجمل بقاع العالم لوجود التلال الصغيرة والنتوءات الصخرية البديعة المنظر من الحجرين الجيرى والرملى ذات الأشكال المتنوعة التى أعطت لها طابعاً مميزاً، ولذلك سجلتها منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم «اليونسكو» فى اجتماع لجنة التراث العالمى الذى استضافته مدينة «دربن» بجنوب إفريقيا فى يوليو 2005 فى قائمة المحميات الطبيعية كأول موقع طبيعى مصرى يتم تسجيله فى قائمة اليونسكو كتراث طبيعى عالمى باعتبارها تضم حفريات لنوع منقرض من الحيتان فى الصحراء الغربية بمصر، الأمر الذى ساعد العلماء على معرفةمراحل تطور حياة هذا الكائن الثديى الذى تحول على مر السنين من كائن برى إلى كائن بحرى.
ربما جعلت هذه الاكتشافات وادى الحيتان بمثابة صندوق للعجائب وطرحت أسئلة كثيرة عن كيفية وصول هذه الكائنات البحرية على جوف الصحراء أو جهنم كما يطلق البعض هذا الاسم على الوادى.
 
 ولفت عبدالنبى إلى أن التفسيرات التى وضعت لوجود تلك الكائنات بالمنطقة تنوعت ما بين آراء علمية لجيولوجيين، وأخرى طريفة استندت إلى الموروثات الشعبية والتى لا أساس علمى لها، حيث أوضحت الموروثات الشعبية أن هذه الكائنات هى بقايا لمجتمعات وأقوام متجبرة سخطها الله وخسف بها الأرض وترك الله هذه الشواهد لتدل عليهم
 
وأكد أن هذه التفسيرات أساطير وخرافات شعبية يتداولها البسطاء والعامة من الناس لدرجة أن هناك من يطلق على هذا الوادى «وادى المساخيط»، وقارة جهنم أو جارة جهنم، والأخير أطلقه العرب على هذا الجبل كناية عن شدةالحرارة فى الصيف لدرجة أن المعادن والصخور تزداد حمرة من شدة حرارة الشمس وسخونتها، وعموماً وادى الحيتان أو جهنم أو المساخيط هو صندوق العجائب الذى ربما تكشف الأيام الكثير من كنوزه وخباياه! 
 
أما أحمد عبد العال مدير عام آثار الفيوم فيشير إلى أن منطقة وداى الحيتان تحتاج إلى ضرورة إزالة التعديات على منطقة 10 الاف فدان ملك المحمية والتى أثرت بالسلب على عملية التسويق السياحى.
 
 وقال عبد العال: إن المنطقة التى استولى عليها رهبان الدير المنحوت ليست تاريخية مثلما يريدون وأن هناك تواطؤاً من الأجهزة الحكومية من أجل الحكم على منطقة وادى الحيتان بالإعدام خاصة إن المنشآت المسيحية أنشئت منذ بداية الستينيات على يد أحد الرهبان المشلوحين بالإسكندرية وليست من العصر الثالث الميلادى.
 
ويطالب عرفة السيد مدير عام المحميات الطبيعة بالفيوم بتوفير الخدمات الأمنية بالمنطقة حيث تكتظ المنطقة بقطاع الطرق والبلطجية الذين يروعون زوار منطقة وادى الحيتان بالإضافة الى ضرورة صيانة المدق الذى يصل وادى الحيتان بالطريق السياحى بطول 18 كيلو داخل الجبل.