الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بإجماع الفقهاء.. تخصيص صلاة أو ذكر بليلة النصف من شعبان ليس له سند فى الكتاب أو السنة




 مع حلول ليلة النصف من شعبان يهتم الكثيرون بتلك الليلة لعلمهم أن بها ذكرى تحويل القبلة من المسجد الاقصى الى المسجد الحرام وفيها ترفع الاعمال الى الله إلى الدرجة التى يقوم فيها الناس بتخصيص صلاة أو دعاء معين بتلك الليلة.
 
ويحرص الكثيرون فى ليلة النصف من شعبان على ترديد هذا الدعاء: «اللهم إن كنت كتبتنى عندك فى أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا على فى الرزق، فامح اللهم بفضلك شقاوتى وحرمانى وطردى وإقتار رزقى، وأثبتنى عندك فى أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات كلها، فإنك قلت وقولك الحق فى كتابك المنزل وعلى لسان نبيك المرسل: (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) [الرعد: 39]».
 
ومن جانبهم اعتبر علماء الازهر أن تخصيص هذه الليلة بالصلاة او بدعاء معين لم يرد فى السنة ويصل إلى حد الخرافات.
 
ففى البداية يؤكد الدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين بعدم صحة ما يسمى «دعاء النصف من شعبان»، مؤكدا أنه «لا يوافق المنقول ولا المعقول ولا دليل عليه» من الأحاديث النبوية.
 
وقال: «إن ليلة النصف من شعبان لم يأت فيها حديث وصل لدرجة الصحة، هناك أحاديث حسنها بعض العلماء، وبعضهم ردها.. فإن قلنا بالحسن، فكل ما ورد أن يدعو المسلم فى هذه الليلة، ويستغفر الله عز وجل، أما صيغة دعاء معين فهذا لم يرد، والدعاء الذى يقرأه بعض الناس فى بعض البلاد ويوزعونه مطبوعا دعاء لا أصل له، وهو خطأ، ولا يوافق المنقول ولا المعقول».
 
ويعلق الدكتور القرضاوى على نص الدعاء قائلا: «فى الدعاء الوارد نرى تناقضا واضحا، ففى أوله يقول: إن كنت كتبتنى عندك فى أم الكتاب شقيا أو محروما، فامح هذا وأثبتنى عندك فى أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات؛ لأنك قلت (يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، فمعنى الآية أن أم الكتاب لا محو فيها ولا إثبات، فكيف يطالب بالمحو والإثبات فى أم الكتاب».
 
واعتبر القرضاوى أن «هذا الكلام ينافى ما جاء فى أدب الدعاء، فالنبى عليه الصلاة والسلام يقول:إذا سألتم الله فاجزموا فى المسألة، لا يقل أحدكم: يا رب اغفر لى إن شئت، أو ارحمنى إن شئت، فإن الله لا مكره له، بل ينبغى أن يقول: اغفر لي، ارحمنى، ارزقنى..بالجزم واليقين».
وتابع قائلا: «هذا يدلنا على أن الأدعية التى يضعها البشر ويخترعونها كثيرا ما تكون قاصرة عن أداء المعنى، بل قد تكون محرفة ومغلوطة ومتناقضة، إنه ليس أفضل مما ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم من أدعية مأثورة؛ لأن ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم يترتب عليه أجران: أجر الاتباع، وأجر الذكر».
 
ومن جهته يوضح د. أحمد هليل مستشار وزير الأوقاف أن ليلة النصف من شعبان ليلة محترمة ولها قدرها تم فيها على ارجح الاقوال تحويل القبلة من المسجد الاقصى الى المسجد الحرام بعد ان ظل المسلمون يتوجهون الى اليه 16 أو 17 شهرا ، مشيرا ان هذه الليلة تذكرنا بقيمة المسجدين خاصة المسجد الاقصى الذى نغفل عنه.
 
واضاف أن هذه الليلة نغفل عنها مع ان فيها ترفع الاعمال الى الله عز وجل، فشهر شعبان هو شهر الختام الذى ترفع فيه الاعمال ويستحب فيه الاكثار من العبادة والطاعة من قيام وذكر وصيام.
 
واكد هليل انه قد ذهب بعض الناس إلى تخصيص ليلة النصف من شعبان بصيام وقيام دون غيرها وهذا لا أصل له ومن قال بخلاف هذا فمستنده أحاديث ضعيفة وموضوعة منها على سبيل المثال من صلى مائة ركعة فى ليلة النصف من شعبان يقرأ فى كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشر مرات إلا قضى الله له كل حاجة وغيرها من الاحاديث الضعيفةالتى لم ترد فى صحيح السنة.
واضاف لم يرد فى قيام هذه الليلة نص على ذلك يدعونا فيه الى القيام وما ورد كان فى فضل شعبان بصفة عامة حيث كان يصوم صلي الله عليه وسلم حتى يظن انه لا يفطر وهو حديث عائشة رضى الله عنها.
 
وشدد على أن الادعية المنسوبة لهذه الليلة التى من بعضها: «اللهم ان كنت فد كتبتنى فى الكتاب شقيا فامحونى» لم يصل بها احاديث صحيحة ويجب علينا كمسلمين ان نقف عند الصحيح الثابت عن النبي «صلى الله عليه وسلم».
 
وعن الخرافات التى يعتاد الناس ان يفعلوها فى هذا اليوم كتخصيص اليوم بصلاة او قيام او قراءة معينة لبعض السور او زيارة اماكن معينة اكد هليل ان هذا من الخرافات حيث لا عبادة الا بنص وكل ما يتعلق بها ولا ينبغى ان نتعبد إلى الله الا بنص لكن ما دون العبادة من ذهاب او مجىء لا مانع فيه طالما لم ينسبها الى الدين ولكن بشرط الا يتصور انه يتعبد الله بهذه الاشياء.
 
فيما يوضح د.صابر عبدالعزيز استاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر ان الله سبحانه وتعالى رحيم ولا يتوقف على يوم معين ليتجلى برحمته او تخصيص يوم معين لان الانسان كثيرا ما يذنب ويرتكب اخطاء فلابد ان يجدد توبته باستمرار بدليل ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار اى كل ليلة.
 
واشار عبدالعزيز الى أننا عندما نخص ليلة بالعبادة او الا ستغفار بعينها لا مانع ولكن ان نقول موضوع الاستغفار فى هذه الليلة لا يتخصص بيوم وكل هذا مطلوب باستمرار لا فى ان يتخصص يوم واحد لكن لا مانع من ان نزيد العيار قليلا
واضاف لا داعى لا فى ان يفعل الانسان بعض العادات او الخزعبلات التى لم ترد فى القرآن، مشيرا الى انه جرت العادة فى بعض البلدان أن يجتمع بعض الناس فى ليلة النصف من شعبان فى المساجد أو البيوت لقراءة دعاء فيه لفظ فاسد ينسبونه للنبى صلى الله عليه وسلم ولبعض الصحابة وهو كذب على رسولالله لم يثبت عنه ولا عن واحد من الصحابة وهو قولهم: «اللهم إن كنت كتبتنى عندكَ فى أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا على فى الرزق فامح اللهم شقاوتى وحرمانى وطردى وإقتار رزقى واكتبنى عندك من السعداء.
 
وشدد على أن هذا مخالف للعقيدة الصحيحة وهى أن الشقى شقى فى بطن أمه فلا يتبدل سعيدا لأنه صح الحديث الشريف بذلك واعتقاد تبدل المشيئة أو العلم أو أى صفة من صفات الله تعالى كفر كما قال الإمام أبو حنيفة رضى الله عنه وغيره من العلماء الأفاضل.
 
واستطرد: «لقد دأب كثير ممن يقرأون هذا الدعاء الفاسد يعتقدون أن الله يغير مشيئته فى تلك الليلة فينقلب العاصى إلى طائع والمسىء إلى محسن والشقى إلى سعيد والمحروم إلى ميسور فمن اعتقد ذلك فسدت عقيدته وعليه أن يعتقد الحق ويرجع إليه ويتشهد أى يقول الشهادتين للخلاص من كفر.
 
وأضاف كل هذا غير وارد فى السنة بالمرة ولكن لا مانع من تخصيصهابزيادة الاستغفار وقراء القرآن والتوجه الى الله بالتوبة النصوحة ولا اكثر من ذلك بدون تخصيص دعاء معين او نص معين.
 
من جانبها ترى د.عفاف النجار استاذ الفقة المقارن ان أفضل ما يعمل المرء تلك الليلة أن يتقى الله تعالى فيها كما فى غيرها من الليالى ليحظى برضا الله تعالى لأن تقوى الله خير ما يؤتاه الإنسان فى هذه الدنيا الفانية الزائلة.
 
واضافت ينبغى للشخص الفطن الذكى فى ليلة النصف من شعبان أن يسارع للخيرات كما ينبغى له فى سائر الأوقات وسائر الليالى وأن يتذكر أن الموت ءات قريب لا محالة وأن الناس سيبعثون ثم يحشرون ويحاسبون يوم القيامة فيفوز من آمن بالله ورسله واتقى ويخسر من كفر بالله وظلم وعصى.
 
واشارت الى ما يذهب اليه البعض من تخصيص اليوم بصلاة او عبادة او ما يشاع عن أن صلاة مائة ركعة أو خمسين أو اثنتى عشرة ركعة بصفة خاصة فى هذه الليلة المباركة لا أصل له فى الشرع ولم يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم وإنما للمسلم الذى يريد الخير والثواب أن يصلى فى تلك الليلة ما قدر له من الركعات النوافل من غير تقييد بعدد معين أو هيئة وصفة خاصة بتلك الليلة.