الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

شرطة المفطرين!






محمد حمدى روزاليوسف اليومية : 06 - 09 - 2009


لا توجد في مصر قوات شرطة متخصصة في تنفيذ الحدود، ولا يوجد أيضا نص قانوني يعاقب المفطرين في رمضان، لذلك فإن ما نشرته بعض الصحف عن القبض علي 155 شخصا في نهار رمضان واقتيادهم لقسم الشرطة بأسوان بسبب الإفطار العمد هو نوع من التجني علي القانون والدستور.
القضية ليست في إباحة الإفطار في نهار رمضان أو تحريمه، وهي أيضا لا تتعلق بمشاعر دينية، ولا حتي بقضايا الحريات الشخصية، وحقوق الإنسان، وإنما بالتجرأ علي القانون من رجال يفترض بهم السهر علي حمايته، فإذا بهم يتجاوزونه، ويصنعون قانونا خاصا بهم.
والمشكلة الكبري ليست في أن يتعدي خارجون أومجرمون علي القانون، وإنما المشكلة الأكبر هي أن يأتي الافتئات علي القانون من أهل القانون، لأن هذا يعني في النهاية انهيار دولة القانون.
أعرف أن البعض قد يعجبهم هذا التصرف، والبعض ينظر إليه بمشاعره فقط، لأن من قاموا بذلك أرادوا تطبيق شرع الله، وهم بالقبض علي المفسدين ينفذون حدود الله كما يرون، لكن الدول الإسلامية علي مدار التاريخ كله لم تترك للمواطنين حرية إقامة الحدود وتنفيذ الشرائع، وإنما جعلتها في يد ولي الأمر ومن ينوب عنه حتي لا تتحول المسألة إلي فوضي.
وليس من حق أي أحد بدافع الإيمان أو الغيرة الزائدة علي الدين تصور أنه مكلف بتنفيذ شرع الله استنادا إلي الحديث الشريف " من رأي منكم منكرا فليغيره بيده.. فإن لم يستطع فبلسانه.. فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان" صدق رسول الله، لأن تغيير المنكر حسبما أجمع علماء الدين هو واجب الدولة وليس الفرد، حتي ولو كان هذا الفرد من أجهزة وأذرع الدولة لأنه يجب عليه الالتزام بولي الأمر أي الحاكم والقانون والدستور.
وكل ما أتمناه من السيد وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي أن يأمر بإجراء تحقيق عاجل في هذه الواقعة، لأن بعض المنوط بهم السهر علي تنفيذ القانون، أخطأوا في حق القانون الذي أقسموا علي احترامه، وأخشي أنه ما لم يتم تدارك هذا الموضوع فقد تنتشر عدوي الاعتداء علي القانون، ويختفي القانون العام ويحل محله القوانين الشخصية التي يفصلها كل واحد علي مقاسه!