الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الجنرال في متاهته






محمد حمدى روزاليوسف اليومية : 10 - 09 - 2009


لن ينسي اللبنانيون أبدا الجنرال ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر وقائد الجيش اللبناني الأسبق، ليس فقط لأنه ترأس الحكومة العسكرية التي تشكلت عام 1988، وإنما لأن تاريخه ارتبط دائما بعدم الاستقرار السياسي للبنان، حتي يحلو للبعض تسميته بالجنرال طوارئ.
السيرة الذاتية العسكرية للجنرال عون تشير إلي تاريخ عسكري حافل، لكن السيرة الذاتية المدنية تختلف تمام الاختلاف، وقد بدأت حين كلفه الرئيس الأسبق أمين الجميل بتشكيل حكومة عسكرية بعد تعذر انتخاب رئيس جمهورية جديد يخلفه، و شكل حكومة عسكرية لم يعترف بها السياسيون وأصبح في لبنان حكومتان عسكرية يرأسها عون ومدنية يرأسها سليم الحص.
وفي أغسطس 1989 تم التوصل إلي اتفاق الطائف الذي كان بداية لإنهاء الحرب الأهلية، لكن عون المتمسك بالسلطة رفض الاتفاق، لأنه يقضي بانتشار سوري علي الأراضي اللبنانية.
وبعد معارك ضارية تم إقصاؤه من القصر الرئاسي في أكتوبر 1990 فلجأ إلي السفارة الفرنسية وبقي هناك حتي سمح له بالتوجه إلي منفاه في فرنسا في أغسطس 1991 .
عاش عون كلاجئ سياسي في باريس لمدة 15 عاما حاملا لواء معارضة الوجود السوري في لبنان، واعتبر أحد رموز المعارضة المارونية الرافضة للوجود السوري حتي تشكل تحالف عريض للوجود السوري ضم رفيق الحريري ووليد جنبلاط، ثم اغتيل الحريري وتشكل تيار الرابع عشر من أذار الذي نجح في إجلاء القوات السورية من لبنان، وفي إنهاء فترة لجوء الجنرال عون الذي عاد إلي بلاده في مايو 2005 .
وبينما كان متوقعا أن ينضم عون إلي تيار الرابع عشر من أذار، دخل الانتخابات النيايبة في نفس العام بتيار مستقل، ثم تحالف في فبراير 2006 مع أبرز المدافعين عن الوجود السوري في لبنان مثل حزب الله وحركة أمل وتيار سليمان فرنجية والحزب القومي السوري. وواصل عون سلسلة انقلاباته علي حلفائه التقليديين والانضمام إلي معسكر الأعداء السابقين لتحقيق طموحه الشخصي في الوصول إلي رئاسة لبنان، وهو الحلم الذي لم يتحقق بانتخاب الجنرال ميشال سليمان رئيسا للبلاد العام الماضي.
ورغم فشله في تحقيق حلم عمره، لا يزال الجنرال داخل متاهته، يحاول فرض كلمته علي الساحة السياسية اللبنانية، معطلا تشكيل حكومة جديدة منذ أكثر من 75 يوما، متمسكا بالحصول علي حقيبة سيادية لكتلته وتوزير صهره الذي فشل في الانتخابات رغم الاتفاق بين الكتل المختلفة علي عدم توزير الخاسرين. لكن الجنرال الذي يريد ان يعامله الكثيرون باعتباره الرجل الأقوي في لبنان علي استعداد للتضحية باستقرار بلاده من أجل أي طموح شخصي حتي ولوكان زائفا.