الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ثورة «25 يناير» بين من صنعوها ومن سرقوها




بلغة شاعرية ذات إيقاع هادئ، تكشف رواية «سقوط الصمت» للكاتب والباحث السياسى عمار على حسن حدود الصراع القيمى والنفسى بين التيار الدينى المتزمت والمتطرف الذى صعد على أكتاف الثورة، وبين قوى التحديث والتغيير والاستنارة، لتتنبأ بانتصار الفريق الثانى فى نهاية المطاف بعد آمال وآلام.
 
تذهب الرواية -الصادرة حديثا عن «الدار المصرية اللبنانية»- فى رحلة زمنية تبدأ من قبل انطلاق الثورة، وتصل إلى المستقبل ما بعد الأحداث الحالية، تمنح قارئها فى أى مكان وزمان صورة كاملة لما جرى، كأنه شارك فى هذا الحدث الكبير أو عايشه عن قرب.
 
رصدت الرواية ألاعيب جماعة جماعة الإخوان المسلمين، وقفزها الصريح على طموحات الشباب، واستظلالهم بالأمريكان، حتى ينالوا غرضهم وذلك قبل أن تتنبأ بسقوطهم، وعياً بهذا المسار واستشراقاً من الراوى العليم بمصائر أبطاله وبنهاية أحداث الواقع.
 
تتفجر الروح الروائية لدى عمار على حسن من منطقة التدين الشعبى والتصوف وهى منطقة نادرة فى التراث والوعى المصريين، وعلاقة التدين بحياة المصريين وأفعالهم، وردود أفعالهم وتوقعها آحيانا من قبل الدارس الفاهم، هذه الخلفية العلمية من عمار الباحث فى علم الاجتماع السياسى انعكست على اختيار نماذج أبطاله، وتحديد عوالمه الروائية.
 
ثورة يناير هى اللحن الكبير، الذى كسر جدار الصمت، والذى يضم الأدوار كلها والشخصيات جميعها ومواقفها السياسية وعلاقاتها الداخلية وبالأطراف الخارجية، امتلك عمار على حسن جرأة فضحها والإشارة إليها بوضوح عندما يقول: «هو الدبلوماسى الأمريكى الماهر الذى اتسمت تقاريره دوماً بالدقة البالغة، يجد نفسه ولأول مرة فى حياته أمام لغز كبير لا يفهمه جيداً».
 
تنبش هذه الرواية فى المخبوء وراء الإنسانى والجمالى وثورة يناير المصرية من خلال سرد ووصف وحوار يصنعه كاشفاً للأحداث يعرف فى عالم السرد بـ«الراوى العليم»، عبر شخصيات متنوعة خلقت المشهد المهيب، وذلك فى بطولة جماعية تضم خليطا من شخصيات وطبقات: «الثورى الحالم» و«الانتهازي»، و«شباب الشوارع الخلفية» و«أبناء الطبقة الوسطى»، و«اليساريين» و«الليبراليين» و«الإخوان» و«السلفيين»، و«الجنرالات» و«أنصار النظام السابق» و«اللامبالين»، و«العمال» و«الفلاحين» و«الموظفين» و«الإعلاميين» و«المثقفين»، و«العجائز» و«الصبية» و«الرجال» و«النساء»، و«القاضى العادل» و«ترزى القوانين»، و«أرواح الشهداء» و«المصابين»، وكذلك الهلال والصليب كرمزين لوحدة وطنية، وتمثال عمر مكرم الذى يتوسط ميدان التحرير، وتمثال زوسر الذى يغادر المتحف ويتفقد الثوار.
 
وتضم رسامى الجرافيتى وصانعى اللافتات وكاتبى الهتافات والشعارات، وأطفال الشوارع المشردين ومتحدى الإعاقة، والبلطجية والمتحرشين والمخبرين، والأميين ومجيدى النقر على رقعة الحاسوب ليصنعوا الدهشة والأمل فى العالم الافتراضى، والأجانب الذين جاءوا للمتابعة كصحفيين أو دبلوماسيين، وشبابا عربيا بهره ما حدث فى لحظته الأولى وأثار شجونه وتمنى أن يراه فى بلاده.
 
كما تضم  سيدات  المجتمع، وفتيات واجهن كشف العذرية والسحل فى الشوارع الملتهبة، وأخريات قاتلن كالرجال حين فرضت السلطة المستبدة على الثوار مغادرة التعبير السلمى عن الغضب.
 
اعتمد عمار على حسن فى بنائه السردى بالرواية على المزاوجة والتنقل بين الخط المستقيم للسرد والمتصاعد، والبنية الدائرية، وهى التقنية التى تمنح العمل تشويقا وجذبا للقارئ.