الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هيستيريا جماعية 3





محمد حمدى روزاليوسف اليومية : 03 - 10 - 2009


حينما أصدر خالد الخميسي كتابه الأول "تاكسي حكايات المشاوير" حقق نجاحا كبيرا جدا، وأعيدت طباعته عدة مرات، والكتاب عبارة عن مجموعة حوارات مع سائقي التاكسيات في القاهرة، وهو كتاب خفيف تنهيه في ساعة علي الأكثر، وفي أفضل الأحوال يمكن التعامل معه باعتباره سيرة شعبية لقطاع من المصريين، لكن بقدرة قادر تحول تاكسي إلي أهم عمل أدبي في مصر، وفاقت شهرة صاحبه الآفاق.
وامتدت حمي تاكسي لتضرب وسائل المواصلات الأخري فظهر كتاب "فيصل تحرير.. يوميات الديسك والميكروباص" للزميل الصحفي حمدي عبد الرحيم.. وهو يحكي بلغة ساخرة هموم صحفيي الديسك، الذين يتسلمون المواد المكتوبة من الصحفيين، ويجهزونها للنشر ثم عالم الميكروباص، حيث الكثير من المشاهد اليشومية للمواطن المصري البسيط.
وفي نفس الوقت ظهرت رواية أثارت جدلا كبيرا وهي "مترو" للرسام مجدي الشافعي، وتدور حول شاب متخصص بالبرمجيات، يقرر وصديق له سرقة مصرف. ويلقي المؤلف الضوء علي الكثير من مناحي الحياة في مصر مستعرضا فساد عدد من رجال الأعمال والبنوك وتسلط عدد من أصحاب الشركات الكبري ونهبهم للبلاد فيظهر الصراع الطبقي وتدمير الطبقات الصغيرة والمتوسطة. وتتضمن الرواية العديد من المواقف الساخرة عن الأوضاع التي يعيشها الناس عبر شخصية الإسكافي الذي تحول إلي شحاذ بسبب ملاحقة الضرائب له، ويشارك في التظاهرات ضد النظام، ويتعرض للاعتداء.. وقد قررت محكمة قصر النيل مصادرة الرواية لاحتوائها علي ما قالت أنه يخدش الحياء العام.
وبعيدا عن كتب المواصلات العامة والخاصة ظهر كتاب "ربع جرام" لعصام يوسف عن تجربة واقعية لشباب مع الإدمان، ورغم أنها أقرب إلي التقرير الصحفي إلا أنه جري تصنيفها باعتبارها رواية، ولا أعرف علي أي أساس تم هذا التصنيف، لكن في تاكسي وميكروباص ومترو وربع جرام نحن أمام كتابة جديدة سريعة ومباشرة من نوعية الكتب التي تقرؤها في المواصلات العامة، لكن المجتمع بوسائل إعلامه التي تسعي لتغيير مصر علي هواها وضعت مؤلفي تلك الكتب علي رأس المبدعين المصريين وهذا أمر مناف لطبيعة ما كتبوه.
لكن الإصرار علي الترويج لمثل هذه الكتب، وتصدرها لنسب التوزيع وعدد الطبعات يكشف فعلا ليس فقط عن الهيستيريا الجماعية التي تقود الرأي العام، وإنما عن حالة من التسطيح المقصودة، فلم يعد مطلوبا من الناس التفكير وإعمال العقل، وإنما مجرد الاستسلام للأسلوب التقريري في الأدب الجديد وتقبل نجومه، باعتبارهم القدوة والمثل الأعلي الجديد الذي علي المصريين جميعا الحذو حذوهم!
ونواصل غدا