الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مذكرات المخلوع - سوزان كاذبة منذ الصغر





يحكي الرئيس المخلوع حسني مبارك في هذا الجزء من مذكراته التي تعيد «روزاليوسف» نشرها بناء علي رغبة القراء ذكرياته مع زوجته سوزان ثابت، مؤكداً أنها كانت تهوي الكذب وتشعر بالسعادة عندما يقبل يدها أحد.
كما يسرد مبارك تفاصيل عمله مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات مبدياً استياءه من المعاملة التي كان يلاقيها منه، حيث كان يتعمد إهانته ومعايرته بالغباء وعدم الفهم.
بدأ محمد حسني السيد إبراهيم مبارك مذكراته بقصة حياته طفلاً في قرية «كفر مصيلحة» بمحافظة المنوفية وحكي أنهم كانوا فقراء للغاية، حيث كان والده موظفًا بسيطاً في محكمة شبين الكوم بالمنوفية.
وينتقل مبارك من مشاهد الفقر الشديد إلي مباهج الكلية الجوية التي نجح في الالتحاق بها وسط طلبة كانوا يعايرونه بسبب فقره ويحكي أنه كان يفضل ارتداء ملابسه العسكرية طيلة الوقت حتي لا يضطر لارتداء الملابس التي تدل علي الفقر.
 
ولم يتطرق مبارك نهائياً لمشاكله مع والدته التي أقامت ضده دعوي نفقة بررها مبارك في مذكراته بأنها كانت تريد أن تجبره علي زيارتهم في القرية ولم تكن تعي أنه لا يمكنه ذلك بسبب ارتباطه بالقواعد التي كان يعمل بها في مناطق مختلفة بمصر.
مبارك فجر مفاجأة غريبة حين أكد أنه كان معجباً بشدة بالزعيم الألماني أدولف هتلر وذكائه العسكري خلال معارك الحرب العالمية الثانية التي شهدها مبارك وهو في سن الحادية عشرة من عمره.
وحكي مبارك أنه كان يهوي صناعة الطائرات الورقية حتي يحاكي طائرات الألمان وهي تدك حصون الحلفاء وأنه حلم أن يكون طياراً منذ ذلك التاريخ بل فكر في دراسة اللغة الألمانية حتي يصبح طياراً لدي هتلر عندما يكبر.
وانتقل المخلوع إلي مرحلة شبابه، مؤكداً أنه كان خجولاً ولم يكن لديه وقت لأي مشاعر جانبية مثل تلك التي يشعر بها الشباب، وينتهي هذا الفصل بعد أن تخرج في فبراير 1949 بحصوله علي بكالوريوس العلوم العسكرية ملازماً ثانياً في سلاح المشاة حيث التحق باللواء الثاني الميكانيكي حتي أعلنت القوات الجوية عن قبول دفعة من خريجي الكلية الحربية فتقدم هو لينجح مع 11 طالباً في الالتحاق ليحصل علي بكالوريوس علوم الطيران من الكلية الجوية في 12 مارس 1950.
وبعد حديث مطول لمبارك سرد فيه قصة تدريبه لمدة عام في روسيا انتقل إلي نكسة 5 يونيو 1967، حيث كان يومها قائد قاعدة بني سويف الجوية ويحكي بمرارة شديدة ما حدث في هذا اليوم الصعب وتصميمه يومها علي تلقين إسرائيل درساً لا تنساه.
وحاول مبارك أن ينسب أكبر قدر من البطولة لنفسه في حرب أكتوبر فيحكي قصة قيادته للقوات الجوية المصرية أثناء الحرب ثم ترقيته لرتبة اللواء ثم إلي رتبة الفريق في فبراير 1974 ثم ينتقل إلي ذكريات يوم من أسعد أيام حياته كما أطلق علي الفصل وهو يوم 15 أبريل 1975 عندما اختاره الرئيس الراحل محمد أنور السادات نائباً لرئيس الجمهورية ليشغل هذا المنصب إلي عام 1981.
وفجر مبارك مفاجأة من العيار الثقيل، حيث أكد أن عملية اغتيال السادات لم تكن بتلك السذاجة التي صورت عليها في شكل مجموعة متشددة دينياً تقرر اغتياله بعد عقد معاهدة مع إسرائيل.
ويكشف مبارك لأول مرة أن عملية اغتيال السادات رتبت لها أجهزة معمر القذافي ومولها الأخير بمبلغ مليار دولار أمريكي دفعها للاتحاد السوفيتي كهدية لا ترد مقابل تدريب عناصر العملية ومدهم بالسلاح الروسي الصنع الذي استخدم في اغتيال السادات، مؤكداً أن هناك ضباطاً كباراً في مخابرات روسيا التي كان السادات يعاديها في تلك الفترة ويقف مع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها الباردة معها قد ساعدوا القذافي الذي كان يكره السادات بشدة، خاصة بعد قصف القوات الجوية المصرية لقواعد ليبية حدودية في يوليو 1977 وهي تلك الضربة التي كبدت القذافي الكثير من سمعته دولياً ومحلياً مما هز حكمه بقوة في ليبيا.
ويسجل مبارك أنه لم ينجح في كشف خيوط القضية وأنه كان مصمماً علي كشفها غير أن القذافي أعدم كل من علم بالقضية وشارك فيها وقال: لو تركت المتهمين في تلك القضية بلا حراسة مشددة طيلة فترة حبسهم لكان القذافي قتلهم واحداً تلو الآخر.
ولا ينتقل مبارك من فصل ذكرياته مع السادات دون أن يسجل غضبه الشديد، مؤكداً أن السادات كان يعامله بشكل مهين وأنه كان يعامله خلال الحرب بطريقة أفضل مما اعتاد عليه في السياسة، وكان يعتبره غبياً ويعايره بعدم فهمه لما يحدث من حوله.
وفي فصل قصير تعرض مبارك لملف اغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الذي اغتيل بالقاهرة في 12 أكتوبر 1990 نافياً أي علاقة له بمقتل المحجوب، قائلاً: كنت أحب الرجل وأحترمه إلا أنه كان له أعداء كثر في جهاز أمن الدولة الذي حاول المحجوب أيامها تقليص صلاحياتهم وهاجمهم وفضحهم أكثر من مرة في عهد اللواء محمد عبدالحليم موسي.
وكشف مبارك أن المحجوب كانت له علاقات بجماعة الإخوان المسلمين أقلقت رجالاً نافذين بالدول مثل زكريا عزمي وصفوت الشريف وكمال الشاذلي مما جعل عملية التحقيق في مقتله مستحيلة، حيث لم يتعاون الضباط في أمن الدولة لكشف غموض مقتله.
وعلم مبارك أن هناك سراً وراء تورط مسئولين وضباط كبار من جهاز أمن الدولة في عملية اغتياله.
مبارك لم ينس قصته مع زوجته سوزان ثابت بريطانية المولد والأصل لأمها الممرضة ليلي ماي بالمر كاشفاً تصاريح زواج ضباط الجيش المصري من أجنبيات لم تمثل مشكلة له، حيث اعتاد ضباط الجيش منذ عهد محمد علي مروراً بضباط ثورة 1952 الزواج بأجنبيات ومنهن أميرات وهوانم سابقات في أسرة محمد علي وأنه حصل علي التصريح بزواجه من سوزان مبارك في أقل من 3 ساعات.
وأرسل مبارك رسائل مهمة لسوزان عبر مذكراته أكد لها فيها أنها كانت وستظل السيدة الأولي علي عرش حياته متمنياً منها أن تتقوي لتدير دفة حياة الأسرة كما كانت دائماً، حيث قال بجمل واضحة: إنها كانت القائد في المنزل وكان علي السمع والطاعة دائماً.
وأضاف في موضع آخر: إن سوزان كانت نموذجاً للأم المثقفة التي افتقدتها مع والدتي السيدة الفقيرة الريفية وعندما كبرت سوزان شعرت أنها مثل أمي.
وكشف مبارك أن سوزان عندما تثور يمكنها أن تحول حياة من يقف أمامها إلي جحيم وأنه كان يهرب لعمله بالأسابيع من جحيم سوزان وهي فتاة صغيرة مدللة.
ويشدد مبارك في مذكراته علي أن سوزان كانت تحب الكذب وهي فتاة صغيرة وأنها كذبت عليه في البداية وأقنعته أن أسرتها ثرية جداً.
وقال: إن سوزان لا تترك منافسيها إلا بعد أن تفارقهم أرواحهم أو تشعر أنهم لم يعودوا مؤثرين.
وأكد مبارك أنه كان يمتلك جواز سفر بريطانيًا باسمه لم يستخدمه ولو لمرة واحدة وأن جوازه البريطاني كان يجدد تلقائياً من قبل السلطات البريطانية وكان يرسل إليه ضمن جوازات سفر العائلة التي تحمل كلها الجنسية البريطانية.
وفي فصل أطلق عليه مبارك عنوان «الأصدقاء» سجل مبارك علاقاته بعدد كبير من الشخصيات التي برزت بجانبه في الفترة من توليه منصب نائب الرئيس إلي توليه الحكم في أكتوبر 1981 عقب اغتيال السادات ومن المشير أبوغزالة الذي كان يحبه ويستعين برأيه من وقت لآخر حتي وفاته.
ولا ينسي مبارك قطعاً صديقه منير ثابت شقيق زوجته وعلاقة الصداقة القديمة بينهما كما يذكر حسين سالم وينسب إليه فضل النهوض بشبه جزيرة سيناء مهما كانت استفادته المالية من سيناء فإن التاريخ سيذكر له أنه أفادها كما لم يفعل أحد غيره.
ويفجر مبارك مفاجأة جديدة في قضية صفقة الغاز، حيث يؤكد أنه وقع بتوقيعه هو وليس أحدًا غيره علي مسودة الاتفاقية بين مصر وإسرائيل أول مرة في 7 يونيو 2004 بقصر الاتحادية بالقاهرة وأن من وقع معه علي الاتفاقية كان يومها وزير الخارجية الإسرائيلي التونسي الأصل سلفان شالوم.
ويكشف مبارك أن شركة حسين سالم لم تدفع مليماً واحداً في الصفقة لأنها حصلت علي قرض ميسر الشروط من شركة الكهرباء الإسرائيلية يومها بقيمة 180 مليون دولار أمريكي قامت به الشركة بإقامة البنية التحتية في مد خط أنابيب الغاز إلي المسار المتفق عليه بالصفقة.
وفي منتصف المذكرات تقريباً يخرج مبارك عن سياق أحد الفصول التي تتحدث عن علاقته مع دول العالم محاولاً توصيل عدة نصائح للرئيس الذي سيأتي من بعده قائلاً: إذا نجحت في التصميم علي أول 10 قرارات مصيرية لك تكون قد نجوت من مأزق أول الحكم وإذا صمدت بعد أول ثلاثة قرارات مصيرية تعارض وتتحدي فيها مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تكون قد حققت 50٪ من قدرة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في التحدي والصمود.
وفي تلك النقطة يقول مبارك عن نفسه: أنا لست عبدالناصر ولا السادات والرئيس القادم سيخدع المصريين لو وعدهم بأن يكون عبدالناصر أو السادات.
مبارك كان غير معجب بسياسات عبدالناصر نهائياً وذلك يكاد يخرج من بين صفحات المذكرات خاصة عندما قال جملة عبرت عن شعوره هذا وهي «لو كان عبدالناصر علي قيد الحياة في أيامنا لكانت مصر قد سقطت قبل العراق بأعوام طويلة».
وفي نصيحة إضافية طالب مبارك الرئيس الجديد بألا يفتح الباب منذ أول أسبوع مع إسرائيل وأن يبقي علي وتيرة واحدة من العلاقات مع تل أبيب تكون لها علي حد تعبيره هو «سرعات» يتحكم فيها كما يشاء.
وهاجم مبارك الدول العربية قائلاً: تلك الدول لها مطامع ومصالح في مصر أكثر من التي لأمريكا وإسرائيل.
وعن السودان قال مبارك: إن لديه معلومات تؤكد أنه سيتم تقسيمها لثلاث دول طبقاً لخطة أمريكية كان علي علم كامل بها لكنه ظل يطالبهم بما له من صداقة معهم وتأثير عليهم ألا يكون التقسيم في فترة حكمه الأخير وأن يؤجلوا تلك الخطة لحين استقرار حكم من يأتي بعده وكان يقصد بالقطع نجله جمال مبارك.
وعاد مبارك ليفجر مفاجآته، حيث أكد أنه قدم تقريرًا ضد عمر سليمان مدير المخابرات العامة الأسبق حذره فيه أن سليمان يمكنه السيطرة علي الحكم لو أراد خلال أقل من 5 ساعات غير أن مبارك كما يشهد كان يعلم أن ذلك التفكير مخالفاً لمبادئ سليمان.
وقال مبارك: خفت طيلة عمري من تأثير شخصية سامي شرف علي الرئاسة في عهد السادات وعبدالناصر وإذا بي أصاب بنفس المرض في زكريا عزمي الذي فاق شرف في كل شيء فلم تصل الكثير من الحقائق لي ولم يمكنني الوقت من المتابعة بنفسي.
ولم يذكر مبارك أحداً بخير من نظامه سوي الدكتور أسامة الباز مستشاره السياسي الذي عمل معه منذ بداية حكمه.
ويترك مبارك الحديث عن نفسه ورجال نظامه ليتحدث عن سعاد حسني يوم 21 يونيو 2001 في لندن نافياً أي علاقة له بمقتلها.
ويشير مبارك بوضوح إلي أن مشكلة سعاد كانت مع أوهام صفوت الشريف وزير الإعلام وقتها من أنها تحاول نشر مذكرات لها سوف تفضح علاقات شاذة لشخصيات كبيرة عاصرتها سعاد في مصر وأنها كانت تريد الانتقام من تلك الشخصيات التي أضرت بها وهي شابة صغيرة.
وينتقل مبارك بعد قصة سعاد حسني إلي القذافي مرة أخري ويقول مبارك: إن الوحيد الذي كان يملك مفاتيح السيطرة علي القذافي هو عبدالناصر الذي كان يعتبره القذافي مثله الأعلي، قائلاً: عندما مات عبدالناصر وصل معمر القذافي سن البلوغ أو الرشد وانقلب بعدها علي كل الناس.
وكشف مبارك أن القذافي كان أغني أغنياء إفريقيا بل ربما العالم وأن لديه خزائن ذهبية عملاقة موجودة خارج ليبيا في دول أوروبية منها إيطاليا وبريطانيا وأن القذافي كان لا يثق في الشعب الليبي وكان يعترف أنه جاهز للسفر في أي وقت.
ويؤكد مبارك أن القذافي كان هو الخطر الأكبر علي إفريقيا طيلة حكم مبارك وأنه كان المسئول الأول عن الاضطرابات المسلحة في السودان وتشاد والجزائر ودول حوض النيل وأنه كان ينفق ببذخ علي إشعال المشاكل حتي يظل هو المسيطر علي زمام الأمور.
ويعود مبارك في مذكراته للحديث عن زوجته مؤكداً أنها رقيقة وتسعد دائماً بمن يعاملها مثل الملكات وأن من كان يقبل يدها كان يسعدها وأن من أسعد أيام حياتها عندما قبل يدها الرئيس الفرنسي جاك شيراك وأنها ظلت محتفظة بصورة شيراك وهو يقبل يدها حتي تقول لمبارك: إن زعماء الدول يقدرونها ويقبلون يدها.
 
سوزان مبارك

زكريا عزمى

رفعت المحجوب