الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خمسة أعوام علي رحيل عبدالوهاب المسيري




عن عمر يناهز 70 عاما كان رحيل ووفاة المفكر والكاتب المصري الكبير عبدالوهاب المسيري، منذ خمس سنوات وتحديداً في يوم 5 يونيو 2008 بعد رحلة طويلة من العطاء قضاها كاتبا ومفكرا ومشاركا في الحياة السياسية المصرية، ظل طوال حياته منتميا إلي اليسار المصري، وعلي الرغم من مواقفه التنويرية فقد عاني الكاتب الراحل الكثير مع النظام السياسي المصري أثناء حكم الرئيس السابق مبارك، خاصة أنه كان أحد أبرز قادة حركة «كفاية» المعارضة وتم اختياره منسقا لها، تلك الحركة التي تأسست في نهاية 2004 للمطالبة بإصلاح ديمقراطي في مصر، وقد بلغ الصراع والتعنت من جانب النظام أشده باختطافه مع زوجته وناشطين آخرين من الحركة أثناء وجودهم علي رأس مظاهرة في ميدان السيدة زينب بالقاهرة تندد بموجة الغلاء التي تجتاح مصر عام 2005، علي أن «المسيري» في سنوات حياته الأخير قد عاني من إصابة بمرض السرطان أدت إلي وفاته، وكان ميلاده في مدينة دمنهور عام 1938، وبعد إنهائه تعليمه الأولي التحق بقسم اللغة الإنجليزية كلية الآداب جامعة الإسكندرية وتخرج عام 1959 وعين معيداً فيها، ثم سافر للحصول علي الماجستير والدكتوراه في الخارج وعند عودته عمل «المسيري» أستاذا متخصصا في الأدب الانجليزي في جامعة عين شمس وقام بالتدريس في عدة جامعات مصرية وعربية، وله مؤلفات عديدة في الصراع العربي الإسرائيلي، منها: نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني (1972) كتبه حينما كان يعمل رئيساً لوحدة الفكر الصهيوني وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، كما صدر له كتاب من جزأين بعنوان: الأيديولوجية الصهيونية، دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة، وقد وضع المؤلف عدة مؤلفات بالإنجليزية حينما كان يشغل منصب المستشار الثقافي للوفد الدائم للجامعة العربية لدي هيئة الأمم المتحدة (1975-1979)، ومن كتبه أيضا: الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية وهجرة اليهود السوفييت، وقد نشرت له دار الشروق عام 1997 الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ، ومن هو اليهودي؟ كما نشرت له عام 1998 اليد الخفية، ونشر له مركز الدراسات المعرفية والمعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن والقاهرة كتاب إشكالية التحيز (سبعة مجلدات) من تأليفه وتحريره، وقام أيضا بكتابة المداخل الخاصة بالصهيونية والانتفاضة في عدد من الموسوعات والكتب والمراجع المتخصصة، وكان للدكتور المسيري اهتمام خاص بالنقد الأدبي وتاريخ الفكر والحضارة، فألقي العديد من المحاضرات عن هذه الموضوعات في الجامعات والمؤتمرات العربية والغربية، وقد صدرت له كذلك دراسات أدبية عدة من أبرزها «مختارات من الشعر الرومانتيكي الإنجليزي: بعض الدراسات التاريخية والنقدية»، وشعر المقاومة الفلسطيني، كما قام «المسيري» بكتابة سلسلة من القصص للأطفال نشرتها دار الشروق تحت عنوان حكايات هذا الزمان، وترجمت بعض أعماله إلي الإنجليزية والفارسية والتركية والبرتغالية، كما نشر العديد من المقالات في الجرائد والمجلات العربية والأجنبية.

 

علي أن أشهر أعماله علي الإطلاق والتي استغرقت منه عشرين عاما واستنزفت كل مدخراته هي «موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية» التي قام علي إعدادها وتقديمها في ثمانية مجلدات كبيرة الحجم، متوسط عدد صفحات كل منها 450 صفحة، يتناول كل مجلد واحد منها موضوعاً محدداً، فالمجلد الأول يتناول الإطار النظري للموسوعة وقضايا المنهج. أما المجلدات التالية (الثاني والثالث والرابع) فتتناول موضوع الجماعات اليهودية، ويتناول المجلد الخامس اليهودية، والمجلد السادس الصهيونية، والمجلد السابع إسرائيل.

 

تتناول هذه الموسوعة كل جوانب تاريخ العبرانيين في العالم القديم، وتواريخ الجماعات اليهودية بامتداد بلدان العالم، وتعداداتها وتوزيعاتها، وسماتها الأساسية، وهياكلها التنظيمية، وعلاقات أفراد الجماعات اليهودية بالمجتمعات التي يوجدون فيها وبالدولة الصهيونية. وتغطي الموسوعة كذلك أشهر الأعلام من اليهود وغير اليهود ممن ارتبطت أسماؤهم بتواريخ الجماعات اليهودية، كما تتناول هذه الموسوعة كل الجوانب المتعلقة بتاريخ اليهودية، وفرقها وكتبها الدينية، وطقوسها وشعائرها، وأزمتها في العصر الحديث، وعلاقتها بالصهيونية وبمعاداة السامية، وتغطي الموسوعة الحركة الصهيونية ونشاطاتها ومدارسها وNعلامها، وبعض الجوانب الأساسية للدولة الصهيونية، وتهدف الموسوعة إلي توفير الحقائق التاريخية المعاصرة عن الظواهر اليهودية والصهيونية والإسرائيلية، وكانت الموسوعة التي صدرت عام 1999 قد نالت جائزة أحسن كتاب في معرض القاهرة للكتاب ذلك العام. وكان قد تزامن مع إصداره للموسوعة تعرضه للعديد من التهديدات بالقتل من أكثر من جهة يهودية، منها ما قام به «مائير كاهانا» (عضو الكنيست الإسرائيلي السابق ورئيس جماعة كاخ الصهيونية) بإرساله خطابات تهديد له بالقتل في يناير عام 198، وقد وضع «المسيري» حينها تحت حراسة سلطات الأمن المصرية لحمايته.