الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
..فقدوا بريقهم!
كتب

..فقدوا بريقهم!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 30 - 08 - 2010


شعبية اصطياد المشكلات والندب علي الأزمات


(1)

 


الإخوان فقدوا بريقهم، لأن الناس بأنفسهم اكتشفوا زيف الشعارات الكاذبة والوعود الخادعة، فليس لديهم شيء يقدمونه لحل المشكلات، ولا مواجهة الأزمات غير المتاجرة بالشعارات.

ماذا استفاد منهم الناس في القري والنجوع والمدن، وما الخدمات التي قدموها وما الاقتراحات البناءة لمواجهة مشكلات مثل البطالة والأسعار وغيرهما؟
الإخوان يعملون علي حل المشكلات بإلقاء قطرات من الزيت عليها، حتي تشتعل وتزداد توهجاً، فهذه هي الأجواء التي ينمو فيها فكرهم ودعوتهم ويكسبون شعبيتهم.
(2)
فقدوا بريقهم.. لأنه لا يمكن أن تعيش طوال الوقت علي اصطياد المشكلات وركوب الأزمات وماذا بعد ذلك..؟ لا شيء بالمرة، غير البحث عن مشكلات وأزمات أخري.
إنها أفكار الهدم وليس البناء، فأسهل شيء هو إشاعة أجواء اليأس والإحباط، واللعب علي الاحتياطي الاستراتيجي للمهمشين والمأزومين وجعلهم وقوداً للغضب والتمرد.
أسهل شيء هو المتاجرة بمعاناة الناس والمعاناة غير المواساة، لأنها تقود إلي الأسوأ، ولا تخفف ألما عن مريض، ولا جوعاً عن فقير.
(3)
فقدوا بريقهم.. لأن الغطاء انكشف عن لعبة «مبعوثي العناية الإلهية».. فقد أرسل الله سبحانه وتعالي الأنبياء لهداية البشر وإسعادهم، وليس لشقائهم، وبث الفرقة بين الناس.
ما علاقة الأديان بالانتخابات والصناديق واللجان الانتخابية والشعارات والملصقات والفردي والقائمة والفائز والخاسر.. ولماذا يضع الإخوان علي تلك الصراعات الدنيوية عباءة دينية؟
العناية الإلهية هي التي تحمي البشر من جبروت البشر، ولا يمكن أبداً أن تفتح عليهم بوابة جهنم، نتيجة الخلط بين الأديان والسياسة، وأن يمسك الطامعون سيوف التنكيل ويذبحوا باسم الأديان.
(4)
فقدوا بريقهم.. لأننا نعيش في دولة رائعة، مهما كانت مشكلاتها فيجب أن نحميها ونحافظ عليها، بمدنيتها وتسامحها وثقافتها وفنونها وشعبها الذي يضرب بجذوره في أعماق التسامح.
المصريون هم حراس الوسطية التي لا تعرف الغلو ولا الانغلاق، وتلك الجماعة مفرطة في الغلو، وإن كانت تحاول أن تغلفه بالتسامح المفتعل حتي تحقق أهدافها.
المصريون يجب أن يظلوا في حظيرة الوحدة الوطنية، يدافعون عنها ويحرصون عليها، ولا يسمحون أبداً لمن يحاول أن يعكر صفو الهدوء الاجتماعي، الذي بدأ يئن من أعمالهم.
(5)
فقدوا بريقهم.. لأن كل محاولاتهم السابقة والحالية لاختراق الأحزاب باءت بالفشل، وهم الآن يبحثون عن خرم إبرة ينفذون منه من جديد إلي الأحزاب الشرعية.
هم يلعبون بكل الأحزاب لصالحهم، ويمارسون معهم «عناق الديمقراطية»، بينما يجهزون لهم خناجر الديكتاتورية، ومنذ متي كانت مثل هذه الجماعات تؤمن بالتعايش السلمي تحت مظلة الديمقراطية؟
الديمقراطية التي سوف يصلبونها عند أول فرصة، ويرجمونها بالكفر والإلحاد يركبون الآن عربتها، وسوف يحرقون العربة بمن فيها، عندما تصل بهم إلي الحكم.
(6)
فقدوا بريقهم.. لأن حنفية الأموال التي كانت تتدفق كالنهر بدأت في النضوب.. والدول الشقيقة التي كانت تمنحهم باليمين واليسار، أفاقت بعد أن شربت من نفس الكأس.
كانت الأموال تتدفق عليهم كالأنهار، تحت مظلة إعلاء راية الإسلام والمسلمين، لكنهم وظفوها لتأليب المسلمين علي المسلمين وشق صفوف الأمة وتشتيت وحدة الكلمة.
لم يعد في استطاعتهم أن ينفقوا مئات الملايين علي الانتخابات الحالية، مثلما فعلوا في الانتخابات السابقة، ومن ثم فقد بطل مفعول الإغراء بالأموال وشراء الأصوات.
(7)
فقدوا بريقهم.. لأنك قد تخدع الناس لبعض الوقت ولكن لن تنجح في خداعهم طوال الوقت.. والناس انتخبوهم ثم سألوهم: وماذا بعد؟ ماذا أنتم فاعلون؟
لا شيء، غير بث روح التمرد والعصيان وتصعيد المشاكل والرقص علي أوجاع الناس.. لا شيء أكثر من بضع تمرات يقدمونها للصائم في إشارة مرور مزدحمة.
فقدوا بريقهم، لأن الأديان هي علاقة الله سبحانه بالبشر، أما السياسة فهي علاقة الحكام بالبشر.. وهم يريدون أن يخلطوا هذا بذاك.. إنها أوسع أبواب الفتن والاقتتال.


E-Mail : [email protected]