الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ماذا في رأس أوباما؟




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 01 - 09 - 2010




لغز الإصرار علي المفاوضات المباشرة يزداد تعقيداً


(1)


- لغز المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين هو صاحب الدعوة الرئيس أوباما نفسه، فهل هو يقصد تحريك القطار المتوقف منذ عشرين عاماً.. أم له نوايا ومقاصد أخري؟ ماذا في رأسه بالضبط؟
- أوباما الذي بدأ عهده متحمسا ومتفائلاً وموجهاً خطاباً إيجابياً محفزاً لدول الشرق الأوسط خصوصاً الجانب العربي والفلسطيني، هو نفسه أوباما الذي تراجع حماسه إلي نقطة الصفر وانشغل بقضاياه الداخلية.
- أوباما لايتحدث الآن عن مشروع سلام أمريكي واضح المعالم، وإنما مجرد أفكار يتم إجهاضها أولا بأول من الجانب الإسرائيلي ولا تلقي القبول من الجانب الفلسطيني، فما الهدف بالفعل من عقد المباحثات المباشرة الآن؟
(2)
- أوباما لايستطيع أن يمارس ضغوطاً حقيقية علي نتانياهو، وعلاقة الرجلين بدأت بالشد ثم الجذب، أو التنافر ثم التقارب ولكن ليس لهذا التحسن الطارئ أي تأثير علي المفاوضات.
- نتانياهو يعرف تماماً ماذا يريد وكيف يحقق ما يريده، فهو يرفض من البداية تقديم أي تنازلات بشأن القدس ويريد الاحتفاظ بالمستوطنات الاستراتيجية ويرفض فكرة الإجلاء عنها ولا يقبل ضغوطاً في هذا الشأن.
- نتانياهو لايعترف أصلا بحق الفلسطينيين في أن تكون لهم دولتهم المستقلة، وكل ما في جعبته هو دولة تتمتع بنوع من الإدارة المحلية منها إلي حكومة مستقلة تتمتع بإدارة شئونها وترفع علمها فوق أراضيها.
(3)
- إذن.. المواجهة الحقيقية في المفاوضات ستكون بين أوباما ونتانياهو وليست بين الفلسطينيين وإسرائيل لأن الجانب الفلسطيني ليست في يديه ما يقدمه من تنازلات لا أرض ولا دولة ولا شيء يقايض عليه.
- إسرائيل هي الدولة المحتلة التي يجب أن تترك الأرض مقابل السلام، وأن تذعن لخيار الدولتين وأن توافق علي تجميد سياسة الاستيطان حتي تتم تهيئة الأجواء لمفاوضات «نقطة البداية».
- نعم «نقطة البداية»، لأن إصرار نتانياهو علي دخول المفاوضات دون قيد أو شرط يعني «لنبدأ من جديد»، مضيعاً بذلك جهود 18 عاماً في غرف التفاوض منذ انطلاق أوسلو حتي الآن.
(4)
- من المستبعد في ظل الظروف والأوضاع القائمة علي أرض الواقع أن يكون أوباما متواطئا مع الإسرائيليين، كما تحاول بعض دوائر التشدد الفلسطيني أن تصفه، ولكن المرجح أن أفكاراً محددة بدأت تختمر في رأسه.
- أصبحت لدي الرئيس الأمريكي أفكار محددة بعد أن زادت خبرته ومعرفته بتفاصيل ملف الأزمة، واعتماده علي فريق من المبعوثين الذين يتسمون بالجدية وعلي رأسهم جورج ميتشل.
- لديه - أيضاً - فسحة من الوقت لوضع بصمة علي الملفات الخارجية بعد أن حقق نجاحاً بالضربة القاضية في أهم ملف داخلي كان يشغله وهو التأمين الصحي، فلماذا لايحقق نجاحاً مماثلاً في ملف خارجي؟
(5)
- أمريكا لايديرها رئيس ولا يضع سياستها شخص واحد، وإنما أجهزة وهيئات ودوائر صنع القرار، وكل هذا يصب في النهاية في البيت الأبيض، ويكون مطلوباً من الرئيس أن يؤشر في الاتجاه الذي يحقق مصالح واشنطن.
- لذلك لايجب أن نستبعد تأثير الملفات الساخنة الأخري التي تهم أمريكا علي المفاوضات المباشرة.. أفغانستان وإيران والعراق والوضع في لبنان، كلها قضايا تدلو بدلوها في الملف الفلسطيني.
- هنا يبدأ غموض الملفات المتداخلة.. وعلي سبيل المثال فإن إسرائيل تحاول أن تستثمر الملف النووي الإيراني لأقصي درجة بما يؤدي في النهاية إلي تحقيقها أكبر المكاسب وتنصلها من أهم الالتزامات.
(6)
- نتانياهو ليس ساذجاً ولا يفترض في الآخرين السذاجة، لكنه يمارس شروره بأقصي درجة ممكنة.. هو - مثلاً - يريد إقناع الأردنيين بأن حماس هي الخطر الداهم الذي يهددهم وليست إسرائيل.
- حماس يعني إيران، يعني اللعب بفزاعة الفلسطينيين المقيمين في الأردن ويشكلون نسبة كبيرة من السكان يعني أن الأردن له مصلحة مع إسرائيل في نزع أنياب حماس وأظافرها.
- هكذا يسعي شرير تل أبيب لخلق أجواء فتور عربية تقلل من الرغبة والحماس في الشد علي ذراع المعارض الفلسطيني ليكون قوياً ومنتبهاً ومتماسكاً ولا يقبل أي شروط تفرض عليه.
(7)
- ماذا في عقل أوباما؟.. وهل هو يطلق المفاوضات المباشرة بينما قلبه ينبض لضرب إيران وكسر نفوذها، وهو يعلم جيداً أن انسحابه من العراق في العام المقبل هو البداية الحقيقية للنفوذ الإيراني في المنطقة؟
- إنه الخطأ الاستراتيجي الفادح الذي ارتكبه بوش بحماقته، جاء إلي العراق لضرب صدام فاستبدله بمئات أكثر خطورة وعداء لأمريكا من صدام إنهم آيات الله.. الذين ليست لأطماعهم حدود.
- الرئيس مبارك يقولها في كل مناسبة: «كل الطرق تؤدي إلي القدس وإلي فلسطين».. إنها كلمة السر في الهدوء والاستقرار ومنع موجات العنف التي تلوح في الأفق.. فهل هذا ما فهمه أوباما؟
وللحديث بقية..
E-Mail : [email protected]