الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«ديمقراطية التنغيص»!




 


 كرم جبر روزاليوسف اليومية : 02 - 09 - 2010


لماذا عاد سعد من أمريكا في هذا التوقيت؟
(1)


- في الزيارة قبل الأخيرة التي قام بها الرئيس مبارك لواشنطن كان سعد الدين إبراهيم هنا في العاصمة الأمريكية، يجمع نفراً من المصريين الغاضبين ويقف معهم أمام البيت الأبيض محتجاً ومعترضاً.


- حولهم بعض الصحف والفضائيات ووكالات الأنباء، تبث عنهم أخباراً قصيرة لاتهتم بها وسائل الإعلام الأمريكية، وتفرد لها الصحف الخاصة المصرية مساحات واسعة، للإيحاء بأهميتها وخطورتها.
- سعد الدين الآن في مصر والرئيس في أمريكا.. كان يثير لدينا شائعات بأنه سيتم القبض عليه في مطار القاهرة ويذهب إلي المعتقل مباشرة.. سعد دخل مصر سالما، ويستمتع بحياته ويمارس نشاطه دون أن يعترضه أحد.
(2)
- في المؤتمر الصحفي الذي عقده سعد في العام الماضي، وحضره بعض أعضاء الوفد الصحفي المرافق للرئيس، تحدث سعد كعادته عن قانون الطوارئ وخنق المعارضة وغياب الديمقراطية.
- سعد في مصر الآن يمارس نشاطه السياسي المعتاد، دون أن يعوقه قانون الطوارئ أو تمنعه الديمقراطية.. ولعله يدرك أنه ضيع في الأوهام عمراً في الجري وراء سراب صنعه بنفسه وعاش فيه وحيداً.
- لماذا عاد سعد إلي مصر وهل كانت هواجسه ومخاوفه حقيقية أم مجرد أوراق ضغط يستثمرها لمصلحته الشخصية؟.. هل أصابه الملل من أمريكا؟.. أم أن أمريكا هي التي أصيبت بالملل من تصرفاته؟
(3)
- أولاً: ضوضاء سعد في أمريكا لم تشعر به أمريكا، فمظاهراته ووقفاته أمام البيت الأبيض شيء مألوف في المجتمع الأمريكي، مثلما يقف أصدقاء فراء المنك يهتفون احتجاجا علي قتل الحيوان الوديع.
- ثانياً: الصحف الخاصة والفضائيات هي التي صنعت الضجة.. وكانوا يتعاملون مع «سعد الدين» وكأنه «سعد زغلول» في منفاه وأفردوا له العناوين والمانشيتات والرسائل دون ظلال من الواقع.
- ثالثاً: المصريون الذين التفوا حوله عدد قليل جداً، بينما لم يقترب منه عشرات الآلاف من المصريين الذين يعيشون في أمريكا ويحملون الحب والاحترام والتقدير لبلدهم وقيادتهم.
(4)
- رابعاً: أمريكا اقتنعت بعدم جدوي الضغوط علي دول وحكومات المنطقة، فقد ظلت تستخدم «كارت سعد» لسنوات طويلة، دون أن تهز لمصر شعره.. أو تضغط عليها قيد أنملة.
- خامساً: إدارة أوباما أصبحت الآن تفضل «الاستقرار» علي «الفوضي الخلاقة» فالديمقراطية الوهمية التي أراد «بوش» فرضها علي دول المنطقة جاءت لها بالتيارات الأصولية المتطرفة غير المؤمنة أساسا بالديمقراطية.
- سادساً: قفل حنفية المعونات والمنح التي كانت تعطي لهيئات تحت شعار تدعيم الديمقراطية، وبالتالي أصبحت الجهات المتلقية في مأزق كبير وأغلق عدد كبير منها أبوابه.
(5)
- نحن نحاول الاقتراب من الأسباب الحقيقية التي أدت إلي عودة سعد إلي مصر، التي خرج منها بإرادته وعاد إليها بإرادته خرج سالماً وعاد سالما.. فلماذا - إذن - كان الصخب والضجيج؟
- أمريكا في فترة حكم بوش، لم تؤيد سعد من أجل عيون سعد ولكن لممارسة ضغوط علي مصر، خصوصاً فيما يتعلق بغزو العراق والقضية الفلسطينية والحرب المسماة ضد الإرهاب.
- أمريكا كانت تريد من مصر مطالب معينة مثل الزج بقوات سلام عربية في أتون الصراع في العراق، ليحترق العرب بأيدي العرب، ويفر بوش بجنوده إلي خارج المدن والقتال.
(6)
- بالطبع رفض الرئيس مبارك أن يذهب بجيشه وأبنائه إلي معركة ليس لمصر فيها ناقة ولا جمل، ولما فشلت الضغوط لجأت أمريكا إلي التهديد بقطع المعونات أو توجيهها لجماعات «التنغيص» بالديمقراطية.
- لم يكن سعد وحده ولكن مراكز وأسماء وملفات كثيرة، تعاملت معها الحكومة المصرية بهدوء وحكمة، حتي لا تعطي الفرصة لبوش لتحقيق أية استفادة من لعبته.
(7)
- أمريكا «أوباما» تغيرت، وأدرك أوباما مبكرًا أن دخول الدول يكون من أبوابها الشرعية، وليس بالنظر من النوافذ كما كان يفعل بوش، وبالتالي وجد «المنغصون بالديمقراطية» أنفسهم في مأزق كبير.
- لا دعم ولا تأييد ولا مساندة ولا معونات ولا مؤتمرات صحفية ولا وقفات احتجاجية يتيمة أمام البيت الأبيض، لم يعد لهم «راعي رسمي» ولا حليف متهور.
- هذا بالضبط ما يفسر أسباب عودة سعد إلي مصر، ولعله يدرك الآن أن «نار» بلده ولا «جنة» غيرها، ولعله يدرك أنه «بعد فوات العمر كان يصارع خيط دخان».. علي رأي نزار قباني.
(8)
- في المظاهرة الهزيلة التي قادها سعد أمام البيت الأبيض في العام الماضي، لم نسمع إلا كلامًا وهتافات محتقنة مثل التي نسمعها في مظاهرات التحرير أو أمام نقابة الصحفيين.
- في المقابل حضر مئات المصريين من مختلف الولايات الأمريكية لتحية الرئيس بالطبل والأعلام والأغاني الوطنية المصرية، يهتفون باسم مصر وزعيمها.
- الصحف الخاصة في مصر وبعض الفضائيات لم تهتم سوي بالصخب والضجيج والاحتقان، لأن ذلك يأتي علي هواها، ولم يهتم أحد بأبناء مصر الآخرين الذين يعيشون في أمريكا.
(9)
- الملخص: 1 - انتهت حقبة «ديمقراطية التنغيص» وانتهي دور مخالب القطط التي كانت تستخدمها الولايات المتحدة ضد مصر تحت شعار تدعيم الديمقراطية.
- 2 - ستغلق «بوتيكات ديمقراطية التنغيص» أبوابها تباعًا بعد أن قفلت واشنطن حنفية المنح والمساعدات، ولا تسمح سوي بقطرة قطرة، لا تبل الريق.
- 3 - الديمقراطية الوطنية لا تنمو في بلدان الغربة ولا تترعرع بالدولار واليورو، ولا يمكن استيرادها من الخارج.. إنها الدروس المستفادة من غربة سعد الدين إبراهيم.


E-Mail : [email protected]