الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الحق الشرعي في أحداث جارية




كتب - د.أحمد كريمة
الشأن الداخلي المصري، والخارجي العربي، فيما يتصل بالأحكام شرعية تكليفية من وجوب وندب وحرمة وكراهة وإباحة، تحتاج إلي ضبط وتثبت وعدم افتراء واجتراء عليها لأنها «حدود الله»، ومن ثم يجب فقه الدليل خاصة النصي من جهة طرق وروده من حيث القطعية: القرآن الكريم، السنة النبوية المتواترة، والظنية: الأحاديث المشهورة والآحاد، وطرق الدلالة من جهة القطعية والظنية، وعدم تحريف الكلم عن مواضعه والبعد عن التأويل الخاطئ والمغلوط.
إذا علم هذا:
أولًا: مسألة الخروج علي الحاكم:
يجب التفرقة بين حاكم عادل يحكم بما أنزل الله - عز وجل - متوخيًا المصلحة العامة للدولة، ساهرًا علي مصالحها، مستعينًا بعد الله - عز وجل - بالأكفاء والخبراء، ومشيرًا إلي أهل الحل والعقد، باذلًا جهوده في خدمة المجتمع ونفع الناس، محققًا الأمن العام للمجتمع، لا ينازع الأمر أهله.
هذا لا يخرج عليه، وإذا كان من قصور كطبع بني البشر - عدا الأنبياء والرسل - عليهم السلام - فالنصح والوعظ بكل أدب، دون تشهير له، لحقه في «السمع والطاعة» وهو المراد من نصوص السمع والطاعة له، وعدم منازعته.
وحاكم ظالم، وثب علي الحكم بغير المشروع، وفقد شروط الولاية المعتبرة المعتمدة، أو عرض سلامة الدولة لأخطار وأهمها سيادتها ومصالحها الكبري، أو أقصي أهل الخبرة والصلاح، وركن إلي أهل السوء والفساد، فهذا لا طاعة ولا سمع له، ولا يعان يجب فيه حق جهاد «قول حق عند سلطان جائر»، «قل الحق ولا تخش في الله لومة لائم» قال الإمام مالك بن أنس - رضي الله عنه: الحاكم الظالم لا يعان، دعه وما يراد منه، ينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم من كليهما. «حاشية الدسوقي».
ثانيًا: مسألة حرية الرأي:
ومن صورها القول والتظاهر السلمي.. هذا حق مشروع أصل في الإسلام «وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان»، «الدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم».
وقد أدي هذا الحق أخيار من صحابة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - كأبي ذر - رضي الله عنه - مع الخليفة عثمان - رضي الله عنه، وابن الزبير - رضي الله عنه - تجاه بني أمية، ومن آل البيت - رضي الله عنهم - الإمام الحسين - رضي الله عنه - تجاه أحكام الظلم.
وهذا من أعلي درجات «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
حرية الرأي لا تعد خروجًا علي الحاكم في حدود الآداب الشرعية.
ثالثًا: مسألة: تصدي ممالئين أومناوئين لحكام في جريمة «البغي»:
■ «أ» إذا بغت طائفة علي الحاكم العدل الحق، فيجب علي باقي الناس «الإصلاح» قال الله - عز وجل: « وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما»، «لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بمعروف أو صدقة أو إصلاح بين الناس» فإن لم تستجب الطائفة الباغية الحاملة للسلاح، فتتولي مؤسسات الأمن «الشرطة والحرس الجمهوري مثلًا» فقط صدهم وهو المعني «فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء إلي أمر الله» بقدر الضرورة وفي أضيق الحدود، «فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون» - سورة الحجرات.
■ أما تولي آحاد وعدام الناس التصدي بالقوة المسلحة للأخري هما في جريمة البغي «سواء» قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم: «إذا ألتقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يارسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصًا علي قتل صاحبه».
■ من المقرر فقهًا: دفع المفاسد مقدم علي جلب المصالح، إذا اجتمعت مفسدتان روعي ارتكاب أخفهما اتقاء لأشدهما.
■ وعليه يحرم الاعتداء المسلح بجميع صوره علي متظاهرين سلميين، وإذا بدر منهم - أو من غيرهم - عدوان، فالأمر موكول لنظر الحاكم ومؤسساته المعنية بحفظ الأمن فقط.
■ رابعًا: مسألة: معاونة متقاتلين في بلد إسلامي:
لا يجوز بحال إعانة متقاتلين في بلد إسلامي لا بالسلاح «فيحرم بيع السلاح زمن الفتنة» ولا الخوض مع آخر ضد فريق مطلقًا، والواجب الشرعي:
■ أ- الإصلاح السلمي.
ب - الاعتزال والحيادية.
قد فقه الكثير من سادتنا الصحابة - رضي الله عنهم - ذلك فـي وقائع مشهورة معروفة مثل معارك «الجمل، صفين، النهروان، كربلاء».
يجب عدم الخلط والتدليس والتلاعب بالأحكام الفقهية لمغانم الدنيا وحظوظها، أو لتوظيفها وتكريسها للأهواء الجامحة.