السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فؤاد قنديل يرصد مقدمات خيالية ونهاية مأساوية لثورة مصر




«دولة العقرب» رواية جديدة لفؤاد قنديل، صدرت حديثاً عن الدار المصرية اللبنانية، تدور أغلب أحداثها بسجن «العقرب» ... «الحرية» هي التيمة الأشمل التي يسعي فؤاد قنديل إلي إبرازها في سياق الرواية كلها، وهي بذلك تملك حساً ملحمياً، وطابعاً تسجيلياً في بعض أجزائها، حيث يعرض لبعض الوقائع جرت أحداثها منذ زمن قريب ولاتزال حية في الذاكرة مثل تفجير كنيسة القديسين وموت سيد بلال الشاب السلفي علي يد مباحث أمن الدولة، ومن قبله اختفاء الصحفي رضا هلال، ليضع فؤاد قنديل بذلك الأجواء التي مهدت لثورة يناير.

حيث يكابد بطلها ناجي الورداني أنواع العذاب، وهو الكاتب الذي يقبض عليه قبل الثورة، ويخرج من السجن مع أحداث فتح السجون التي رافقت جمعة الغضب، وعندما يخرج يبحث عن حبيبته «ريم» العاملة في مجال المسرح وصاحبة المواقف الوطنية المستقلة يفاجأ باختفائها، ويدخل مرحلة جديدة من العذاب، حتي يعثر عليها فاقدة الوعي لا تشعر بالعالم من حولها، بعد أن تعرضت لحادث مدبر، وكان ناجي الورداني يعتقد أنها في «التحرير» وسط الثوار، ويشهد في بحثه عنها ومشاركته في بقية أحداث الثورة «موقعة الجمل» وما جري فيها، وبعد أن عاين عملية فتح السجون من قبل مجهولين ركزوا في عمليتهم علي إخراج المسجونين الإسلاميين وهم يهتفون «الله أكبر» وبعضهم يتحدث بلهجة بدوية.
يقدم هذا الملخص السريع للأحداث رؤية شاملة وصورة سريعة لأجواء الرواية وطبيعة حركتها السردية، ومآلات أبطالها نهاية بنجاح الثورة المصرية في 25 يناير.
يقول فؤاد قنديل عن روايته «دولة العقرب»: إن كتابة هذه الرواية استغرقت ثلاث سنوات، وكان يعتزم أن تلحق برواية سابقة له هي «قبلة الحياة» التي انتهت بثورة شاملة، إلا أنه فوجئ باندلاع الثورة في يناير 2011 فتوقف عن الكتابة لأكثر من ستة أشهر.
اختار الكاتب أن تدور معظم أحداثها في حي السيدة زينب بالقاهرة، لرصد الحراك السياسي وما تمتع به من حيوية وعنفوان علي مدي سنة قبل الثورة، أسهمت فيه قطاعات وحركات عديدة من الشعب مثل «حركة كفاية» و«6 أبريل» ومجموعات من الصحفيين والشباب الحر، وشباب بعض الأحزاب وتعاونت مواقع التواصل الاجتماعي مع الشارع في تشكيل حالة ثورية جديدة لها طعم ورائحة ولون مختلف وأكثر فاعلية، أفضي بالكثير منهم إلي السجون، مما ألقي المزيد من الحطب علي الرماد الملتهب، ومن ثم خرجت الجموع في لحظة تاريخية لطي الصفحة المتعفنة، وفوجئ الكثيرون بالزخم السياسي والجيشان الثوري لدي الملايين التي كانت تنتظر بلهفة تلك اللحظة الإشارة».
يرصد فؤاد قنديل تقلبات الحياة السياسية ووهجها ولحظات انطفائها، طوال أحداث الرواية، حتي يصل إلي الفصل الأخير الذي يحاول فيه بطله «ناجي الورداني» إنقاذ «ريم»... في صورة رمزية لما تمر به مصر من معاناة، حين تدخل سيارة إنقاذها نفقاً مظلماً تتكاثر فيه العقارب علي سيارة الإسعاف، وتوشك ريم علي الموت حين يظهر ضوء شحيح آخر النفق، يرسل رسالة استمرار الأمل حتي لو كان بعيدا.
ولا يكمن جمال الرواية -كما يقول قنديل- في فكرتها ولكن في سردها الحي والنافذ إلي القلوب، وقد اختارت أن تمشي علي الشوك مثل أبطالها، وهي مثلهم تري حتمية العثور علي «ريم» مهما كانت المسافة التي تفصلها عن الحياة.