الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هدى أشكينانى: ثورات الربيع العربى أنهكتنى وحركت قلمى لكتابة نصوص لم أكتبها من قبل




هدى أشكينانى أديبة كويتية تكتب القصة القصيدة والشعر ... شعرها ينتمى لقصيدة النثر الذى تجمع بين جماليات الشعر والنثر، ونثرها تكيوه ملامح شعرية لغة ومعنى ... تحدثت فى حوارها لروزاليوسف عن المرأة الكويتية ووضعها الاجتماعى الحالي، ودورها الثقافى الجديد، كما كشفت عن مدى الألم الذى أصابها من العنف الذى شهدته دول الربيع العربي، الذى دفعها للكتابة عن أمور لم تعتد الكتابة عنها حسب تعبيرها... فإلى الحوار لمتابعة التفاصيل.
 
■ بدأت بكتابة القصة القصيرة .. فهل هجرتيها إلى غير رجعه؟ أم أن ما تكتبينه لا ينشر؟
 
- الكتابة ملاذنا للخلاص، لذا اخترت أن أكتبَ فى البداية دون النظر لأشكال تحدد هويتها شعر أم سرد، وهذه فى البدايات، تشكلت ملامح القصة القصيرة والتى قيل أننى أجيدها، لا أخفيك أننى أستمتع -فى السابق- بالسرد والحكى المطول، وهى فترة برأيي، أما الآن فقد تلاشت شيئا فشيئا، وحلّ محلها الشعر، وأخصه -قصيدة النثر- التى تجمع بين السرد والشعر، هى لوحة مكتملة الملامح، لكنى هنا قد تخلصت من الحشو واللغو الفائض، حيث استطعت أن أكتب قصيدة / نصاً يشبهنى فى ملامحه ووجوهه المختلفة، لكن لا يعنى ذلك أننى قد هجرت القصة لغير عودة، فالنصوص التى أكتبها لها أن تحمل روح القصة القصيرة إن أردت ذلك. ولدى بعض القصص القصيرة التى أحتفظ بها دون نشرها ربما لأننى أريد أن أوجه نفسى لوجهة واحدة وهى الشعر بدلا من أن أقوم بتشتيت قلمى بعدة وجهات. كل ما فى الأمر أننى أريد الخلاص أياً كان شكله!
 
■ لماذا التحول إلى كتابة الشعر الذى تراجع كثيرا لصالح الرواية على المستوى العربى والعالمي؟
 
- طبيعة أفكارى / رؤاى التى تحملها بعض نصوصى لا يمكننى أن أصيغها فى قالب الرواية، أجدنى مختلفة بعض الشيء، فأنا عندما أكتب لا أحب أن يشبهنى أحد، كما أننى عند الكتابة، أبحث عن كل شيء صعب ومستحيل.. لذا اتجهت للشعر، رغم أننى لا أحبذ تأطير الكتابة بقوالب بل أسميها نصوصاً أدبية دون تمييزها شعراً أو سرداً، لكن كما هو المتعارف سأقول جوازاً أن ما أفضله فى الكتابة والقراءة الشعر، برأيى أن الحياة قصيرة جداً وسريعة فلا يمكن أن أقرأ رواية من ٥٠٠-٧٠٠ صفحة -كأقل تقدير- وأهضمها مرة واحدة! كل ما أفكر به أن الشعر عالم يخلق توازنا بين ما نكتبه وما هو فى الواقع، لذا هو مواكبة لكل تطورات الحياة، له أن يعبّر بأقل الكلمات عن فكرة محددة دون اللجوء لعشرات المفردات والصفحات للتعبير عن موضوع معين، لا بد أن نختصر الحياة بأقل الطرق، والشعر أحدها!
 
لا أعتقد أن نصوص محمود درويش، أدونيس، أنسى الحاج، قاسم حداد لها أن تموت وتنتهي، فالشعر شئنا أم أبينا هو الأرض التى بنيت عليها بقية الأشكال الأدبية لذا لن تموت مطلقاً.
 
■ القلق حاضر فى نصوصك .. فهل القلق هو الشرارة التى تشعل فتيل الإبداع؟
 
- القلق الحاضر فى نصوصى جزء من شخصيتي، ولذا تجده ينعكس بشكل واضح فيما أكتب، الحياة التى نحاول مقاومتها كل ما فيها يشى بالقلق، بدءا بولادتنا/ نمونا/ علاقاتنا/ أفكارنا/ فقدنا/ موتنا كلها ترغمنا على القلق والشحوب، وقيل أن القلق مفتاحٌ لعمل وجهد مضاعف يمنعنا من السقوط. أجد أن القلق هو المحرض الأساسى للأمل! فى نصوصى يظهر القلق غالبا رغماً عني، لذا لا حيلة لى إن ظهر فهو يكشف ما أفكر به.
 
■ هل القصيدة لديك ملاذ ومناسبة لتأمل الذات؟
 
- لا أعتقد أن النص له أن يكون ازدواجياً بمعنى أن يتخلص من ذاتيته ويرتدى رداء الآخر بسهولة تامة!
 
أجد أن النص غالبا يبدأ بتأملات ذاتيه نابعة عن أفكار ورؤى مختلفة تكون نتاجاً عميقاً إلى ما توصلت إليه الذات مختزلة تجارب وخبراتمرت بها وهى محاولة أيضاً للتخلص من المجهول الذى يرسمه الآخر وفى أحيان كثيرة يكون جحيماً كما يصفه سارتر.
 
لذا من الطبيعى أن يكون النص الجنين الأهم للذات وهو التكوين الذى لا يمكن الاستغناء عنه.
 
■ برأيك .. هل انتهى دور الشاعر الرسولى بعد تحرر الشعر من القيود التى تحد من انطلاقه؟
 
- الشعر عندما يتحرر من قيوده هنا يتنفس دوره الأساسي، لم ولن تكن القيود عائقاً واضحاً فى الاكتفاء بأدوارنا / رسالاتنا التى نحرص على تقديمها فى الحياة، لذا أعتقد أن النص الشعرى مهما اختلفت أنماطه، أشكاله يبقى محافظاً على رسالته الأساسية التى وُضع من أجلها. فلا يمكن تأطير دور الشعر بإطار الوزن والقافية، لأن الشعر شعر، دون الحاجة لأى زوائد لغوية / شكلية.
 
الشعر كأى إبداع آخر يقدم هدفا نبيلا لأجل توعية المجتمع والمساهمة فى انضاجه ونشر كل الأخلاقيات الإنسانية كمقوم رئيسى يجمع بيننا رغم اختلافات شتى تسود المجتمعات.
 
■ ما الذى يشغل المرأة المثقفة فى الكويت؟
 
- أعتقد أن المرأة المثقفة فى الكويت قد اختلفت عما كانت عليه سابقاً، فهناك مستجدات كثيرة قد أحدثها التطور الرهيب فى مختلف المجالات، كما أن الأحداث الكثيرة التى اجتاحت العالم العربي، فتحت أمام المرأة آفاقا ربما كانت قد غابت عنها، فها هى المرأة الكويتية تحاول بشتى الطرق تحقيق المساواة فى ظل هيمنة الذكور فى مجتمع لا يعترف بوجود المرأة ككيان مستقل له خصوصيته، أفكاره، رؤاه، حريته..الخ
 
كل ما يعنى المرأة الآن هو الخروج من عباءة الرجل وسيادته بنبذ الاعراف والتقاليد المجتمعية التى تحد من انطلاق المرأة لسماء أرحب وأجمل تفيض حرية وعطاء لا حدود له.
 
■ ما تفسيرك لارتفاع نسبة العنوسة فى الكويت بالرغم أنه مجتمع وفرة؟
 
- برأيى أن الأمر يعود لطبيعة تفكير المرأة الكويتية، حيث هى تختلف تماماً عن المرأة السابقة، فلم يعد الرجل هو المسئول الأول لمصروفات الحياة اليومية التى كان يتكابد فى حملها لوحده، فمع ولوج المرأة فى سلك العمل بمختلف المجالات، استطاعت ان تثبت لنفسها أولا وللرجل ثانيا أنها قادرة على تحمل مسئولية العيش دون الحاجة لرجل!
 
كما أن المرأة فى الكويت لها أفكار وطموحات لا تتناسب مع طموحات المرأة الكويتية السابقة، فهذا الانفتاح الحضاري/ الإلكترونى قد قدّم للمرأة فرص كثيرة تمكّنها من تحقيق تطلعاتها الكثيرة التى قد يحد الزواج -بمفهومه القديم- من تمكين المرأة فى القيام بها.
 
■ كيف تتأملين ثورات الربيع العربى بعيون المبدعة؟
 
- قبل أن آكون مبدعة فأنا «إنسان»، ثورات الربيع العربى التى اجتاحت معظم الدول كانت ومازالت تتركز على أمور أساسية لكل انتفاضة يقوم بها شعب ما، كالحرية، مناهضة الظلم، الفقر، البطالة، سرقة الأموال العامة.. إلخ وهو الأمر الذى يدعو إليه الجميع ويود أن يتوافر فى مجتمعه.