الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وزير خارجية تونس تـ"روزاليوسف": فزاعة الإسلاميين خزعبلات استخدمها مبارك وبن على




أكد د.رفيق عبدالسلام وزير خارجية تونس أن تونس بعد قيام الثورة المصرية أصبحت أكثر اطمئنانا واستقرارا مؤكدا فى حواره لـ«روزاليوسف» أن وضع تونس العربى والاقليمى اصبح أكثر ترابطا وتماسكا بحجم التأثير السياسى والاستراتيجي، مشيرا إلى أن مصر هى البوصلة الرئيسية التى يقاس بها الوضع العربى إذا كانت مصر معتلة يكون الوضع العربى معتلا والعكس صحيح موضحا أن صعود الاسلاميين مجرد مبالغة ولا يوجد مخاوف منهم على الساحة التونسية وإليكم الحوار:
 
■ كيف ترى الاوضاع الآن بتونس بعد مرور عام ونصف على الثورة التونسية؟
 
ـ تونس بعد قيام الثورة المصرية أصبحت أكثر اطمئنانا واستقرارا ووضعنا العربى والاقليمى اصبح أكثر ترابطا وتماسكا على مستوى التأثير السياسى والاستراتيجى ونعيش مرحلة أولى وهى مرحلة انتقالية فى ظل وجود حكومة مؤقتة ورئيس مؤقت ومجلس وطنى مؤقت وهيئة عليا للدفاع عن الثورة والاصلاح السياسى ومع الانتخابات التى تعد أول انتخابات ديمقراطية فى الوطن العربى وكانت نتائجها محل قبول من مختلف القوى السياسية المتنافسة والتى شكلت صيغة جديدة للمشهد السياسى التونسى يشارك بها 3 قوى رئيسية انتهت بتشكيل حكومة ائتلاف وطنى وهى حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الى جانب مستقلين وإداريين وأتصور هذا النموذج السياسى جيدا لتونس وللعالم العربى ونتيجة لوجود بعض الأزمات لإدارة الحياة السياسية فى مرحلتها الجديدة بروح توافقية واحدة وبشراكة وطنية تكون منعكسة فى تركيبة الحكم الجديد لمواجهة التحديات والمخاطر التى تواجه بلادنا ولا نخفى وجود بعض الازمات التى تمر بها تونس نتيجة لأخطاء الماضى ومازلنا نعالجها فالحكومة الائتلافية أفضل البدائل وهى أفضل من حكم يتولاه حزب واحد وهى عملية الانتقال الديمقراطى التى تحتاج إلى شىء من التدرج.
 
■ فى رأيك ما الذى جعل مصر تتأخر فى التحول الديمقراطى عن تونس؟
 
ـ لا أرى أن مصر «متأخرة» فى خطواتها بالمرحلة الانتقالية بل تسير فى الاتجاه السليم رغم بعض الصعوبات ووضعها شبيه بالوضع التونسى فمصر لها حجم ووزن سياسى واستراتيجى وهى البوصلة الرئيسية التى يقاس من خلالها الوضع العربى إذا كانت مصر سليمة يكون الوضع العربى سليما وإذا كانت معتلة يكون الوضع العربى معتلا وما حدث فى تونس غير من عناصر كثيرة فى المشهد السياسى العربى التونسى ومن المياه الراكدة فى النهر العربى ربما لعقود طويلة أهمها عملية التغير فى العالم العربى والتى بدأت بتونس ومصر، على الرغم من وجود مخاطر كبيرة فى بداية الثورة خاصة من طرف بعض دول الجوار تحديدا ليبيا كانت لديها مخاوف كبيرة من انتقال الثورة إليها مما أدى لارباك الواقع الداخلى لتونس وبعد قيام ثورة مصر أصبحنا أكثر اطمئنانا ووضعنا العربى والاقليمى أصبح أكثر ترابطا وتماسكا بحجم تأثيرها السياسى والاستراتيجى.
 
فمصر تسير فى الاتجاه الصحيح وأجرت انتخابات ديمقراطية وكما تضم حكومة الائتلاف الوطنى بتونس عائلات فكرية وسياسية مختلفة إسلاميين وعلمانيين ويساريين وسياسيين فإن المشهد السياسى فى مصر مشابها لمشهد تونس ويضم إخوانا ويساريين، ويجب أن يعلم الشباب أصحاب الطموح العالى أن الأهداف الكبرى لا يمكن تحقيقها فى وقت سريع ولابد من منح الحكومات وقتا.
 
■ ما الأهداف التى ترى أنها لم تتحقق فى الثورة التونسية؟
 
ـ لا توجد ثورة تكتمل خلال عام ونصف فهناك أهداف تحققت والبعض لم يتحقق ومن الأهداف التى تحققت التغيير وهو ليس بالأمر البسيط تونس تحولت من انفراد حزب واحد إلى مائة حزب ومن حكم بوليسى إلى سلطة حكم مدنى ديمقراطى، والآن يوجد جهاز أمنى مستقل، أما ما لم يتم حتى الآن فيتمثل فى صعوبات اجتماعية واقتصادية ومطالب فئوية من مختلف الفئات أهمها مطالب الشباب وطموحاته المرتفعة وهو تحد تنموى فبعض المدن عانت من التهميش والتى انطلقت منها الثورة مثل بوزيد ووسط والشمال الغربى بتونس ولقد عانت من الكثير من الحرمان وتحتاج لاهتمام خاص فى الجانب الاقتصادى وفى التعليم والصحة والعمل وإعادة هيكلة الجيش التونسى فليس لدينا مشكلة مع الجيش باعتباره مؤسسة عسكرية يقتصر دورها على حماية الأمن والحدود وحماية البلاد ولا تتدخل فى الحياة السياسية مما يسهل عملية الانتقال الديمقراطى.
 
■ لماذا تأخرتم فى اعادة صياغة الدستور؟
 
ـ المجلس الوطنى التأسيسى الذى تم انتخابه مهمته إعادة صياغة دستور جديد تتفق عليه الأحزاب خلال بضعة أشهر لا تتجاوز مدته عاما ونصف العام لوضع دستور يكون ضامنا لمدنية الدولة وحاميا للحريات العامة والخاصة.
 
■ كيف ترى الدعم الأوروبى الاقتصادى لمصر وتونس وكيف ترى المشهد السياسى لسوريا؟
 
ـ استمعنا لوعود شركائنا الأوروبيين بدعم التجربة الجديدة فى العالم العربى خلال اسبوع واحد استقبلت وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وألمانيا واستمعنا بصورة واضحة عن دعمهم للديمقراطية فى الوطن العربى، أما الدعم الاوروبى الاقتصادى لم نر شيئا ملموسا وكل ما تم هو وعود بمبالغ لدعم بلاد الثورات العربية خاصة مصر وتونس والتى وصلت إلى 20 مليار دولار، لكن على المستوى العملى لم نتلق شيئا يذكر ومازلنا ننتظر إيفاء الدول الأوروبية والغربية بوعودها.
أما لو قرأنا فى المشهد السورى لا نملك إلا أن نتعاطف مع الشعب السورى فى مطالبه المشروعة فهو ليس أقل استحقاقا فى الديمقراطية والكرامة والمشاركة السياسية من الشعب التونسى والمصرى وأرجو ان تتم معالجة الوضع السورى لحقن الدماء السورية فى أقرب وقت ممكن لانها دماء شعب واحد عربى وتتجاوز سوريا هذه المنحة بأقل ما يمكن من الخسائر البشرية والمادية ولابد أن يتم الحل ضمن الاطار العربى تحديدا تحت سقف الجامعة العربية.
 
■ ماذا عن مخاوف الغرب من صعود الإسلاميين فى مصر وتونس؟
 
ـ الإسلاميون مسار طبيعى تم تعطيله بقوة القمع لسنوات وربما لعقود طويلة ومخاوف الغرب من صعود الاسلاميين مبالغ فيها وغير مبررة فهو مشهد طبيعى يعبر عن حقيقة القوى السياسية التى تسير على الارض والحكومة التونسية تعزز مكتسبات المرأة ولا تنتقص منها كما توجد مكتسبات تتعلق بالحقوق السياسية والمدنية وهى ليست ادعاءات ونرحب حتى لو صعدت لمنصب الرئاسة ففى المجلس الوطنى التأسيسى تحتل المرأة 49 مقعدا منها 41 امرأة ضمن حركة النهضة بتونس تعزز الآن حقوق المرأة وجود وزيرتين ونأمل أن تتولى المرأة منصب رئيسة تونس فى الأعوام المقبلة فالنساء فاعلات سياسيات يتأثرن بالمحيط الذى يشتغلن فيه ويحتجن مناخا جيدا وصحيا يمنحهن العمل بتيار سياسى عقلانى رشيد وليس تيارا سياسيا محكوما بالقمع والقهر كما فى عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن على وهى كانت تعبيرات مشوهة من النظام السابق.
 
■ البعض اتهمك بأنك من فلول النظام السابق وقامت بعض الاحتجاجات لوجودك وزيراً للخارجية فكيف واجهتها؟
 
ـ جئت كوزير خارجية طبقا لانتخابات ديمقراطية ولم آت من انقلاب عسكرى ولا توليت المنصب من جهة معينة بل جئت عن طريق حكومى من انتخابات المجلس الوطنى التأسيسى.
 
■ ما الخطوات التى تم اتخاذها لإعادة الأموال المنهوبة؟
 
ـ علاقة تونس الخارجية الجيدة مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا ساهمت فى اعادة أموالها المنهوبة نحن نطالب بالتعاون الدولى لاعادة الاموال المنهوبة من خلال مؤسسة قضائية تتابع بشكل تفصيلى هذه الأموال وهناك تفاوت فى التقديرات للاموال المنهوبة ويصل الرقم الى نحو 50 مليار دولار فى جميع بلدان العالم خاصة فى دول أمريكا اللاتينية، ولقد تم استعادة البعض منها مؤسسات مالية كانت تحت تصرف المخلوع وضعت تحت تصرف المؤسسة القضائية وتديره الحكومة والتى تتابعها بطريقة مهنية سواء الممتلكات مثل قصور زوجة الرئيس المخلوع أو الاموال المنهوبة حتى يتم استعادتها باعتبارها حقا مشروعا للشعب التونسى، فتونس بلد عربى متوسط افريقى وهناك تعاون اقتصادى واستراتيجى خاصة مع الدول الافريقية منها واجتماع الاتحاد الافريقى فى أديس أبابا ورغبتنا فى توثيق علاقاتنا كبلد عربى متوسط أفريقى.
 
■ ما رأيك فى الأقاويل التى تردد رغبة راشد الغنوشى فى السيطرة على البلاد؟
 
ـ راشد الغنوشى لا يتولى أى مهمة رسمية أو منصب حكومى بالدولة هو مجرد رئيس حزب من بين أحزاب أخرى فى الحكومة ليس رئيسا للدولة أو وزيرا بالحكومة المنتخبة وهى حكومة ائتلاف وطنى والتى تتكون من 3 أحزاب هى ادعاءات إعلامية فلا توجد أى سيطرة لشخص خارج سيطرة الحكومة.
 
■ لماذا لم تتحقق الحياة الديمقراطية حتى الآن بتونس؟
 
ـ الدستور التونسى لم يتم صياغته حتى الآن لكى تتحقق الحياة الديمقراطية لابد من صياغة الدستور أولا وبصدد مناقشته من خلال تركيبة اللجان والمصادقة على لجان فنية لكتابة الدستور.
 
■ ما هى أطر التعاون بين مصر وتونس؟
 
ـ أولا: لابد من تفعيل اللجان المشتركة بوجود هيئة عليا للتنسيق بين البلدابين، ثانيا: تفعيل اللجان المشتركة والتكامل الاقتصادى والتنسيق السياسى بين مصر وتونس من خلال التنسيق فى الجامعة العربية مع ضرورة تفعيل الاتفاقيات التى تشمل جميع المستويات وأهمها التكامل الاقتصادى من خلال الجامعة العربية والسوق العربية المشتركة وتونس حريصة على تفعيلها لمصلحة تونس ومصر وباقى الدول العربية بما يخدم المصالح العربية المشتركة.
 
■ وكيف ستكون علاقة تونس مع دول الجوار فى إطار محيطها العربى والإسلامى والدولى؟
 
ـ ستكون علاقات متوازنة والعلاقات الخارجية لا تبنى على توجهات حزب أو فئة معينة، والعلاقات الخارجية للدول تتأسس على قراءة وضعها الجغرافى السياسى وامكاناتها المادية والمعنوية، تونس بلد متعدد الابعاد فدول المغرب العربى ليبيا والجزائر والمغرب لابد أن تنال نصيبا كبيرا من الاهتمام، ثم الدائرة العربية والافريقية لابد أن تنال نصيبا أوفر من اهتمامنا أيضا، ثم اننا بلد متوسطى ولدينا اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبى فسنعمل على تعزيز هذه العلاقات وحتى تطوير علاقة الشراكة باتجاه شراكة متميزة بين تونس والاتحاد الأوروبى.
 
■ كيف ترى العلاقات التونسية السعودية فى ظل وجود الرئيس بن على بالمملكة العربية السعودية؟
 
ـ علاقتنا بالمملكة العربية السعودية جيدة ومتميزة فالسعودية دولة أساسية ومهمة وذات ثقل وتأثير فى العالم العربى وفى العالم الاسلامى وهناك زيارة قريبة لرئيس الحكومة التونسى إلى المملكة العربية السعودية.
 
■ كيف تتعاملون مع التيار الإسلامى لو وصل للحكم فى مصر؟
 
ـ فزاعة التيارات الإسلامية خزعبلات كان يرددها بن على ومبارك لإرهاب زعماء الدول الغربية إما نحن أو الجحيم الأهم الآن أن يحكم تحقيق التجربة الديمقراطية والساحة المصرية بطبيعتها معتدلة وروح الاعتدال غالبة فيها كما غالبة فى تونس ونتعامل مع من يحكم مصر سواء إسلاميين أو غير إسلاميين، علاقاتنا بمصر مرتبطة باعتبارات سياسية واستراتيجية وليست مرتبطة بالتوازنات الداخلية ما يهمنا المصالح العربية المشتركة.