الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البرادعي ومدفعية التصريحات !
كتب

البرادعي ومدفعية التصريحات !




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 13 - 09 - 2010



المصريون لديهم فائض كبير من الشعارات التي يستخدمها


(1)


- هل فقد الدكتور محمد البرادعي أعصابه، فبدأ في استخدام ألفاظ وأوصاف وعبارات، لا تليق أبدا مع شخصه ولا مكانته العلمية، ولا مع أسلوب التخاطب النظيف الذي يدعو إليه؟ لو استخدم معارضو البرادعي نفس المفردات التي يستخدمها ضده، لأقام الدنيا ولم يقعدها، متهما غيره بالإسفاف والبذاءة والقذف والسب والتطاول عليه.. وكأنه حلال عليه أن «يشوه» الآخرين، وحرام علي الآخرين أن يقتربوا منه.


- هل هو نوع من التسخين أم اليأس والإحباط؟.. وهل كان يتصور أن الناس ستقول «آمين» فورًا لما يطرحه من أفكار وآراء، فخدع فيهم وصدم في عدم حماسهم؟
(2)
- مثلاً.. في اجتماعه مع مجموعة من المثقفين يوم الخميس الماضي قال البرادعي: «النظام شرس ويفتقد المصداقية والأخلاق، وإنه لم يتصور منه غير ذلك».. ولا أدري بالضبط ماذا يقصد بلفظ «النظام»؟!
- هل يقصد الصورة التي نشرت لابنته، مع الوضع في الاعتبار أن الذي قام بالنشر هو الصحف الخاصة والحزبية ولم تنشرها الصحف القومية..؟ ولماذا يكبر المسألة ويريد أن يستثمرها إلي حد التهويل؟
- الصورة المنشورة، لفتاة بلباس بحر عادي وليس عاريا، وتم ترويجها علي الإنترنت والتعليق عليها، وربما تكون ابنته أو إحدي صديقاتها هي صاحبة نشرها بحسن نية.
(3)
- لفظ «النظام» نفسه من بقايا الأنظمة الشمولية، وكان يستخدم للتعبير عن الدولة أو الحكومة أو أجهزة الأمن، أما الآن فلا يمكن جمع كل هذه الأجهزة السيادية تحت كلمة واحدة.
- فمن ناحية، ليس هناك «تار بايت» بين الدولة وبين الدكتور البرادعي، فهو أحد أبنائها المحترمين الذين شرفوها في الخارج، وحصل علي أعلي الأوسمة والنياشين، ولم يتناوله أي من رجال الدولة إلا باحترام وتقدير.
- أما إذا كان يقصد ب«النظام» الحكومة، فهو أول من يعلم أن رئيس الوزراء والوزراء لم يتناولوه بكلمة أو جملة تنتقده أو تنال من وقاره واحترامه.
(4)
- وإذا كان يقصد ب«النظام» الصحف القومية، فهي لم تفعل سوي انتقاده، كما تنتقد الوزراء وكبار المسئولين، الذين يشكون مر الشكوي من الهجوم عليهم في الصحف القومية.
- هل تتآمر الصحف القومية علي الحكومة حين تنتقد الوزراء، بأكثر مائة مرة مما كتبته عن البرادعي؟.. أم أنها «هوجة» تشويه صورة الصحافة القومية، وإلصاقها بتهم ليست فيها؟
- لماذا لم يغضب البرادعي من الصحف الخاصة والفضائيات، وبعضها صنع له كمائن إعلامية.. وهل هي - أيضًا - شريكة مع النظام في التآمر عليه.. ومحاولة النيل منه؟!
(5)
- البرادعي يقول أيضًا: «إن أسرع طريقة لتغيير النظام هي مقاطعة الانتخابات بالكامل ترشحا وانتخابا».. فهل عاد إلي مصر من أجل التغيير أم المقاطعة..؟ وهل يعتقد أن المقاطعة هي سلاحه الفعال؟
- سبق لأحزاب كثيرة أن قاطعت الانتخابات، فحكمت علي نفسها بالعزلة والانزواء، وخسرت الجلد والسقط، وفقدت فرصا ذهبية للاحتكاك بالجماهير وشرح برامجها وسياساتها.
- مشكلة الدكتور البرادعي أنه يتصور أنه سيقول للشيء كن فيكون.. وعندما يدعو للتغيير، يتصور أن الناس سيخرجون بالآلاف في الشوارع يهتفون «تغيير.. تغيير».
(6)
- الدكتور البرادعي يمارس السياسة بطريقة السياحة، ويتصور أنه بمجرد قيامه بجولة في مناطق السياسة السياحية، سيغزو تلك المناطق، ويرفع فوقها أعلامه.
- ربما يكون هذا التصور الخاطئ راجعا لغربته عن مصر وانعزاله عن اكتشاف طبيعة الأشياء علي حقيقتها، فهذا الشعب يستقبلك ويبتسم في وجهك، ولكن ما في رأسه في رأسه.
- من الصعب جدا أن يرفع الدكتور البرادعي شعارات نظرية براقة، ويتصور أنها مفتاح الجماهيرية والشعبية، مع أن هذا الشعب شبع شعارات وأصبح عنده فائض منها.
(7)
- هل الإحباط يدفع الدكتور البرادعي إلي تبني مواقف لا تتسق مع آرائه ومعتقداته ومبادئه، مثل حالة الغزل الهزيل مع جماعة الإخوان المسلمين، مع أنه من المفترض أن يكون في صف الدولة المدنية وليس الدينية؟
- في اجتماعه مع المثقفين قال له بعضهم «لا يصح أن تجلس، تحت لافتة السيف والمصحف» في إشارة لتنسيقه مع الجماعة المحظورة، وهو يعلم جيدًا أنها لعبة مصيرها الفشل الذريع.
- البرادعي يتسلح الآن بمدفعية التصريحات النارية الساخنة، ليجعلها ستارًا يخفي وراءه شعوره بالإحباط.. ويغالط نفسه لأن التغيير يحتاج نفسا طويلا، وليس «تيك أواي».


E-Mail : [email protected]