الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
العودة إلي القانون
كتب

العودة إلي القانون




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 16 - 09 - 2010


كثرة اللجوء إلي المحاكم سلاح ذو حدين!
( 1 )


- أخشي أن يأتي يوم، يعجز فيه القضاء عن نظر آلاف الدعاوي التي تهبط عليه كالأمطار.. صحيح أن اللجوء إلي القضاء حق دستوري وظاهرة إيجابية، لكنه يكشف عن حالة من الخلل، تحتاج إلي شرح وتفسير.


- تجاوزت الأحكام في الفترة الأخيرة النطاق المحدود للمتخاصمين وأصحاب القضايا إلي دوائر أوسع تمس قطاعات عريضة من المواطنين، مثل أحكام إبطال عقد مدينتي وإلغاء انتخابات الزمالك والعلاج علي نفقة الدولة وغيرها.
- جميع الجهات والهيئات ترمي مشاكلها وفشلها علي القضاء، وتطلب منه أن يتصدي للفساد والانحراف، وأصبح القضاء هو الشماعة التي يعلقون عليها فشلهم وتراخيهم.
( 2 )
- في قضية الخشخاش مثلاً كان من المفترض أن تتخذ وزارة الثقافة إجراءات كثيرة، ولا «تشيل بلاوي» عن محسن شعلان كما قال الوزير، فهذه البلاوي هي التي أدت إلي سرقة اللوحة بهذه الطريقة المضحكة.
- وفي قضية انتخابات الزمالك، تقع المسئولية علي الجهة التي أشرفت علي الانتخابات، وضربت بالقانون عرض الحائط، لأنهم أفلتوا بإهمالهم وتواطؤهم ويدفع النادي ثمناً فادحاً.
- وفي قضية مدينتي تسود حالة من الرعب والخوف آلاف الحاجزين، ولكن المتهم الحقيقي الذي ضرب بالقانون عرض الحائط مازال مجهولاً، لأنه رمي القانون وراء ظهره.
( 3 )
- نحن إذن في مرحلة جديدة تتطلب رفع درجات الوعي بالقانون إلي أقصي درجة، بعيداً عن الفهلوة والفبركة والتحايل وشغل الترزية الذي تنجم عنه هذه المشاكل الكبيرة.
- البعض يتصور أنه فوق القانون، وأن تعليماته أوامر وقراراته ذات سيادة، مع أنه لا يفهم شيئاً في الإجراءات الواجب اتباعها لسلامة إصدار القرارات ومشروعيتها.
- لا مشروعية لقرار أو إجراء خارج إطار القانون، والمستور الآن، سيكشف عنه النقاب غداً، فلا حماية لأحد ولا حصانة لأحد، إلا أن تكون قراراته وإجراءاته سليمة وقانونية.
( 4 )
- القضاء يتحمل فوق طاقته، سواء المحاكم أو النيابة العامة، ويتصور كثير من المسئولين أن الإبلاغ هو سند براءتهم ونزاهتهم، مع أنه دليل قاطع علي قصور فادح وخلل رهيب.
- المشكلة تأتي بسبب الجهل بالقانون، ولكن الأخطر من ذلك هو أن يتصور البعض أن القانون لعبة في أيديهم، ويقومون بتشكيلها حسب رغبتهم وأهوائهم.
- وللأسف الشديد، فالمسئول الذي يخالف القانون، يقف دائماً وراء الستار، ويدفع غيره ليتحملوا المسئولية، وأصبحت الموضة الآن أن كثيراً من المسئولين لا يوقعون ورقة بخط أيديهم.
( 5 )
- المشكلة تأتي أيضاً من تعدد القوانين التي تحكم شأناً واحداً، وأحياناً تكون غامضة وتقبل تفسيرات وتأويلات كثيرة، وأحياناً تكون متضاربة ومتعارضة، وعكس بعضها.
- القضاة في أحيان كثيرة يكون لهم العذر في عدم الإلمام بالقوانين من كثرتها وتعاقب تعديلاتها، بجانب نصوصها المطاطة التي تقبل الكثير من التأويل والتفسير.
-المحامون يجيدون النفاذ من هذه الثغرات لصالح موكليهم، والمحامي الشاطر هو الذي يعرف متي يوظف النص المناسب للحصول علي الحكم الذي يحقق مصالح موكله.
( 6 )
- الأحكام التي تتعلق بمصالح فئات كبيرة تؤدي لا محالة إلي عدم الاستقرار والبلبلة والتخبط، وهذا ليس عيب الأحكام، ولكن عيب من كانوا وراء تلك القرارات الباطلة.
- حكم مدينتي مثلاً هو بمثابة قنبلة موقوتة تهدد مئات المشروعات التي تم تخصيص الأراضي لها بالأمر المباشر، فماذا يفعل ملايين الناس إذا تم الطعن في هذه القرارات؟
- الزمالك - أيضاً - لم يخرج من المحكمة حين دخلها منذ أكثر من ست سنوات، بطلان وصحة، انتخابات وتزوير، مجالس تأتي وتذهب مثل ركاب أتوبيس الأرياف.
( 7 )
- كثرة الأحكام والقضايا والبلاغات والذهاب إلي المحاكم والنيابات بمثابة إنذار شديد اللهجة، للمتحايلين والمهملين والمتراخين بأن يعودوا إلي حظيرة القانون، فلا حماية لهم بعيداً عنها.
- إنذار يستوجب علي الجميع أن يتسلحوا بالثقافة القانونية أو أن يتركوها لأصحاب الشأن، فما خاب من استشار، وليس هناك عيب في الاستعانة بمستشارين علي مستوي عالٍ.
- إنه سلاح ذو حدين، يجب أن نعظم من فائدته، ونقلل من مساوئه.. وخارج القفص متهمون كثيرون، كان يجب أن يدخلوه.


E-Mail : [email protected]