الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأهرام.. ودموع التماسيح !
كتب

الأهرام.. ودموع التماسيح !




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 21 - 09 - 2010


قصة الصورة التي كشفت «نوايا التربص»!
(1)


- كان بمقدور الأستاذ «أسامة سرايا» رئيس تحرير الأهرام أن يتنصل من مسئوليته عن نشر صورة الزعماء التي أثارت ضجة هائلة، وأن يبحث عن كبش فداء يعلق في رقبته المسئولية، ويوقع عليه أقصي عقاب.


- عشت وشفت كثيراً في هذه المهنة، صحفيين كبار ورؤساء تحرير عظام، كانوا يفعلون ذلك، ويقولون: «كنت مسافر»، «مشفتش»، وغيرهما من الحجج والمبررات المحفوظة عن ظهر قلب، التي تمنع عنهم الإحراج.
- «سرايا» لم يفعل ذلك، وتحمل المسئولية، ووقف صلباً يواجه حرباً شرسة وظالمة، خصوصاً من بعض الصحف الخاصة التي ترتكب كل يوم أخطاء مهنية فادحة، ولكنها لبست رداء «الفضيلة المهنية».
(2)
- لم يهرب «سرايا» من المواجهة لعدة أسباب، أولاً: التزام أخلاقي بعدم الزج بزملاء صحفيين في أزمة كبيرة قد لا يتحملون تبعاتها، وتؤثر في مستقبلهم المهني، وكم من مسئولين يفعلون ذلك بقلب ميت.
- ثانياً: التزام مهني بمسئولية رئيس التحرير عما ينشر في صحيفته، لأن الصحيفة ليست كالطابونة، لها رئيسان: أحدهما للجاه والمنصب والآخر للقضايا والحبس.
- ثالثاً: لأن «سرايا» مقتنع منذ البداية بما فعله، لم يتراجع أو يعتذر عنه، وله أسباب ومبررات مهنية، تجاهلها الذين أعلنوا الحرب المقدسة، علي الأهرام والدولة، مستخدمين شعارات صارخة.
(3)
- «سرايا» يري أنه لم ينشر صورة الزعماء في البيت الأبيض المنشورة أوائل هذا الشهر، ولم يكتب تحتها اسم مصور أو وكالة، كما أن الموضوع المنشور لا يتحدث عن قمة واشنطن.
- ويري أنه استخدم تكويناً جديداً، ولكن الصورة التي نشرت علي الإنترنت وأثارت الضجة، تم نزعها من مضمونها وتكوينها ومغزاها، وتم حذف العنوان الرئيسي المكتوب أسفلها: «الطريق إلي شرم الشيخ».
- اجتهد «سرايا» في خلق تجانس بين مضمون الموضوع المنشور والصورة التوضيحية والشكل الفني، ليوضح للقارئ أن الرئيس مبارك هو الذي يقود المباحثات في الجولة الجديدة التي تستضيفها شرم الشيخ.
(4)
- قد يتفق البعض مع رئيس تحرير الأهرام، أو يختلف، ولكن ما حدث بعد ذلك يفوق الوصف والخيال، وكأن «سرايا» قد أعلن حرباً جديدة في الشرق الأوسط، أشد ضراوة من اجتياح إسرائيل لغزة.
- المنتقدون في الداخل والخارج، رفعوا شعار: «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذي، حتي يراق علي جوانبه الدم».. دم سرايا والأهرام والدولة والنظام والبلد.
- ألصقوا بالصورة كل الهزائم والنكبات التي حلت بالأمة العربية والإسلامية، من غزوة بدر حتي حرب غزة، وركب «فرسان الاحتقان» خيولاً عرجاء، يلهثون بها وراء الأشرار الذين زيفوا الصورة.
(5)
- الجرائم التي ترتكبها الصحف التي أعلنت الحرب المقدسة، أضعاف أضعاف الصورة التوضيحية وما حدث فيها، ولكن لماذا هذه الضجة المفتعلة وغير المسبوقة؟
- أولاً: محاولة ضرب الأهرام، باعتباره عملاق صناعة الصحافة في مصر، وجرجرة الصحافة القومية في حرب استنزاف كلامية، يغلب عليها التهويل والتحريض والإثارة.
- ثانياً: استخدام الحدث في تطوير الهجوم علي مصر ومكانتها ودور زعيمها، وكأنهم كانوا ينتظرون هذه الصورة، ليديروا نفس الأسطوانة المشروخة «دور مصر».
(6)
- ثالثاً: تخويف المؤيدين، والتنكيل بهم، ولو فتحت الإنترنت الذي فبرك ضجة الصورة، سوف تجد حرباً ضروساً لاغتيال كتاب الصحف القومية المساندين لدور الدولة المصرية والمدافعين عن مكانتها.
- رابعاً: إنهم نفس الأقلام والأصوات، الذين يتصدرون المشهد الإعلامي في مصر، ويظهرون في كل أزمة، ويذرفون دموع التماسيح حزناً علي الوطن، ومن أجل أهداف ظاهرها النبل وباطنها الكراهية.
- خامساً: إنها محاولة جديدة لتقسيم الصحافة المصرية إلي أحرار وعملاء.. الأحرار هم حملة الأقلام الناقدة والحادة والصارخة، أما الخونة فهم كل من يفتح فمه بكلمة تأييد في الصحافة القومية.
(7)
- ما حدث في الصورة اجتهاد شخصي، يتحمل صاحبه مسئوليته، لكن الضجة خرجت بالحدث عن حدوده المهنية إلي أبعاد أخري المؤكد أنها لم ترد في ذهن المسئول عنها.
- «في الطريق إلي شرم الشيخ»، من الطبيعي أن يكون رئيس مصر في صدارة الصورة، والعالم كله يقر بذلك ويعترف به، ولكن أزمة الصورة المفتعلة أحدثت تشويشاً علي القضية الأساسية وهي مباحثات السلام.
- الصورة كشفت روح التربص، ليس استهدافاً للأهرام ولا الصحافة القومية فقط ولكن النظام السياسي، وصولا إلي ضرب الدولة المصرية والتشكيك في دورها ومكانتها.. وانتظروا من ذلك الكثير.


E-Mail : [email protected]