الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المنظومة الاقتصادية «الناقصة»






حماد عبدالله حماد روزاليوسف اليومية : 07 - 04 - 2010



لايمكن الحديث عن النمو الاقتصادي من زوايا محددة ومنقوصة!! فنحن نتحدث عن ترويج للاستثمار المباشر في أرجاء مصر ، ونتحدث عن تشريعات تساير المجتعات المتقدمة اقتصادياً، ونحفز الاستثمار، ونعمل علي حرية حركة رأس المال، ونعمل علي سرعة في التقاضي، وكذلك تشريعات تحقق الخروج الآمن من السوق في حالة الإفلاس أو التوقف عن العمل، ونتحدث عن تغيير شامل في منظومة التعليم المتدهور في مصر ، حتي يصبح لدينا خريجون من المدارس الفنية أو من المعاهد العليا الصناعية أو من الجامعات، تواكب مهاراتهم سوق العمل والتكنولوجيا الحديثة في شتي مجالات الاقتصاد، فنتحدث عن قوانين تنظم الحقوق بين العمال وأرباب الأعمال، فنتحدث عن قوانين تفصل بين حق الدولة وحق المستثمرين، ونتحدث عن قانون ينظم مشاركة القطاع الخاص للحكومة في مشروعات البنية الأساسية، ونتحدث عن دور قوي للدولة في غابة "الرأسمالية الحرة المستقلة" أو التي ترغب في أن تقود التنمية في بلادنا، ومع ذلك لم نتحدث، بل لم يرد في أجندة العمل الوطني، مشكلة الأجور، ولقد تحدثت وكتبت عشرات المقالات وغيري كذلك في اهمية تفعيل المجلس الأعلي للأجور، وأن يكون هناك تصور لوضع حد أدني للأجور في مصر، ولقد استدعيت عدة حوادث بعينها في دول شقيقة وأجنبية، وكيف تتحرك الدولة للحفاظ علي حق عامل أو عاملة في الحصول علي الحد الأدني للأجر، حتي ولو كان هذا العامل أو العاملة في تلك الدولة مصنفة بأنها أجنبية أو أجنبي، ولكن هذا لا يفرق بين مواطن وغريب في نيل حقه من مستخدمه.
تحدثت أيضاً علي أن رفع الحد الأدني للأجر بين فئات العاملين من موظف إلي أستاذ جامعي إلي مهني أو عامل، سوف يحقق رواجًا في الاقتصاد الوطني، حيث ستزيد نسبة الإنفاق في السوق، حينما يأخذ العامل حقه في أجر طيب، يسمح له بأن يتسوق ، بديلاً عما هو حادث بأن الأجر يسمح للعامل اليوم أن "يتسول"!
إن المنظومة الاقتصادية الكاملة، تستوجب أن يكون هناك كل ما أشرتُ إليه في مقدمة مقالي اليوم، ولكن بجانب ذلك، يجب أن يكون هناك أجور متوازنة، وأجور متعادلة مع نسب التضخم السائدة في السوق، أجور ترفع من مستوي المعيشة للفرد والأسرة.
أجور تسمح بالعيش الكريم في مجتمع ننشد فيه العدالة والمساواة، ونطالب بمشاركة لكل أطياف الشعب في الحياة السياسية المصرية وهذا لا يتأتي في ظل، أجور متدنية، وسعي دائم للبحث عن استكمال للأجر لقضاء حاجات الحياة الضرورية للأسرة، سواء بعمل إضافي أو بطلب مقابل أداء الخدمة الحكومية، وهو ما يعرف بالفساد في التعريفات الحديثة ويعرف عندنا (بالقهوة والشاي والحلاوة)، كلها مفردات فهلوة لاستكمال المنقوص من الراتب أو الأجر المستحق، ولكن بأسلوب ملتو، كل هذه العاهات، هي صورة تعبر عن نقص شديد في كيان المنظومة الاقتصادية المصرية، ولعل افتراش شوارع العاصمة من موظفي دولة، حاصلين علي مؤهلات جامعية، براتب شهري لا يتعدي المائة والعشرين جنيهاً أي (15 يورو) أو عشرين دولارًا في الشهر، هذا شيء مهين ولا يمكن أن ندعي بأننا قد حققنا نمواً اقتصادياً، فهذا وهم، لأن المنظومة ياسادة ناقصة أهم عناصرها!