الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حرب الكرامة
كتب

حرب الكرامة




 


    

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 04 - 10 - 2010



وكان مستحيلاً أن تصبر مصر أكثر من ست سنوات


(1)


- «نحن عدنا بعد ست سنين، وهتفنا مرحباً سيناء، أما شدك للرجوع حنين؟».. ولم تذق عيون مصر النوم لحظة واحدة منذ احتلال سيناء سنة 1967، وظلت تنتظر ساعة العبور العظيم.


- غنينا لبيوت السويس «يا بيوت مدينتي، استشهد تحتك وتعيشي أنتي».. «وأحلف بسماها وبترابها ما تغيب الشمس العربية طول ما أنا عايش فوق الدنيا».
- وهكذا ظلت مصر والمصريون في حالة استعداد قصوي لاستعادة قطعة غالية من أرض الوطن، والدرس المستفاد هو: بزوغ إرادة المصريين في أوقات المحن.
(2)
- هناك حكمة فرعونية قديمة تقول: «إن الشعب المصري يتحول إلي روح واحدة في جسد واحد في أوقات الخطر»، وبالفعل أصبحت مصر روحاً واحدة في جسد واحد.
- ربط المصريون الأحزمة فوق بطونهم، ووفروا من لقمة عيشهم، واختفت الشكوي من الأزمات بمختلف أنواعها، لأن لنا هدفاً واحداً هو: استعادة الأرض.
- اختفت الجريمة وساد الهدوء الشديد الشارع المصري، لأن الوطن كله كان يهيئ نفسه لساعة الصفر، يوم يستعيد كرامته وكبرياءه.. فلا وقت للشكوي.
(3)
- كان مستحيلاً أن تصبر مصر أكثر من ست سنوات، لأن البلد كله كان متفرغاً للاستعداد للحرب، وتخصيص كل موارده للمجهود الحربي.
- اختفت الشكوي رغم الأزمات الطاحنة في كل شيء، ورغم الطوابير الطويلة للحصول علي كيلو سكر أو فرخة أو علبة سجائر، أو زجاجة زيت.
- كل شيء يهون من أجل سيناء الحبيبة التي ضاعت في 6 ساعات، مثل الطفل الصغير الذي اختطفه عدو شرير من أحضان أمه.
(4)
- المصريون من الشعوب القليلة التي لا تطيق أن تقع قطعة من أرضها تحت الاحتلال، وقرروا أن يُضحوا بكل غالٍ ونفيس، لاستعادة الأرض والعرض.
- التضحية بدمائهم وأرواحهم، وليس هناك في الدنيا أغلي من ذلك، وسيناء بالذات هي أكبر جزء من أرض الوطن ارتوي بدماء وأرواح الشهداء.
- هي البوابة التي يأتي منها الغزاة علي مر التاريخ، وهي أيضاً مقبرة الغزاة، وتتحول أرضها وسماؤها إلي سجادة من نار تحرق المحتل.
(5)
- كان من الظلم الشديد أن تلحق بالجيش المصري هزيمة بشعة، دون أن يتاح لرجاله من الجنود والضباط فرصة عادلة في القتال، مثلما حدث سنة 67 .
- أُخذ هذا الجيش علي غرة، في حرب لم يكن مستعداً لها، ولكن دخلها دفاعاً عن الأشقاء السوريين الذين كانوا يتعرضون لاستفزازات إسرائيلية.
- حاربنا من أجلهم ومن أجل تحرير فلسطين، وتحالفت قوي الاستعمار لضرب عبد الناصر وكسر شوكته، ونجحوا في خطتهم التآمرية لضرب قوة مصر.
(6)
- كانت إسرائيل تتصور أن مصر لن تقوم لها قائمة، وأن أمامها مائة سنة لتعيد بناء جيشها، وتكون قادرة علي الحرب من جديد.
- لكن فرحتها لم تدم طويلاً، فبعد أيام قليلة من الهزيمة كان الجنود والضباط المصريون يلقنونها درساً قاسياً في معركة «رأس العش».
- وأدركت أكثر وأكثر أن بقاءها في سيناء مستحيل بعد حرب الاستنزاف، والبطولات الفذة للمقاتل المصري الذي نفَّض عن جبينه غبار الهزيمة.
(7)
- الإسرائيليون كتبوا عن الفزع وبطولات الجيش المصري أكثر مما كتبنا نحن، لأنهم تجرعوا مرارة الهزيمة، وأوشكت دولتهم علي الانهيار.
- وصفوا حرب أكتوبر بأنها «الصدمة والرعب»، وربما لم يفيقوا من الكابوس حتي الآن، وكانوا يعتقدون أنهم يعيشون حلماً جميلاً.
- «سيناء- نحن عدنا بعد ست سنين» ولم يكن ممكناً أن تصبر مصر علي فراقك أكثر من ذلك.


E-Mail : [email protected]