الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سلفيون يعملون لحساب الموساد فى مصر






روزاليوسف اليومية : 30 - 12 - 2011


فى عالم المخابرات حسابات سرية ومؤامرات سياسية أغلبها لا يمكن كشفه أو ضبطه ومنها برقية دبلوماسية إلكترونية تم اعتراضها من قبل المخابرات المركزية الأمريكية فور بثها من القاهرة إلى تل أبيب ليلة 9 سبتمبر 2011 جاء فيها: «خطتكم انقلبت ضدنا.. نطالب بسحب الجالية فورا» والوقائع تؤكد أن الجالية الوحيدة التى تم سحبها كانت الإسرائيلية وأن المتلقى للرسالة كان مقر جهاز الموساد الإسرائيلى وفى مستندات إسرائيلية موثقة حصلنا عليها فقرة تقول: «الموساد يرى معاهدة السلام لا تساوى الأوراق التى كتبت عليها» والمعلومات تؤكد أن الموساد اتصل وسلح ودرب وأعد بتمويل أمريكى خالص عناصر من بين الجماعات الدينية الإسلامية المتشددة فى مصر.
كتاب وتقارير أمريكية وكندية سرية وإسرائيلية مسربة تكشف لنا جانبا مظلما من عمليات الموساد القذرة بالقاهرة هدد بها حياة المصريين طيلة حقبة مبارك الفاسدة ولا يزال حتى بعد ثورة 25 يناير أما الكتاب فاسمه «خداع الأمم» بينما أطلق الموساد على عملياته الحالية فى مصر كما جاء فى التقارير السرية الأمريكية والكندية اسم «إعادة الأمور لنصابها». وفى صدر التقرير وتحديدا فى الصفحة 197 نجدهم يستغلون الإسلاميين المصريين المتشددين كلما كانت الحاجة إليهم عظيمة فى إسرائيل وذكر التقرير جملاً واضحة ربما كان أهمها فى نفس الصفحة: «إظهار مصر إسلامية متشددة عن طريق استغلال الإسلاميين المتشددين سيخفف الضغط على إسرائيل لفترة لا تقل عن 10 أعوام قادمة».
وفى بداية من الصفحة 143 من كتاب الخداع نجد إعلان الموساد الإسرائيلى «لقد كانت ولا تزال الفوضى وإستراتيجية تحريك الشعوب هى أقوى أسلحة الموساد على مر تاريخه».
بعدها نطالع قصة حقيقية أثبتت للنظام الفاسد لمبارك أن العدو رقم واحد فى مصر هم من بين العناصر الإسلامية المتشددة بل إن بعضهم كانوا للموساد أداة لزعزعة الأمن فى مصر ويحكى الكتاب بوضوح لا لبس فيه وبكلمات مباشرة أن أمريكا هى الأخرى لعبت بهم وأنفقت على تسليحهم المليارات وأنها دربتهم بخبرات إسرائيلية فى صحراء النقب الإسرائيلية فى معسكرات بالقرب من الحدود المصرية.
جملة اعتراضية نفهم منها على الفور ربما لأول مرة فى كتاب وتقارير رسمية من عدة مصادر السر وراء اختفاء العناصر السلفية ممن عملوا لحساب الموساد الإسرائيلى عقب خروجهم من مصر لأسابيع قبل أن يلحقوا بالمجاهدين فى أفغانستان وباكستان وسائر الدول العربية التى أراد الموساد إثارة القلاقل بها وكان بينها تحديدا موريتانيا والمغرب والجزائر والسودان ومصر والسعودية واليمن ولبنان وسوريا والعراق والأردن.
فى الصفحة 201 من الأوراق نجد قصة لضابط انشق عن الموساد الإسرائيلى مع مجموعة سئمت من المؤامرات المبنية على الخداع وطبقا للأحداث التاريخية سعت لكشف عمليات الموساد لدولتين عربيتين معروف أن الجهاز الإسرائيلى يعتبرهما منطقة للعمليات اليومية وهما مصر والأردن. تبدأ القصة عندما تقرر مجموعة الضباط المنشقة عن الموساد إرسال ضابط موفد عنها يدعى «فيكتور جون استروفسكى» ضابط سابق بالموساد للقاهرة كى يقدم معلومات غير مسبوقة عن عمليات الموساد فى مصر وأساليب استخدامه للإسلاميين المتشددين لتبديل الأوراق كلما تطلبت الظروف التاريخية ذلك.
يقوم فيكتور بالتقدم للقنصلية المصرية فى نيويورك قبلها بيومين ويطلب لقاء أى مسئول مصرى يمكنه أن ينقل رسالة منه لمن يهمه الأمر بالقاهرة وبالفعل يجد الشخص المناسب الذى يجلس معه ليستمع لما لديه بعدها تقرر القنصلية المصرية إطلاع القاهرة على الأمر فيطلب منهم إرسال استروفسكى على الفور لمصر.
على متن الرحلة رقم 986 لشركة مصر للطيران التى أقلعت من مطار نيويورك فى تمام الساعة 22.00 مساء الأحد 20 يوليو 1986 يصل فيكتور للقاهرة ويكون فى استقباله ممثل لجهة عليا يصطحبه مباشرة من أرض المطار لجهة سرية.
يستقبل فيكتور طبقا لما هو مسجل فى الأوراق التى بين أيدينا بحذر ويحكى قصته ودوافع حضوره متطوعا لكشف جهاز الموساد الذى كان يعمل لحسابه وتصدر الأوامر بكشف حقيقة تواجد فيكتور لدى مصر فتنقل رسالة محكمة التخطيط للسفارة الإسرائيلية بالقاهرة يستقبلها السفير الإسرائيلى «موشى ساسون» – خدم بمصر من 1981 إلى 1987 – تفيد بالعثور فى هضبة المقطم بالقاهرة على جثة المواطن الكندى «فيكتور جون استروفسكى» مقتولا بطلق نارى بالرأس وأن بفحص أوراقه تبين أنه إسرائيلى وتطلب مصر من السفارة فحص جثته.
كان الخبر فى السفارة الإسرائيلية غريبا فمعروف لدى السفارت العبرية بالعالم أن فيكتور هو ضابط منشق عن الموساد ومطلوب القبض عليه من قبل الموساد بتهمة الخيانة وإفشاء الأسرار فأرسلت السفارة من القاهرة برقية عاجلة للموساد تفيد بما ورد إليهم من الجهات المصرية. الموساد تجاهل البرقية وطلب من موشى ساسون السفير الإسرائيلى يومها أن يطلب من المصريين أن يتوجهوا بطلبهم للسفارة الكندية لأن استروفسكى يحمل الجنسية الكندية ومثبت فى جواز سفره أنه مواليد 28 نوفمبر 1949 مدينة «إيدمونتون - ألبرتا» ولأن الجنسية الإسرائيلية قد سحبت منه.
فى القاهرة علمت الجهات المعنية أن استروفسكى لا يعمل لحساب الموساد أو أنه جاء للخداع وعقب عدة إجراءات للتأكد بدأ فيكتور وعلى مدى 7 أيام متواصلة يحكى لمصر عن شبكات السلفيين والإسلاميين المتشددين العاملين لحساب الموساد بالقاهرة.
فى أوراق قصة استروفسكى معلومات لا تزال وربما ستظل لوقت طويل لا يمكن تناولها بينما البارز فيها أنها مجموعات سلفية منظمة تتحرك فى توقيتات تاريخية محددة لها من قبل الموساد بتل أبيب للقيام بعمليات ليس بالضرورة أن تكون إرهابية وأن تلك العمليات يقصد بها توريط مصر وإظهارها كدول تعيش فى الفوضى ولا يمكن الإعتماد عليها دوليا.
من الاوراق الشديدة السرية بين أيدينا نجد بوضوح: «إذا نجح الموساد فى نقل 35% وتصوير مصر وكأنها تحولت لجزيرة إرهابية متشددة لوسائل الإعلام العالمية تدمر العلاقات والصورة المصرية أمام العالم بنسبة تزيد على 50%».
ولو عدنا وتابعنا استراتيجية الموساد الإعلامية بالعالم سنجد للأسف أنهم فعلوها خلال حقبة مبارك عن طريق أقلام صحفية مصرية بعينها ومن يبحث بدقة سيجدها كانت تسعى لتحقيق ذلك الهدف لحساب الموساد بينما لا يفهم أحد والكل يعتبر الكل مؤامرة.
فى تقرير وكتاب أساليب الخداع الاستراتيجى الإسرائيلية لإثارة الفوضى فى مصر نصل لمعلومات شديدة الأهمية وإذا طابقناها على الأحداث الحالية والأخيرة نجدها تتطابق لأنها مثل كتيب تشغيل وتفعيل عمليات الموساد فى مصر.
أول المعلومات خطير فطريقة وأسلوب قتل الثوار والمتظاهرين فى عدد من حالات وفيات شارعى محمد محمود ومجلس الشعب تكاد تتطابق مع طريقة وأساليب الموساد والمنفذ هنا هو «وحدة العمليات الخاصة بالموساد كيدون» الوحيدة التى يوكل إليها مهام القتل.
استروفسكى حكى بوضوح أن فريق كيدون (الحربة) هو أخطر وحدات التنفيذ على الأرض لدى الموساد وقد نفذ عشرات العمليات فى القاهرة فى فترة نظام مبارك خلال الثمانينيات والتسعينيات ومن قصة فيكتور يمكننا أن نصل لعمليات أخرى ويصفهم فيكتور أنهم جيش مصغر يضم عدة أسلحة فى شكل أشخاص فمنهم المتخصص فى الاتصالات والمتخصص فى السرقة وفتح الأقفال وعمل المفاتيح وخبراته تشبه خبرات اللصوص ومنهم الطبيب المحترف ومنهم القاتل.
شعار الوحدة كيدون نجده لأول مرة فى أوراق فيكتور وهو: «لقد هزمنا الفراعنة الأوائل» وعلى ما يبدو هم يعملون لنفس الغرض مع الفراعنة الجدد غير أن الخطير هنا وربما يفسر تعميم إظهار خطورة الإسلاميين السلفيين فى عهد الداخلية الفاسد هو أن كيدون تستخدم مجموعات من بين السلفيين لا يمكن الشك فيها لخدمة عمليات الموساد فى مصر.
الصفحة 196 صريحة تحكى عن أن الموساد يعتمد فى الأساس على العناصر السلفية للقيام بعملياته سواء فى مصر أو فى الدول العربية وأنه بواسطتهم يتجول فى الدول العربية بحرية.
وفى الصفحة نجد أن الموساد كلما وجد مصر قريبة من تحقيق طموحات الشعوب الديمقراطية كثف من عملياته لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه وربما ذلك هو السبب المباشر لتسميتهم للمخطط بخطة «إعادة الأمور لنصابها».
ربما كان التساؤل عن كيفية إعداد الموساد لتلك العناصر السلفية المتشددة هام ومن الوقائع نجد أن الجهاز يختارهم بعناية فائقة من بين الأطراف الشديدة الفقر سواء على الناحية المادية أو الفكرية وأن يكون العنصر قد تعرض لظلم شديد فى مصر كى يكون الدافع متوافراً لديه لخيانة وطنه.
عقب الاختيار تبدأ عملية إعداد العنصر السلفى بواسطة تحسين معيشته بشكل متدرج وتبدأ العملية بإعلان العنصر وربما معه عائلته للانتقال لمسكن جديد غالبا يكون بعيدا عن المدينة التى كان يسكنها العنصر وبعدها تتطور حالته ويصبح مهيئا نفسيا لاستكمال طريق الخيانة.
فى إسرائيل يمنح وقتا للترفيه عن نفسه وبقدرة قادر يتحول السلفى المتشدد لباحث عن المتعة والشهوة وعندما يشبع ينقل لمعسكرات متنقلة خاصة يقيمها الموساد فى صحراء النقب للتدريب حيث يدرب العناصر المختارة كل على حدة حتى لا تتعرف العناصر على بعضها البعض ومن ثم عقب إتمام التدريب الذى يشمل السلاح والاتصالات والتفجيرات وطرق قيادة الغوغاء والدهماء الفوضوية يصبح العميل جاهزا للزراعة.
فى نفس المعسكرات درب مئات من العناصر السلفية المصرية خلال الفترة بين عام 1982 وعام 1999حتى إن منهم من قتل خلال التدريبات الخطيرة ودفن فى صحراء النقب وآخرين منهم قتلوا فى عمليات كان الموساد يعد لتنفيذها فى مصر ودفنوا فى مقابر الجهاز الإسرائيلى وعلى شواهد قبورهم فى إسرائيل أسماؤهم السلفية الحقيقية.
فى صفحة 197 نجد الحقيقة فى جملة: «الموساد يساعد الجماعات الإسلامية المتشددة فى مصر طيلة الوقت وعن طريق هؤلاء يجند تحت شعارات دينية مؤثرة الآلاف من قطاع غزة بل يوفرون لهم السلاح بدعوى الجهاد ضد إسرائيل بينما إسرائيل هى من تقف وراء التمويل والتسليح.
فالموساد يسلح بعض الجماعات فى غزة مثلا لشن عمليات ضد إسرائيل فى أوقات يحددها الموساد تكون الضغوط السياسية الدولية على إسرائيل كبيرة وعقب العمليات تبدأ الآلة الإعلامية الإسرائيلية عملها عبر العالم وينجح الموساد كل مرة بمثل تلك الطريقة السهلة فى إعادة الأمور لطبيعتها على الساحة السياسية.
وهكذا كلما اقترب الفلسطينيون من تحقيق السلام دفعت إسرائيل ذات العناصر لتفجر الموقف فتعود حالة المواجهات وتشتعل المنطقة وتعود الأمور وبالقطع الصورة أمام العالم هى أنه لا يمكن عمل سلام مع الفلسطينيين ويبقى الوضع على ما هو للنهاية.
بالنسبة لمصر الموقف واحد ففى الصفحة 199 نجد المخطط يتضح فتسليح العناصر الإسلامية السلفية المتشددة أمريكى والتمويل أمريكى خالص والأسلحة ترسل من أمريكا وتنقل للإسلاميين المتشددين بالعالم عبر إسرائيل التى بدورها تسرب جزءاً منها للجماعات فى مصر ونفاجأ بمعلومة خطيرة تشير لوجود مخازن سلاح فى مصر جاهزة للاستخدام حال حدوث اضطرابات شعبية كبيرة.
وكما أن الموساد يأخذ من شحنات الأسلحة الأمريكية الحديث منها ويستبدلها سرا بأسلحة من مخزون سوفيتى وإسرائيلى قديم لدى تل أبيب من حرب لبنان وفائض الجيش وهو السبب فى وجود طلقات العوزى الإسرائيلى فى طيات صفحات تقارير الطب الشرعى المصرى.
ومن هنا يمكن كشف لغز تقارير الطب الشرعى الأخيرة فى أحداث شارع مجلس الوزراء التى حدد بعضها أن المقذوفات أطلقت من مسافة الزيرو أى من متر إلى 5 أمتار يرجح أنها من عيار 9 مم أو عيار الرشاش المصرى البورسعيدى أو الرشاش العوزى الإسرائيلي.
فالعيارات فى الأسلحة الثلاثة المذكورة لا علاقة له بالآخر لأن الطلقات لم تخرج من سلاح عادى لكنها خرجت من أدوات عادية أخرى مثل الأقلام والكاميرات المطلقة للرصاص التى يستخدمها الموساد طبقا لكتيب عمله فى مصر الذى قدمه استروفسكى.
بالتالى من يصادف مثل تلك التقارير الشرعية الغريبة فسيجد أكبر دليل فنى على أن الموساد موجود ولعب فى الأحداث الأخيرة فى شارعى محمد محمود ومجلس الشعب لا جدال موجود فى ذلك لدى الأجهزة المختصة.