الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
رجال الأمن يستحقون الشكر
كتب

رجال الأمن يستحقون الشكر




 


  

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 08 - 10 - 2010


تسلحوا بالصبر وأقصي درجات ضبط النفس


(1)


- كان بمقدور رجال الأمن المتواجدين في استاد القاهرة في مباراة الأهلي والترجي، أن يكسروا عظام المشجعين السفلة، وأن يضربوهم علقة ساخنة، وأن يردوا لهم الصاع صاعين وعشرة.


- كان بمقدورهم أن يجعلوهم عبرة لغيرهم، وأن ينزلوا علي رءوسهم وأجسادهم بالهراوات الثقيلة، وأن يصيبوا عيونهم بالغازات المسيلة للدموع، وأن يجعلوهم يجلسون القرفصاء مثل أسري الحروب.


- كان بمقدورهم أن يفعلوا الكثير، لكنهم تسلحوا بالصبر وأقصي درجات ضبط النفس، وهم متأكدون أن العدالة ستأخذ مجراها، وأن الاعتداءات مهما بلغت جسامتها، فسوف تتم مواجهتها بالقانون.


(2)


- ماذا كان يحدث إذا تعاملت الشرطة مع هؤلاء البلطجية بعنف مماثل ردًا علي العنف، وأدت المواجهة إلي سقوط قتلي وجرحي، وهل نلوم رجال الأمن الشجعان، لأنهم حافظوا علي أرواح من اعتدوا عليهم؟
- ما هي صورة مصر والأمن المصري، إذا عادت بعثة الترجي إلي بلادها وعلي متن الطائرة نعوش للقتلي، وهل يليق بمصر العظيمة المتحضرة أن تسلك هذا النهج؟
- ممارسة العنف الزائد مع الجمهور التونسي، كان من الممكن أن تشفي غليل المهيجين وهواة الفتن وإشعال الحرائق، وهل كانوا يزغردون ويرقصون علي دماء الجرحي وجثث القتلي؟
(3)
- أسهل شيء بالنسبة لرجال الأمن هو استخدام القوة لفض مظاهرة أو شغب، أما أصعب شيء فهو تأمين الجمهور والمحافظة علي سلامته وحياته، وهذا ما فعله رجال الأمن.
- أسهل شيء بالنسبة لرجال الأمن هو أن يقطعوا مدرج مشجعي الترجي مثل التورتة، ثم يقوموا بتصفية المشاغبين قطعة قطعة، ولكنهم لجأوا للحلول الصعبة التي تسببت في إصابة بعضهم.
- أصعب شيء هو الذي فعلوه، فحازوا علي الثقة والاحترام والتقدير، رغم الشماتة التي تعرضوا لها، من نفس مهيجي الفضائيات، الذين أشعلوا من قبل الحرب بين الجماهير المصرية والجزائرية.
(4)
- رجال الأمن يستحقون الشكر، وأشاد بهم الجميع، خصوصًا الأشقاء في تونس الذين شعروا بالأسف والندم، وتبرأوا من هؤلاء السفلة الذين أساءوا لسمعة بلدهم قبل أي شيء.
- استفاد رجال الأمن من درس الجزائر، وتعاملوا بعقلانية وحكمة مع الجمهور التونسي، وأعطوا دروسًا عظيمة لطريقة إدارة مثل هذه الفتن الصغيرة التي يمكن أن تشعل حروبًا بين الدول.
- كان عدد الجمهور التونسي ألفين أو ثلاثة، وكان من الممكن أن يحاصرهم 20 أو 30 ألف شرطي مصري، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، من أجل أن تمر المباراة بسلام، دون ضحايا أو إراقة دماء.
(5)
- إنني أسأل المهيجين: ماذا كان يحدث لو كسرت جماهير الأهلي السور الحديدي الذي يفصلها عن الجمهور التونسي، مائة ألف يدهسون ثلاثة آلاف، والبادي أظلم.
- ماذا كان يحدث لو انتظروهم بعد خروجهم من الاستاد، وطاردوهم في الشوارع وأوسعوهم ركلاً وصفعًا، مثلما فعلوا مع رجال الأمن المصريين، الذين هبوا لإطفاء الحرائق التي أشعلها الجمهور التونسي في المدرجات.
- فتوات الفضائيات كانوا يريدون ذلك، وأداروا نفس الاسطوانة المشروخة بعد نهايتها، ولاموا رجال الأمن الذين تحملوا أعباء هائلة، وهاجموهم لأنهم لم يستخدموا العنف مع الجمهور التونسي.
(6)
- لقد أصبحت البرامج الرياضية في الفضائيات نارًا موقدة، ومخاطرها أشد من التوك شو السياسي، لأنها تخاطب عشرات الآلاف من الجماهير المتعصبة التي يمكن أن تحرق أي شيء.
- هذا الهيجان بدأ يؤتي ثماره، ليس بين جماهير الشعوب العربية فقط، ولكن بين مشجعي الفرق المحلية، وكان حادث الألتراس الزملكاوي إنذارًا شديد اللهجة، بأن الشغب قادم لا محالة.
- إنها فضائيات تشعل حرب الكراهية والعداء والعنصرية.. جمهور الأهلي يكره الزملكاوية والإسماعيلاوية يتمنون العمي للأهلي ومشجعيه والبورسعيدية يتربصون بالجميع وهكذا.
(7)
- حسنًا فعل التليفزيون المصري حين ألغي برنامجًا من هذا النوع العدائي، ولكن هناك أكثر من برنامج وأكثر من مذيع يجب أن يلقوا نفس المصير، قبل أن يستفحل الخطر وتصعب مواجهته.
- جمهور الكرة مثل الحطب الذي يمكن أن يتحول إلي حريق كبير لمجرد عود ثقاب، وهذا الجمهور ينطلق مثل القطط المشتعلة في الشوارع والحواري والمقاهي والبيوت، ويولع فيها النار.
- هذه هي الأعباء الكبيرة التي يحملها رجال الأمن فوق أكتافهم في صبر وصمت، ثم يأتي جنرالات الفضائيات لإلقاء التراب فوق كل شيء، الفوضي تحتاج إلي وقفة.

 


E-Mail : [email protected]