الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إلي «نقطة الصفر»!
كتب

إلي «نقطة الصفر»!




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 20 - 10 - 2010



فلسطين تغلي منذ 60 عاماً.. ولا تنفجر!
(1)
- كل يوم يمر تدخل القضية الفلسطينية «أخطر مراحلها»، ومنذ ستين عاما وهي تنتقل من «الأخطر» إلي «الأخطر»، ولم يحدث علي مدي التاريخ أن ظلت قضية تغلي دائماً هكذا.. دون أن تنفجر.
- يزداد الغليان هذه الأيام، وازدادت سخونته بعد «الملاسنة» التي قيل إنها حدثت بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الفلسطيني أبومازن في قمة سرت، ملاسنة «التنابز بالنضال».
- حسبما تردد، فقد قال الرئيس السوري لأبومازن: إن علي الفلسطينيين وقف المفاوضات التي أثبتت أنها غير مجدية، والتركيز علي المقاومة.. ولم يفكر أبومازن طويلاً، ورد الملاسنة بأحسن منها.
(2)
- قال أبومازن: إن الفلسطينيين مستعدون للمقاومة عشرة أضعاف أي مقاومة ضد الاحتلال بالجولان.. وكان يشير إلي عدم وجود أي مقاومة رغم سنوات الاحتلال الطويلة!
- الملفات تخضع لنظرية «الأواني المستطرقة»، وانتقلت «الملاسنة» إلي ملف «المصالحة» بين فتح وحماس، لتزيده تعقيداً علي تعقيد، لأن حماس لا تخطو خطوة دون التصريح بها من دمشق.
- تعطل اجتماع المصالحة الذي كان مقرراً أن تحتضنه العاصمة السورية بين فتح وحماس علي مرجعية شعور أبومازن بالإهانة، واقترح البحث عن مكان آخر يستضيف الاجتماعات.
(3)
- القاهرة غاضبة من التسويف والمماطلة، ولا ترحب بعقد أي جلسات أخري علي أراضيها، بعد أن بذلت جهوداً مضنية وتوصلت إلي اتفاق نهائي بين الطرفين، لا ينقصه إلا التوقيع.
- القاهرة غاضبة لأن حماس أرادت أن تعود بالمفاوضات إلي نقطة الصفر من جديد، وأن تضيع مزيداً من الوقت والجهد في اختلاق عقبات تحول دون التوقيع إلي الأبد.
- كانت مصر علي حق حين أبلغت الطرفين بأن عليهما أن يتفقا خارج مصر، ثم يحضرا للتوقيع، ورغم مضي أكثر من عام علي الموعد الافتراضي للتوقيع، إلا أن فتح وحماس لم ينجحا في عقد أي جلسات أخري.
(4)
- لا تسأل عن الخلافات التي تحول دون إتمام المصالحة الفلسطينية، فهي كالسراب، ويجيد قادة حماس تفجير مئات القضايا الخلافية والدخول إلي تفصيلات لا تنتهي أبداً.
- المفاوضات كانت شاقة إلي حد لا يمكن تصوره، ونجحت مصر في الحصول علي موافقة جميع الفصائل الفلسطينية علي مسودة الاتفاق، وصياغتها في صورتها النهائية، وذهب قادة حماس للحصول علي الموافقة من دمشق.
- بالطبع لم يعودوا وتحدثوا عن نقاط أخري كثيرة زعموا أنها تحتاج مفاوضات جديدة، في نفس الوقت الذي تلتهم فيه إسرائيل الأراضي الفلسطينية بسياسة الاستيطان الشرسة.
(5)
- كل الملفات تبدأ من نقطة الصفر، حتي في قضية الأسير الإسرائيلي شاليط.. وكل الأطراف تستغل هذه الورقة لتلعب بها لتحقيق بعض المصالح الشخصية دون النظر لاعتبارات أخري.
- حماس تلعب بورقة شاليط، ولسان حالها يقول إنها لن تفرج عنه أبداً، لأنها تكون كمن ينزع ثيابه في العراء، فهو الورقة الوحيدة في يدها وتجعل لها دوراً.
- حماس تتفق مع مصر علي شروط، ثم تطرح غيرها علي الدبلوماسية الفرنسية، وتقدم شروطاً أخري للمفاوض الألماني «جيرهارد كونراد».. فكيف تطلق سراح شاليط الذي يمنحها كل هذه الأضواء؟
(6)
- نتانياهو أيضاً يلعب بورقة شاليط ويعلم أن حماس لن تطلق سراحه مهما كان الثمن، لذلك هو يلاعب الرأي العام الإسرائيلي بعواطفه، ويلاعب الفلسطينيين بإغرائهم.
- نتانياهو يقوم بإغراء الفلسطينيين بآلاف الأسري الذين يلوح بالإفراج عنهم في مقابل شاليط، ولكنه كعادته يماطل ويسوف، ويضع شروطاً للإفراج تجعله شبه مستحيل.
- نتانياهو يضع خطوطاً حمراء كثيرة مثل إبعاد المفرج عنهم إلي المغرب وتركيا والضفة، وعدم إطلاق سراح من شاركوا في عمليات انتحارية، وعدم الإفراج عن الرموز مثل البرغوثي وآمنة مني وعباس السيد.
(7)
- كل الملفات إلي نقطة الصفر، والمستوطنات تحصد الأخضر واليابس، ولن يجد الفلسطينيون أرضاً يقيمون عليها دولتهم، ورغم ذلك فهم منشغلون في قضايا خلافية بعيداً عن جوهر الخطر.
- هم منشغلون باقتسام السلطة التي لم توضع كعكتها بعد علي المائدة.. وتخشي حماس من التسوية لأنها تفرض تهميشاً علي دورها، وتضع حداً لاغتصابها السلطة في غزة.
- أبومازن أيضا يحتمي «بالملفات الصفر» لشغل الأنظار عن المشاكل الحقيقية التي تقصم ظهر السلطة في الضفة وتجعلها غير قادرة علي فرض وجودها وهيمنتها.
(8)
- غزة أيضاً قد تعود إلي نقطة الصفر، بتهديدات نتانياهو المستمرة بعدوان إسرائيلي جديد يزيد من الأوضاع المأساوية لسكانها، ويتحدث نتانياهو الآن عن صواريخ مضادة للطائرات حصلت عليها حماس ولابد من تدميرها.
- ليس معني تهديدات نتانياهو أنه سيعتدي علي غزة اليوم أو غداً، ولكنه يهيئ المسرح لعدوان جديد، ويترك لنفسه حرية اتخاذ القرار من عدمه واختيار الوقت الملائم من وجهة نظره.
- نتانياهو أيضاً يريد ترتيبات أمنية للتعاطي مع هذا التهديد في أي اتفاق سلام.. لأن صواريخ حماس علي حد زعمه تحد من قدرة القوات الجوية الإسرائيلية في ضرب حماس.
(9)
- القضية الفلسطينية في الوقت الراهن أمام كارثة حقيقية، والسيف مسلط علي رقبتها، سواء ذهبت إلي مفاوضات السلام أو لم تذهب، لأن المخاطر التي تعيشها منذ ستين عاماً، تتجمع كلها الآن.
- نتانياهو يخترع كل يوم حكاية جديدة: الصواريخ الحمساوية يهودية الدولة الاستيطان شاليط، ويعرف جيداً كيف يشعل ملفاته ومتي يطفئها.
- الفلسطينيون لا يجيدون إلا شيئاً واحداً، هو العودة بكل الملفات إلي نقطة الصفر.


E-Mail : [email protected]