الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من يحرس الجامعة (1)
كتب

من يحرس الجامعة (1)




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 25 - 10 - 2010



من يوفر الحماية للطلبة والأساتذة والباحثين؟
(1)
- من جامعة أسيوط، خرج طلاب الجماعة الإسلامية في أكتوبر 1981 يرتدون زي الشرطة وفي أيديهم الرشاشات التي تم السطو عليها من سلاحليك مديرية الأمن، وأمطروا الناس الغلابة بالرصاص في الشوارع.
- حدثت المجزرة قبل صلاة العيد الكبير بلحظات، ووصل عدد القتلي إلي أكثر من ثلاثين، وبعدها احتل الطلبة مديرية الأمن، واستولوا علي الأسلحة والذخائر.
- كان محافظ أسيوط في ذلك الوقت محمد عثمان إسماعيل في السعودية يؤدي فريضة الحج، فتم استدعاؤه علي عجل ليتعامل مع الموقف فهو المسئول عن إنشاء الجماعات الإسلامية ورعايتها واحتضان عناصرها.
(2)
- بقية الحكاية معروفة، وبعد ساعات استطاعت قوات الأمن أن تعيد إحكام السيطرة علي الأوضاع، وأصبحت الجامعات المصرية هي «مفرخة» الإرهاب والإرهابيين، ودخلت البلاد حرباً طويلة لاسترداد جامعاتها.
- في هذه الظروف أنشئ الحرس الجامعي، ولم تكن مهمتة أبداً هي «الانتقاص من الاستقلال الذي كفله الدستور والقانون للجامعة»، كما يقول حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بإلغاء الحرس الجامعي.
- ولم تكن مهمته أيضاً هي أن يكون «قيداً علي حرية الباحثين والأساتذة والطلاب»، كما جاء في نص الحكم، كانت مهمته تأمين الجامعة وحمايتها من المخاطر الكبيرة التي تحيط بها.
(3)
- قبل التهليل لحكم المحكمة الإدارية العليا واعتباره نصراً مبيناً، يجب أن نطرح السؤال: من يحرس الجامعة؟ من يوفر الأمن والحماية للأساتذة والطلاب والباحثين؟
- هل نسينا الأحداث الجسام مثل ميليشيات طلبة الإخوان بجامعة الأزهر منذ عامين، والذي يؤكد أن النار مازالت تحت الرماد، وأن الجامعات مازالت الصوبة التي تنمو فيها جذور الإرهاب.
- هل نسينا الملفات السوداء وسيطرة طلاب الجماعة المحظورة علي النشاط الطلابي، وفرض أجواء من الرهبة والخوف علي الطلاب الذين لا ينتمون للجماعة، وضربهم بالشوم والجنازير؟
(4)
- هل نسينا محاولات أساتذة المحظورة في جامعة عين شمس إدخال المنشورات والميكروفونات وأجهزة التسجيل في حقائب سياراتهم لتسليمها لطلبة الإخوان للقيام بتظاهراتهم واعتصاماتهم؟
- هل نسينا حوادث الاعتداء علي الطالبات غير المحجبات، وفصل الجنسين في المدرجات، وتجنيد جيوش من الطالبات كدروع بشرية والعودة إلي عصور حظائر الحريم؟
- هل نسينا تحريم الموسيقي والغناء والرسم والشعر والتمثيل وسائر الأنشطة التي كانت تميز الجامعات المصرية، وتجعلها ساحات للإبداع واكتشاف المواهب والنجوم؟
(5)
- لم يكن الغرض من إنشاء الحرس الجامعي هو أن يدس أنفه في الأنشطة الجامعية، ولكن أن يقوم بمهامه الدستورية والقانونية في تأمين منشآت الدولة، ومن بينها الجامعات ومبانيها ومقارها.
- اضطلع الحرس بمسئوليات جسام في توفير الحماية والأمن بالجامعة، من خلال حراسة الأبواب الخارجية، والتأكد من شخصيات من يترددون عليها، حتي لا تصبح مسرحاً للفوضي والعبث.
- لقد تم تضخيم دور الحرس الجامعي، وتصويره وكأنه قوات احتلال تجثم علي صدر الجامعة، ويعوق انطلاقها، وأن إلغاءه سيعيد المكانة المرموقة للجامعات المصرية في الترتيب العالمي.
(6)
- يقول حكم المحكمة الإدارية العليا إن: «إلغاء الحرس الجامعي يتيح لهيئة الشرطة التفرغ للمهام الجسام الملقاة علي عاتقها في كفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين».. والسؤال هنا: هل كان الحرس الجامعي هو سبب عدم تفرغ الشرطة؟
- أعتقد أن قضية «إلغاء الحرس» لا علاقة لها ب«تفرغ الشرطة»، ولا علاقة لها بكفالة الأمن والطمأنينة للمواطنين، فسواء وجد الحرس أو تم إلغاؤه.. الأمن هو الأمن.
- القضية الأخطر هي: هل هذا الحكم دستوري أم لا؟.. وإذا وقع حادث لا قدر الله في أي جامعة مصرية.. من يتحمل المسئولية: الأمن الغائب، أم القضاء الذي حكم بالإلغاء؟
(7)
- لا يملك وزير التعليم العالي الدكتور هاني هلال سوي أن يقول العبارة الخالدة «الحكم واجب النفاذ فوراً لأنه صادر عن قضاء مصر الشامخ» وليس في وسعه إلا أن يردد هذا الالتزام شاء أم لم يشأ.
- لكن ماذا بعد الاحترام والشموخ.. والجامعات المصرية مازالت هي الهدف الاستراتيجي الثابت لجماعات العنف والتطرف، ووجود الشرطة علي أبوابها كان يمنحها الحماية ويمنع المتسللين.
- السؤال الأهم: لماذا تعجز الحكومة عن الدفاع عن قراراتها أمام قضاء مجلس الدولة؟.. وهل قضاء مجلس الدولة «حاطط» الحكومة في دماغه؟
(8)
- لقد تعرض الحرس الجامعي طوال السنوات الماضية لهجوم شرس أدي إلي تشويه صورته أمام الرأي العام، وقادت الجماعة المحظورة هذا الهجوم، وافتعل طلابها مشاكل وأزمات كثيرة.
- تحقق لهم ما أرادوا، والمفترض أن يتولي مسئولية حراسة الجامعة إما شركات خاصة، أو حراسة مدنية لعاملين بالجامعة، من الهواة الذين ليست لهم سابقة أعمال في تولي مثل هذه المهام الخطيرة.
- جامعة مثل القاهرة كم تحتاج لحمايتها وتأمينها، بمبانيها ومنشآتها وقاعاتها وآلاف الطلبة الذين يترددون عليها يومياً.. وهل يمكن أن يترك مصير الأمن فيها لمن هب ودب؟
(9)
- التجارب التي مرت بها الجامعات المصرية كانت قاسية ومريرة، وليس معني أن الهدوء قد عاد إليها الآن، أن نرجع بها لنقطة الصفر، حين كانت تحت سيطرة وهيمنة الجماعات الإرهابية.
- النار مازالت تطل برأسها من تحت الرماد، والجامعة مازالت المكان المفضل للمتطرفين والإرهابيين، والسؤال هنا: هل يساعد حكم المحكمة الإدارية العليا في استمرار الهدوء والأستقرار؟
- لا تهللوا للحكم، فعند أول حادث لا قدر الله ستعلق كل المسئولية في رقبة الأمن!


E-Mail : [email protected]