الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
«غلطة» زعيم عظيم
كتب

«غلطة» زعيم عظيم




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 02 - 11 - 2010



السادات لم ينجح في احتواء الذئاب!


(1)


- رحم الله الرئيس أنور السادات، قدم لمصر الكثير، ويكفيه أنه رفع رأسها عاليا في السماء بعد الهزيمة والانكسار، والتاريخ سوف يذكر دائماً أنه واحد من أعظم الحكام في تاريخ مصر.


- لكن غلطته الكبري كانت الجماعة المحظورة، التي أطلق عناصرها من السجون والمعتقلات وتحالف معهم، وترك لهم البلد سداح مداح، في مقابل القضاء علي التيارات السياسية الأخري.


- كان السادات علي عداء وثأر باليساريين والناصريين، وهداه تفكيره إلي احتواء قوة أخري تستطيع القضاء عليهم، فتحالف مع من لا يرحم، ولا يحفظ عهداً أو جميلاً.. «المحظورة».
(2)
- فتح السادات أبواب السجون علي مصاريعها، وفي نفس الوقت أعطي الضوء الأخضر لبعض قيادات الدولة لإنشاء الجماعات الإسلامية في الجامعات وتكليفهم بمهمة ضرب الناصريين واليساريين.
- زوَّد رجال السادات طلبة الجماعات الإسلامية بالسنج والمطاوي والجنازير، وأعطوهم زمام الأمور في الجامعات وتركوا لهم الأنشطة الطلابية، وسمحوا لهم بتجاوزات تمس هيبة الدولة وسلطتها.
- كان السادات سعيداً بنجاح خطته في ضرب هؤلاء «الأولاد» الذين يعارضون حكمه ويحرضون الطلبة علي التظاهر والتجمهر ضده، ونجح طلاب الجماعة الإسلامية في القضاء عليهم بالضربة القاضية.
(3)
- تزامن مع ذلك التغلغل المكثف للجماعة المحظورة في وسائل الإعلام وأجهزة الدولة، وعادت مراكزهم ومقارهم المصادرة منذ الخمسينيات إلي الحياة مرة أخري.
- أطلق السادات علي نفسه لقب «الرئيس المؤمن» تقربا منهم وسعيا إلي احتوائهم، ولكن غاب عن ذكائه السياسي أن من يحتوي الذئب سيكون أول ضحاياه.
- بدأت الجماعات الإسلامية المشوار من أوله، من منع الاختلاط في المدرجات حتي السيطرة تماماً علي المدن الجامعية، وتحويلها إلي معسكرات للتدريب وإخفاء الأسلحة وعقد الاجتماعات.
(4)
- ثم بدأت مرحلة الخروج من الجامعة إلي الشارع، بمنع الاختلاط في الشوارع، واحتلال المساجد القريبة من الجامعة، والتظاهر السياسي الذي يندد بسياسات السادات مثل كامب ديفيد واستضافة شاه إيران.
- في نفس التوقيت كان مرشد الإخوان عمر التلمساني يتجول في البلاد بطولها وعرضها، ليعيد إحياء خلايا الجماعة وتنظيم صفوفها وتكليف كوادرها بإعادة إحياء التنظيم السري للجماعة.
- خطوة خطوة دخل اللعب مرحلة الجد، وأفاق السادات من حلمه الذي أصبح كابوسا، وصارت القضية التي تشغل باله هي: كيف يخلص البلاد من الخطر الكبير الذي أوقعها فيه؟
(5)
- تدفقت الأموال الساخنة في عروق الجماعات الإسلامية، وأصبح جناح العنف المتمثل في طلاب الجامعات هم الجناح العسكري في ثوب جديد، وبدأت المواجهة المريرة التي انتهت باغتيال البطل في المنصة.
- بعض الآراء تقول: إن السادات كان من الممكن أن ينجو في المنصة إذا أخذ لنفسه ساتراً.. لكنه حين شاهد خالد الإسلامبولي يأتي نحوه بسلاحه الآلي، وقف صارخاً «هتعمل إيه يا ولد».
- لم يصدق أن الأولاد يمكن أن يرفعوا في وجهه سلاحاً، أو أن يفكروا في اغتياله في يوم انتصاره، لكنهم فعلوها ودفع السادات ثمن ذكائه الذي خانه.. لكنه كان ثمنا فادحاً.
(6)
- أريد أن أقول إن هذه الجماعة لو كانت حقاً تريد صالح هذا البلد، لكان من الممكن أن تنصهر في الحياة السياسية، وأن تصبح جزءاً فاعلا وتتبني قضايا وهموم شعبها.
- كان من الممكن أن تكون حزبا سياسياً نشيطاً، تعمل بالسياسة دون أن ترفع شعارات دينية، وتفجِّر في كيان هذا الوطن كل ألوان الفتن والصراعات التي تهدد تماسكه ووحدته.
-كان من الممكن ألا يقتلوا السادات، وأن يكونوا حافظين لجميله، لكنهم تنكروا له، وشمتوا فيه بعد اغتياله ولم يشفع له أبداً أنه كان مسلماً وينطق الشهادتين.
(7)
- سواء ما فعله السادات كان غلطة أو خطيئة فهي كبيرة وجسيمة وفادحة، وفتحت علي البلاد أبوابا للفتن، لأن الجماعة المحظورة التي ظن أنها ستكون دعماً وسنداً له، ليس لها سوي هدف واحد هو السلطة والحكم.
-بأي طريقة وبأي أسلوب، بالديمقراطية أو بغيرها، بالانتخابات أو بالديكتاتورية.. هدفهم واحد، وكل الطرق عندهم يجب أن تقود إليه.
- إنها الذكري التي قد تنفع المؤمنين، في زمن التحالفات الانتهازية التي يتصور أطرافها أن اللعبة «هات وخد».. لكنها عند المحظورة «هات» فقط.


E-Mail : [email protected]