الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الانحياز للعدالة الاجتماعية
كتب

الانحياز للعدالة الاجتماعية




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 03 - 11 - 2010



الناس يشعرون بالتحسن ويريدون المزيد
(1)
سؤال طُرح عدة مرات، ولم تمل صحف التشكيك من إعادته بأساليب مختلفة هو: هل انخفض مستوي معيشة الناس وزادت معدلات الفقر؟.. هل تمضي مصر من سيئ إلي أسوأ؟.. هل زادت نسبة العاطلين؟.. هل تدهورت المرافق والخدمات والطرق والمواصلات العامة؟
لماذا أصبح الناس كثيري الشكوي؟.. لماذا أصبح المثقفون والسياسيون والصفوة أكثر تبشيراً بالنكد والغم؟.. بمعني آخر: ليه محدش عجباه عيشته؟
هل تبذل الحكومة مجهودات وتحقق إنجازات لا تصل إلي الناس، أم إنها تتكاسل وتتراخي؟.. وإذا كانت قد حققت معدلات نمو لم يحدث من قبل لماذا يزداد التوتر كلما زاد النجاح؟
(2)
في مصر الآن 60 مليون مواطن يستخدمون الموبايل ومنذ سنوات كان المواطن الذي يتقدم بطلب بتركيب تليفون أرضي وهو في بداية حياته، يتحقق حلمه وهو علي المعاش، أو بعد أن ينتقل إلي الرفيق الأعلي.
المحمول ليس حكراً علي القادرين أو أبناء الذوات للوجاهة والتميز، لكنه الآن في أيدي الجميع من البواب وسائق الكارو وبائع الفجل والجرجير، حتي المهندس والطبيب ورجل الأعمال والوزير.
هل يمكن أن تكون حياة الناس في تدهور بينما نصف الشعب علي الأقل يدفع فاتورة محمول أكثر مما يدفعه المواطن الأمريكي والهولندي والسعودي وغيرهم من مواطني الدول الغنية.
(3)
منذ ربع قرن كان عدد الذين يمتلكون أجهزة الراديو لا يزيد علي ربع الشعب المصري.. الآن يمتلك 90% تليفزيوناً ملوناً، و75% وصلات المشفر، ولا يخلو سطوح في قرية أو مدينة من الدش بعدد السكان.
ارتفع سقف الطموح وزادت تطلعات الناس واشتعلت الرغبة في الاستهلاك نتيجة السطوة الإعلامية الهائلة التي دخلت البيوت دون استئذان.
تغيرت أنماط الاستهلاك بفعل الجنون الإعلامي والتطور المذهل في السلع والخدمات، فمن في يده موبايل قديم يريده بكاميرا، ومن كان يأكل في بيته يريد أن يجرب الوجبات الجاهزة، وزادت الرغبة في حياة أكثر استهلاكاً.
(4)
من الظلم أن تقارن بين ما يحدث الآن وعهود سابقة.. أيام الملكية كان المشروع القومي هو مكافحة الحفاء، وبعدها كانت كل أحلام الناس محصورة في الحصول علي فرخة من الجمعية أو كيلو سمك مجمد أو علبة سجائر سوبر .
يتحدثون الآن عن انتشار الأمراض ولا يذكرون أن البلاد كانت مسرحاً لهجوم الأوبئة التي تحصد الكثيرين، مثل المالاريا والكوليرا والالتهاب السحائي وشلل الأطفال والتيفود، أين هذه الأمراض الآن؟
كيف تتدهور الأحوال المعيشية للناس في الوقت الذي تزداد فيه الأعمار، وأصبح الذي يخرج علي المعاش الآن في سن الستين كأنه شباب يبدأ حياته زمان كان المعاش سن العجز والكهولة والأمراض وانتظار الموت.
(5)
لا يعني هذا الكلام أن الناس كفرة وجاحدون وناكرون لجميل الحكومة ومجهوداتها وسهرها بالليل والنهار من أجل مصالحهم وتسيير أحوالهم وتوفير الحياة الكريمة لهم.. لكنه معناه إن في حاجة غلط.
صحيح أن الناس لا يجتمعون علي ضلالة وإذا قال بعضهم إنه لا يشعر بالتحسن الذي يحدث الآن علي أرض مصر ، فيجب أن نصدقه وأن نشرح له ما يتم من إنجازات.
صحيح أن كثيراً من المصريين شعروا بالفعل بالتحسن، ولكنهم يريدون المزيد، ومن حقهم أن يكون لهم طموح مشروع في الخدمات التي ترفع مستوياتهم والحياة الأفضل.
(6)
مثلاً.. يتحدث البعض عن مشكلة البطالة، وكأن مصر كلها شعب من العاطلين، الذين يستيقظون صباحاً وينامون مساءً دون أن يجدوا عملا يوفر لهم لقمة العيش والحياة!!
كيف يكون ذلك ونحن نقاسي الأمرين بحثاً عن سباك أو كهربائي أو نجار أو حرفي يقدم لنا خدمة بسعر معقول، فهل توجد بطالة في دولة تعاني نقصاً شديداً في العمالة الحرفية التي لا يجدها الناس؟
من الذي يدير آلاف المصانع الجديدة ويبني المدن وملايين المساكن وأين ذهبت العشرة مليارات دولار التي دخلت مصر مؤخراً كاستثمارات تم إنفاقها في مشروعات توفر فرص العمل لعشرات الآلاف من الشباب؟
(7)
لا يشعر بعض الناس بالتحسن لأن البيروقراطية ترهقهم ، ومهمة الحكومة هي أن تتخلص من الطابور الخامس من موظفيها وبيروقراطييها الذين يجهضون عملها.
خريطة توزيع التنمية سوف تشمل الجميع بتفعيل خطة العدالة الاجتماعية، وكيف تهبط ثمار التنمية من فوق لتحت لتعم علي الجميع.
إنها الأسئلة المشروعة والإجابات الصادقة التي تناولها أمين عام الحزب صفوت الشريف وأمين السياسات جمال مبارك في اجتماع أمانة السياسات أمس لتحديد ملامح الطريق إلي المستقبل.


•• وغداً نكمل الحوار


E-Mail : [email protected]