الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الصلح مع المصالحة
كتب

الصلح مع المصالحة




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 09 - 11 - 2010



الفلسطينيون مشغولون وإسرائيل تلتهم أراضيهم
(1)
لا تسأل عن الخلافات التي تحول دون إتمام المصالحة الفلسطينية، فهي كالسراب، ويجيد قادة حماس تفجير مئات القضايا الخلافية والدخول إلي تفصيلات لا تنتهي أبداً.
المفاوضات التي كانت منذ عام برعاية مصر وصلت إلي عقبات لا يمكن تصورها، ونجحت القاهرة في الحصول علي موافقة جميع الفصائل الفلسطينية علي مسودة الاتفاق، وصياغتها في صورتها النهائية، وذهب قادة حماس للحصول علي الموافقة من دمشق.
بالطبع لم يعودوا وتحدثوا عن نقاط أخري كثيرة، زعموا أنها تحتاج مفاوضات جديدة، في نفس الوقت الذي تلتهم فيه إسرائيل الأراضي الفلسطينية بسياسة الاستيطان الشرسة.
(2)
كل الملفات ما زالت مفتوحة، حتي في قضية الأسير الإسرائيلي شاليط.. وكل الأطراف تستغل هذه الورقة لتلعب بها لتحقيق بعض المصالح الشخصية.
حماس تلعب بورقة شاليط، ولسان حالها يقول إنها لن تفرج عنه أبداً، لأنها تكون كمن ينزع ثيابه في العراء، فهو الورقة الوحيدة في يدها وتجعل لها دوراً.
حماس تتفق مع مصر علي شروط، ثم تطرح غيرها علي الدبلوماسية الفرنسية، وتقدم شروطاً أخري للمفاوض الألماني «جيرهارد كونراد».. وهكذا مناورات إلي النهاية.
(3)
نتانياهو أيضاً يلعب بورقة شاليط، ويعلم أن حماس لن تطلق سراحه مهما كان الثمن، لذلك هو يلاعب الرأي العام الإسرائيلي بعواطفه، ويلاعب الفلسطينيين بإغرائهم.
نتانياهو يقوم بإغراء الفلسطينيين بآلاف الأسري الذين يلوح بالإفراج عنهم في مقابل شاليط، ولكنه كعادته يماطل ويسوف، ويضع شروطاً للإفراج تجعله شبه مستحيل.
نتانياهو يضع خطوطاً حمراء كثيرة مثل إبعاد المفرج عنهم إلي دول أخري، وعدم إطلاق سراح من شاركوا في عمليات انتحارية، وعدم الإفراج عن الرموز مثل البرغوثي وآمنة مني وعباس السيد.
(4)
كل الملفات إلي نقطة الصفر، والمستوطنات تحصد الأخضر واليابس، ولن يجد الفلسطينيون أرضاً يقيمون عليها دولتهم، ورغم ذلك فهم منشغلون في قضايا خلافية بعيداً عن جوهر الخطر.
هم منشغلون باقتسام السلطة التي لم توضع كعكتها بعد علي المائدة.. وتخشي حماس من التسوية، لأنها تفرض تهميشاً علي دورها، وتضع حداً لاغتصابها السلطة في غزة.
أبومازن أيضاً له كل العذر ومشغول عن المشاكل الحقيقية التي تقصم ظهر السلطة في الضفة، وتجعلها غير قادرة علي فرض وجودها وهيمنتها.
(5)
غزة قد تواجه الخطر، بتهديدات نتانياهو المستمرة بعدوان إسرائيلي جديد يزيد من الأوضاع المأساوية لسكانها، ويتحدث نتانياهو الآن عن صواريخ مضادة للطائرات حصلت عليها حماس من إيران ولا بد من تدميرها.
ليس معني تهديدات نتانياهو أنه سيعتدي علي غزة اليوم أو غداً، ولكنه يهيئ المسرح لعدوان جديد، ويترك لنفسه حرية اتخاذ القرار واختيار الوقت الملائم لتصرفه الأحمق.
نتانياهو يريد ترتيبات أمنية للتعاطي مع هذا التهديد في أي اتفاق سلام.. لأن صواريخ حماس علي حد زعمه تحد من قدرة القوات الجوية الإسرائيلية في ضرب حماس.
(6)
القضية الفلسطينية في الوقت الراهن أمام كارثة حقيقية، والسيف مسلط علي رقبتها، سواء ذهبت إلي مفاوضات السلام أو لم تذهب، لأن المخاطر التي تعيشها منذ ستين عاماً، تتجمع كلها الآن.
نتانياهو يخترع كل يوم حكاية جديدة: الصواريخ الحمساوية، يهودية الدولة، الاستيطان، شاليط، ويعرف جيداً كيف يشعل ملفاته ومتي يطفئها.
الفلسطينيون لا يجيدون إلا شيئاً واحداً، هو العودة دائماً إلي المفاوضات من نقطة الصفر.
(7)
القاهرة تبذل قصاري جهدها ولا تريد تضييع الوقت في عقد أي جلسات أخري علي أراضيها، بعد أن بذلت جهوداً مضنية وتوصلت إلي اتفاق نهائي بين الطرفين، لا ينقصه إلا التوقيع.
القاهرة تريد رأب الصدع بسرعة حتي لا يضيع مزيد من الوقت والجهد في اختلاق عقبات تحول دون التوقيع إلي الأبد.
كانت مصر علي حق، حين أبلغت الطرفين بأن عليهما أن يتفقا أولاً، بعد أن مضي أكثر من عام علي الموعد الافتراضي للتوقيع، إلا أن فتح وحماس لم تنجحا في «الصلح مع المصالحة».


E-Mail : [email protected]