الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أكاذيب بوش!
كتب

أكاذيب بوش!




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 14 - 11 - 2010



مصر عارضت بشدة غزو العراق ويشهد علي ذلك «أبوه»


(1)


من الأفضل ألا نضيع وقتًا في الرد علي أكاذيب وادعاءات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، التي جاءت في كتابه «لحظات قرار».. ولكن ماذكره بأنه تلقي معلومات من مصر حول امتلاك العراق أسلحة بيولوجية، يكشف نفسيته المريضة.


لو رجعنا بالذاكرة إلي الوراء، حين ذهب «كولن باول» وزير الدفاع الأمريكي إلي مجلس الأمن، ومعه صور وأفلام ادعي أنه تم التقاطها عن طريق الأقمار الصناعية، ترصد قيام العراق بنقل أسلحته الكيماوية والبيولوجية من مكان لمكان.
كان «باول» يرتدي بذته العسكرية، ويمسك عصي يشرح بها علي «تختة رمال» تحركات القوات العراقية، ويعلن أمام وزراء خارجية دول المجلس ماأسماه المعلومات المذهلة التي رصدتها أجهزة المخابرات الأمريكية.
(2)
كانت الصور التي عرضها باول تشبه «النمل» الذي يتحرك في الصحراء ورغم ذلك أقنع مجلس الأمن بأن هذا «النمل» هو سيارات مصفحة تم تخزين أسلحة الدمار الشامل العراقية فيها، ويحركها صدام من مكان لمكان بعيدًا عن عيون المفتشين.
هذه الصور كانت السبب الرئيسي في موافقة مجلس الأمن علي إصدار قرار باللجوء إلي العمل العسكري ضد العراق، وكانت مصر تعارض ذلك بشدة، ورفضت أن تشارك قواتها بأي صورة من الصور في جريمة الغزو.
يشهد علي ذلك بوش الأب الذي كان في زيارة لمصر قبل الغزو بأيام، ونصحه الرئيس مبارك بعدم الإقدام علي غزو العراق، وقدم له أسانيد ومبررات اقتنع بها تمامًا، وقال إنه سيبلغ ابنه بذلك.
(3)
عارضت مصر الغزو الأمريكي للعراق لإيمانها بأنه يمثل حائط صد ضد التهديدات الإيرانية لدول الخليج، ورغم اختلافها الشديد مع أسلوب حكم صدام حسين، إلا أنه كان يخلق توازنا في مواجهة إيران.
وعارضته لأنها تعلم صعوبة التركيبة الدينية والعرقية للشعب العراقي، وأنه إذا تم تفكيكها، فسوف يكون من الصعوبة بمكان إحكام السيطرة علي الأوضاع الأمنية.
وعارضت مصر الغزو خوفًا من اندلاع العمليات الإرهابية في المنطقة وامتداد نفوذ الشيعة الإيرانيين إلي عديد من الدول المجاورة، حيث يتحينون الفرصة للانتشار ومد النفوذ.
(4)
لم تكن مصر وحدها ضد الغزو الأمريكي للعراق، كل الدول العربية والإسلامية بلا استثناء عارضت ذلك، فيما عدا الكويت، بل إن دول الجوار رفضت القيام بعمليات عسكرية من أراضيها باستثناء قطر.
بعض الدول الأوروبية عارضت أيضًا ذلك ومنهم المستشار الألماني «جيرهارد شرودر» الذي اضطر أن يخرج علي الملأ ويكّذب بوش، الذي أعلن كذباً أن ألمانيا تؤيد غزو العراق.
استمر الرفض المصري في تصاعده بعد الغزو، مما جعل الرئيس بوش يُصعّد إجراءاته الانتقامية ضد مصر، واتخذت ضغوطه أشكالاً متعددة، تحطمت كلها علي حائط الرفض المصري.
(5)
حاول بوش أن يحصل علي مواقع ليقيم عليها قواعد عسكرية لمراقبة منطقة الخليج، ولما رفضت مصر، حاول الحصول علي أية تسهيلات، فقوبلت كل مطالبه بالرفض.
لجأ بوش إلي استخدام أوراق السياسة الداخلية للضغط علي الموقف المصري المتشدد، وفتحت إدارته ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني وغيرها.
أفشلت مصر أيضًا مشروعه الصهيوني «الشرق الأوسط الجديد» الذي كان يخطط لسيطرة وهيمنة إسرائيل علي دول وشعوب المنطقة، وظل فشل المشروع لطمة علي وجهه لن ينساها أبدًا.
(6)
رفضت مصر أيضًا مناورته الخبيثة لإحلال قوات سلام عربية في المدن العراقية، بدلا من الجيش الأمريكي الذي كان مقررًا أن ينسحب إلي خارج المدن.
استهدف بوش من مشروعه الساذج، سحب الجيش الأمريكي بعيدًا عن مدن القتل والأعمال الإرهابية، وأن يورط ما اسماه، قوات السلام العربية في حفظ الأمن، وأن يواجهوا القتل بدلاً من القوات الأمريكية.
كان بوش يحلم بأن يزف للشعب الأمريكي بشري انتهاء توابيت القتلي من الجنود الأمريكيين، وأن الاغتيالات ستصبح عرباً في عرب، ولكن مصر هي التي تصدت لهذا المشروع، وأوقفت جريمة بوش الجديدة.
(7)
كانت صدمة بوش الكبري هي انهيار مشروعه الديمقراطي الكبير في العراق، وتحولت الديمقراطية إلي حفرة من جهنم تصب حممها ونارها علي الشعب العراقي، وتغتال أحلامه في الأمن والسلام.
من البداية إلي النهاية، كانت عملية الغزو فاشلة، ودخلت أمريكا العراق، دون أن تعرف متي ستخرج منه، وأعادت إلي الأذهان صورة الأمريكي القبيح الذي كان يقتل النساء والأطفال في فيتنام.
بوش هو الذي لطخ صورة أمريكا في العالم، وجعل العرب والمسلمين يناصبونها العداء، فقد عاد إلي الأذهان من جديد عصر الاستعمار، علي يد التافه الكذاب.. بوش.


E-Mail : [email protected]