الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شرير الفضائيات!
كتب

شرير الفضائيات!




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 16 - 11 - 2010



هيا بنا نغني نشيد «خنقوك يا هامش الحرية»!


(1)


شرير الفضائيات هو الدكتور فاروق أبوزيد رئيس لجنة متابعة الدعاية الإعلامية للانتخابات.. لكنه شرير عادل، ويقوم بعمل متميز لضبط إيقاع الانفلات والفوضي.. كان الله في عونه.


لن يستطيع الرجل وحده أن يضبط إيقاع التجاوزات المستمرة منذ سنوات، لذلك هو يحتاج الدعم والمساندة، وأن يتعامل معه من يتناولهم بالنقد، بروح متفهمة، وضمير عادل، دون تشنج أو عصبية.


مهمته ثقيلة، لأن الفضائيات اعتادت منذ ظهورها علي العمل خارج إطار الضوابط، ولذلك انزعجت كثيراً عندما جاء من ينتقدها ويتناول بعض الأخطاء.. ومن الطبيعي أن تتحد ضده.
(2)
شرير وطبعاً هذا لفظ مزاح صحفي لأن مفهوم حرية الإعلام ارتبط بهدم كل الأسقف المهنية والأخلاقية والقانونية، وأصبحت التجاوزات في برامج الهواء، مثل الرصاصة التي تخرج ولا يمكن أن تعود لفوهة البندقية.
فجأة ظهر الدكتور أبوزيد بدعم ومؤازرة وزير الإعلام أنس الفقي، ليقول: هذا صح وهذا غلط، ولم تعتد الفضائيات علي هذا النوع من التقييم والمتابعة، وأعلنت التمرد.
طبعاً سيحاول البعض الربط بين عمل اللجنة ونشيد «خنقوك يا هامش الحرية».. ولكن قراءة تقارير اللجنة تؤكد أنه يتم إعدادها بأسلوب مهني بحت.. لا علاقة له بالحرية ولا بالخنق.
(3)
أولاً: تناولت التقارير كل وسائل الإعلام دون استثناء وفي صدارتها الإعلام القومي وتليفزيون الدولة، ولم تقتصر فقط علي الإعلام الخاص.
هذا معناه أن اللجنة المشكلة بقرار من وزير الإعلام، تنتقد بنفس القدر برامج تليفزيون الدولة الذي يرأسه وزير الإعلام.. فليس عندها «خيار وفاقوس».
اللجنة تتعامل بمكيال واحد، ولا تفرق بين «صباح الخير يا مصر» أو الفراعين أو المحور ودريم والحياة وغيرها.. وتناولتها جميعاً بملاحظات تحتاج القراءة والتدقيق.
(4)
ثانياً: تعتمد اللجنة علي «متابعة مهنية» وليست «محاسبة سياسية»، فهي لم تقترب من حرية الفضائيات في تناول القضايا التي تختارها ولكنها تتحدث فقط عن إتاحة الفرص الإعلامية العادلة للجميع.
فليس مقبولاً مثلاً أن يتعرض الحزب الوطني لهجوم بشأن مسألة داخلية، دون أن يتاح له حق التعقيب.. ورفضت اللجنة في نفس الوقت الدعاية المستترة لبعض الوزراء في التليفزيون الرسمي.
اعترضت اللجنة أيضاً علي استحواذ الحزب الوطني علي مساحة من الوقت تفوق غيره من الأحزاب في وسائل الإعلام القومية، ولفتت الانتباه بشدة إلي ضرورة مراعاة ذلك.
(5)
ثالثاً: المطالبة بفصل الإعلام عن الإعلان.. وهذه الإشكالية وقعت فيها معظم البرامج، عندما حرصت علي استضافة رجال أعمال يتحدثون عن مشروعاتهم وإنجازاتهم.
من صور الدعاية التي تضلل الناخبين هي استضافة مرشحين دون غيرهم ليتحدثوا عن أعمال لهم لا تتعلق بالانتخابات، مثل جولات الوزراء المرشحين التي دبت فيها الروح كثيراً هذه الايام.
أغرب صور الدعاية التي رصدتها اللجنة هي استضافة أحد برامج التليفزيون الرسمي لأستاذ جامعي «غير مرشح»، ليتحدث عن إنجازات وأعمال والده «المرشح».
(6)
رابعاً: الدعوة إلي وقف حملات التشكيك والحث علي عدم المشاركة في الانتخابات، خصوصاً من بعض الأحزاب والتيارات التي قررت مقاطعة الانتخابات، وحرصت علي دعوة الناخبين للمقاطعة.
علي سبيل المثال: دكتور أسامة الغزالي حرب الذي قرر المقاطعة وهذا حقه، ولكن السؤال هو: لماذا يكثف ظهوره الإعلامي ويقوم بالتشكيك في نزاهة الانتخابات والزعم بعدم جدواها؟.
إذا كان من حقه أن يفعل ذلك، فمن «العدالة الإعلامية» إتاحة الفرصة لآخرين، للرد علي أسبابه ومبرراته، حتي لا يقع الرأي العام فريسة لمثل هذه الدعاية السلبية.
(7)
أتوقع أن تتعرض اللجنة لهجوم ضارٍ، وأن يتكتل ضدها كثير من الإعلاميين والفضائيات، وسوف تُتهم بأنها محكمة التفتيش الجديدة، وغير ذلك من الأوصاف الجاهزة والمعدة سلفاً.
سيمارسون معها لعبة «ذبح القطة».. ولكنها يمكن أن تنال الاحترام والتقدير تدريجياً، إذا ظلت تتمسك بالحياد والموضوعية، وحصرت تقاريرها علي الملاحظات المهمة والكبيرة فقط.
عموماً هي تجربة جديدة بالنسبة للفضائيات، وغير جديدة بالنسبة للصحف التي تصدر تقارير متابعتها عن طريق المجلس الأعلي للصحافة.. وياليتها تهتم بالملاحظات العامة أكثر من الرصد التفصيلي.

 

E-Mail : [email protected]