الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
أمريكا والرقابة الدولية (1)
كتب

أمريكا والرقابة الدولية (1)




 


 

كرم جبر روزاليوسف اليومية : 21 - 11 - 2010



النوايا مبيتة والتقارير معدة سلفًا!
(1)
البعد الغائب في قضية الرقابة الأجنبية علي الانتخابات هو موافقة الدولة علي دعوتهم، فليس معقولاً أنهم سيأتون بالقوة أو دون دعوة، أو أن يدخلوا البلاد كسائحين، ثم يتحولوا إلي مراقبين.
إذا لم يفهموا ذلك فهم يتجاهلون أبسط قواعد السيادة المقررة في القانون الدولي، ويرتكبون حماقات تصطدم بالكرامة الوطنية، فالبيوت تدخل من أبوابها وليس من الشبابيك أو قفز الأسوار.
مصر ترفض هذه الرقابة بكل صورها وأشكالها، وهذا حقها كدولة ذات سيادة، ولا يمكن أن تفرض عليها أوامر من الخارج، لا الولايات المتحدة ولا غيرها من الدول.
(2)
ليس معقولاً أن يؤسس بعض المتعاقدين وعواجيز السياسة الأمريكية «شلة» يطلقون عليها «مجموعة عمل مصر»، ويطلبون الحضور لمراقبة الانتخابات، بمساندة وزارة الخارجية الأمريكية.
أولاً: هم ضيوف غير مرغوب فيهم، وهذا البلد الكريم المضياف لا يستقبل اللئام، ولا يحسن كرمهم، ويدير وجهه وظهره لهم، لأنه يعلم جيدًا خبث نواياهم وسوء مقصدهم.
الضيف المشبوه لن يجد من المصريين سوي المقاطعة والعزوف، حتي لو استقبلهم بعض أعضاء «لوبي التفريط السياسي»، فسوف تطارد هؤلاء وأولئك اللعنات.
(3)
ثانيًا: العالم كله يراقب الانتخابات المصرية.. مئات الصحف والفضائيات ووكالات الأنباء العالمية، حصلت علي تصاريح لتغطية الانتخابات، بجانب الآلاف من المجتمع المدني والأحزاب والمرشحين أنفسهم.
السؤال هنا: ماذا سيفعل هؤلاء المشبوهون إذا حضروا إلي مصر، وكيف يراقبون 222 لجنة عامة وأكثر من 4 آلاف لجنة فرعية، وهل سيأتون بقوات الاحتلال الرقابي؟
هل سيعتمدون علي أنفسهم في الرقابة، فيتوهوا في الزحام، أم يكتفوا بتقارير «نشطائهم المحليين»، الذين يملون عليهم ما يريدون ويكتفي الرقباء الدوليون بالبصم والتوقيع؟
(4)
ثالثًا: الرقابة الدولية لها أجندة خارجية، لأنها لا تستهدف صالح الدول ولا الشعوب، ولكنهم يأتون بتوجهات مسبقة، ويسعون إلي تأكيدها وإثباتها، حتي لو تحققوا من عكسها.
إذا بدأوا بعشرة رقباء، فما الذي يمنع أن يصبحوا ألفًا وألفين وثلاثة، وإذا استهلوا عهدهم بالانتخابات، فما الذي يضمن ألا يدسوا أنوفهم في قضايا داخلية أخري؟
من هم هؤلاء؟ ومن الذي يمولهم؟ ومن الذي يقف وراءهم؟ ومن الذي يحرضهم؟ وما هي المبررات والأسانيد القانونية التي يعتمدون عليها في طلباتهم المتبجحة؟
(5)
رابعًا: الرقابة أداة للضغط السياسي.. فأمريكا ليست حريصة علي الديمقراطية والانتخابات في مصر أكثر من المصريين أنفسهم، وكأنها لا تنام الليل من أجل ديمقراطية الشعب المصري!
أمريكا لا تعرف غير مصلحة أمريكا، ولا تطلب إلا ما يخدم توجهاتها وأهدافها، إنها دولة برجماتية من الطراز الأول، ولا تتردد في أن تدمر العالم كله، حتي تعيش أمريكا.
عندما تفتح أمريكا ملف الديمقراطية والانتخابات في مصر، علينا أن نسأل أنفسنا: ما هي القضية التي تريد أمريكا من مصر أن تقدم فيها تنازلات وتسهيلات، فتلجأ إلي الملفات الداخلية؟
(6)
خامسًا: مصريون أكثر سوءاًمن الرقباء الدوليين.. وهؤلاء هم الذين ينادون بالرقابة الدولية، حتي لو كان الثمن التفريط في السيادة، والاستعانة بجهات نواياها معروفة.
مصريون لا يعرفون الخجل ولا النخوة الوطنية، ويتبجحون في التشكيك في كل دون ظلال من الحقيقة، حتي يبرروا لأنفسهم مطالبهم بالرقابة الأجنبية.
لا تستغربوا، فقد قبلوا أن تمولهم جهات مشبوهة وقبضوا الثمن لإعداد تقارير عن الأوضاع الداخلية في مصر حسب طلب الشريك الأجنبي وكتبوها بالغل والأكاذيب والافتراءات.
(7)
النوايا مبيتة للتشكيك في الانتخابات مهما حدث، ولذلك لا يجب أن نجهد أنفسنا لإقناعهم بالضمانات الدستورية والقانونية التي توفرها مصر لنزاهة الانتخابات وحيدتها.
ولا تتعبوا أنفسكم في الحديث عن اللجنة العليا للانتخابات، وإنها المرة الأولي التي تدير فيها انتخابات مجلس الشعب، فهذا الأمر لايعنيهم من قريب أو بعيد، لهم هدف ثابت هو التشكيك.
الشيء الوحيد الذي يجب أن نهتم به هو إجراء انتخابات تتسم بالشفافية والنزاهة، وأن نثبت للعالم أجمع أن مصر في استطاعتها أن تفعل ذلك، رغم أنف الرقباء المشبوهين.


E-Mail : [email protected]