الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

عبد الستار حتيتة: حكايتى مع نوم العصر فى رمضان




عن طقوسه الرمضانية يتحدث الكاتب الروائى عبد الستار حتيتة قائلا: لا بد أن أنام بعد صلاة العصر لمدة ساعة أو ساعتين كل يوم فى شهر رمضان. هذا تسبب لى فى كثير من المشاكل منذ كنت صبيا. فى مرسى مطروح، صغيرا، كنت أصلى الظهر فى مسجد «سيدى العوام» المواجه للبحر.
 
نقطع الوقت باللهو على الشاطئ حتى أذان العصر. أعود مع أصدقائى لنفس الجامع لنصلي،
 
وبعدها يأخذ كل منا حصيرة ويلف نفسه فيها خارج السور، وينام.
 
فى أحد الأيام استيقظت فوجدت الدنيا ظلاما، وأعمدة الضوء تنير طريق الكورنيش، والمصلون داخل المسجد يصلون التراويح. تلفت حولى فى فزع، وانطلقت فى اتجاه بيت أسرتى خلف منطقة الليدو المجاورة، ومن بعيد رأيت إخوتى وأمى وأبى وأقاربى وجيراننا يشيرون ناحيتى ويقولون «ها هو.. ها هو. الحمد لله». لقد نسينى أصدقائى نائما بجوار الجامع.
 
وفى الإسكندرية، حيث كنت أدرس فى الجامعة، تصادف أن تعرفت فى المدينة الجامعية على طالب أسوانى يحب النوم بعد صلاة العصر مثلي. لم يكن هناك مجال للنوم وسط لغط مدينة الطلبة.
 
قال لى الأسوانى إن الطابق الأخير لا يوجد فيه أى غرف مشغولة بالطلاب. لم نكن نعرف بوجود اعتقاد بين الطلاب القدامى بأن الطابق الأخير مسكون بالعفاريت. المهم ذهبنا ونام كل منا فى غرفة. وكانت الطرقة، فى الحقيقة، طويلة ومخيفة ومصابيحها مكسرة. أخذنا النوم إلى ما بعد أذان المغرب.
 
وتصادف أن بعضاً من طلاب الطابق الثانى أرادوا جلب مناضد لطلاب جدد من الطابق الأعلى.
 
تشجعوا بعد صلاة المغرب وصعدوا ودخلوا الغرفة الأولى فوجدوا الأسوانى ممدا على الأرض،
 
فأصابهم الفزع. واستيقظت على أصوات الصياح. لكن حين خرجت من الغرفة الأخرى تلبسهم الرعب، وفروا هاربين، وأنا والأسوانى فى أثرهم لا نعرف ما يجرى وقد فاتنا طعام الإفطار.
 
وفى حياتى العملية استمرت نفس المشكلة. حين كنت أعمل فى صحيفة الأهالى كنت أغادر قبل العصر إلى منزلى فى ضاحية المقطم، لأصلى وأنام، وأتعهد لنفسى بأن أستيقظ قبل المغرب بوقت كاف لألحق بعزومة أهل زوجتى فى ضاحية المعادي. لكن الأمر لم يفلح. أستيقظ على خبط على الباب وظلام، وحماتى وأبناؤها وزوجتى يدخلون قائلين: «ها هو.. ها هو. الحمد لله».
 
وحتى اليوم، إذا لم أنم بعد العصر، فإننى أمضى الوقت كالنائم. لا تأخذ منى حقا ولا باطلا، ولا فائدة مني، إلى أن يحين موعد مدفع الإفطار.