الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

عمر قناوى يكشف أسرار ثورة يناير فى «خبرنى العندليب»




(لأول مرةٍ أقرأ شهادة صادقة عن الثورة المصرية لا توجد فيها ذات متضخمة ولا ادعاء بالبطولة أو هجوم على الآخرين مستخدماً الثورة، عمر قناوى صحفى ينتمى إلى الجيل الجديد الذى أسهم بقدر كبير فى الأحداث، ومن هنا تأتى قيمة الشهادة التى كُتبت ببساطة وصدق وعمق)... هذا ما كتبه الروائى الكبير جمال الغيطانى على غلاف كتاب «خبرنى العندليب.. شهادة على ثورة 25 يناير» للكاتب عمر قناوى الذى يقدم فيه شهادة تحوطها جانبًا من الغموض، الذى فرضه غموض وإخفاء شخصية المصدر العسكرى الذى أمد الكاتب بمعلومات حقيقية قبل حدوثها على أرض الواقع، كما يحكى لنا المؤلف فى الكتاب.
 
فى كتابه السردى الأول (خبّرنى العندليب)، الذى ينتمى إلى أدب السيرة الذاتية، كما يتضح على غلافه الذى كتب المؤلف عليه بجانب العنوان «شهادة عن ثورة 25 يناير»، يتناول عمر قناوى الكثير من أسرار الثورة المصرية من قبل اندلاعها، وحتى لحظة تفجُّرها من زاويةٍ خاصةٍ للغاية، ربما لم يتطرق إليها أحدٌ من قبله، حيث يبدو الصوت السارد، على تواصلٍ مع أحد الأشخاص الذين لهم علاقة وثيقة بالأحداث قبل وقوعها.
 
هذا الشخص «العندليب» المنتمى إلى المؤسسة العسكرية المصرية، الذى لا يبوح المؤلف باسمه، يُرسل برسائل وإشارات إلى المؤلف مستشرفاً أحداثاً ستقع أو أموراً يتم الإعداد لها، يفاجئنا المؤلف بأنها تقع بالفعل فى اليوم التالى مباشرةً لاتصال هذا الشخص به، تاركاً له الحيرة والمتابعة القلقة لما ستتطور إليه الأحداث، التى تتصاعد حتى تصل إلى لحظة الثورة وانفجارها، والتى كان قناوى مشاركاً بها وملتحماً مع زملائه فى الميدان.
 
العمل يقع فى ستة فصول هى: «أيام كفاية»، و«القاهرة تحترق»، و«تونس تشتعل»، و«أيام الغضب»، و«مشاهد من المرحلة الانتقالية»، و«الختام»، ويبدو بمثابة رواية تسجيلية توثيقية ينقلها رأو أمين يحاول أن يحلل بموضوعية ما يحدث أمامه، دون الانحياز سوى للوطنية وحتمية التاريخ عبر استقرائه شواهده.
 
تأتى القيمة الفنية للعمل، إضافة إلى قيمته التوثيقية من كونه يعتمد فكرة المعايشة والتتبع اليومى لأحداث الثورة منذ التمهيد لها، وحتى الاحتشاد فى الميادين، والتفاعل الهائل وغير المُرتَقَب الذى حدث إبانها من جميع أطياف الشعب المصري، ويعد بمثابة وثيقة «بصرية» يعتمد فيها المؤلف كثيراً على خبرته الصحفية، وعمله الميدانى فى الاستقصاء الصحفي، متناولاً مشاهد ومواقف عُدّت إشارات فاصلة فى تاريخ الثورة المصرية.. خطاب التنحي، المجلس العسكرى وإدارته للمرحلة الانتقالية، موقعة الجمل، موقف الإعلام وتبايناته وفق توجهاته المختلفة، الأزمات التى مرّ بها الشعب المصري، وطنية وإخلاص الجيش المصري، حِراك الأحزاب وموقفها من الثورة.
 
عنوان العمل المأخوذ من أغنية للسيدة فيروز يأتى كظلٍّ ناعمٍ على ملحمةٍ حقيقية لشعبٍ ثائر، قد يبدو للقارئ من الوهلة الأولى بعيداً عن طبيعته، غير أنه بعدما ينتهى من قراءة الكتاب يكتشف أن العنوان موفّق إلى حدٍّ كبير فى الإشارة إلى ما يدور به.. فالعندليب، مصدر الأخبار، كان هو طائر الثورة الذى حلَّق بأنبائها إلى أسماع المؤلف الشاب ليطيّرها بدوره إلى آفاقنا بأمانةٍ لم تقلل من فنية العمل وحذقه.