الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

محمد بركة: رمضان يعيدنى لذكريات الطفولة والصبا




 ذكريات رمضان حين أسافر بخيالى لأستعيد تفاصيل رمضانية بعيدة «أعنى فى مرحلتى الطفولة والصبا» لا أجد الكثير من الدفء والحميمية على عكس ما يروى معظم السادة الأدباء... فى قرية بعيدة ملقاة بإهمال على هامش ريف الدلتا وتحديدا فى دمياط، كان رمضان يزورنا ونحن فى قيظ الصيف الحارق « بدايات الثمانينيات».. كانت مظاهر الفقر وشظف العيش تحيط بنا من كل مكان، حيث البيوت اشبه بأكواخ من الطين ومعظم الاطفال يسيرون حفاة وتلسع اقدامهم سخونة الأتربة فى الاجران والساحات المنتشرة هنا وهناك.. كان الكبار يلجأون الى النوم هربا من الجوع والعطش ومن ظل خارج البيت كان يهرع الى الماء الصافى الجارى فى الترعة حيث الاستحمام الجماعى أو على الأقل يصب المياه الغزيرة على رأسه تلطيفا لحرارة الجو... كانت الكهرباء تنقطع كثيرا ولم يكن امام الناس من الوان الترفيه سوى فوازير سمير غانم وفطوطة ثم نيللى وشيريهان، وكان الكبار يتمردون كثيرا على ذلك فيخرجون جماعات الى شاطيء الترعة حيث يتجمعون فى حلقات من السمر والحكايات الضاحكة التى يمسك بزمامها حكاء عظيم يكبر معظم الموجودين سنا.. كان ذلك فى قرية كفر سعد البلد التابعة لمركز كفر سعد حيث كان _ ولا يزال_ لنا منزل من طابقين قام أبى بتجهيز غرفة منفصلة لى فى الطابق الثانى لأسكن فيها بشكل مستقل تماما وانا فى مرحلة المراهقة . تحولت الغرفة الى ثكنة ثقافية تعج بمؤلفات يوسف ادريس وتضم روائع كلاسيكيات الأدب الروسى ممن كنت استعيرها من مكتبة المدرسة او من الاصدقاء، اذ لم يكن مصروفى يسمح بشراء الكثير من الكتب.. هناك قرأت رواية «البيضاء» ليوسف ادريس و«جداول الربيع» لايفان تورجنيف وحين صار معى القليل من الجنيهات التى ادخرتها «فجرت» واشتريت الاعمال الكاملة لانطون تشيكوف «1860- 1904» الذى يعد أفضل من كتب القصة القصيرة فى العالم.. ولك أن تتخيل نهارات رمضان حين يقضيها مراهق فى غرفة منعزلة بصحبة ادباء عالميين سرعان ما انضم الى قائمتهم ارنست همنجواى ومارك توين وجوستاف فلوبير.