الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

غادة قدرى: الشعر والمسرحية فى اندثار وفقدا بريقيهما وجمهورهما




غادة قدرى أديبة تكتب القصة والشعر والكتابة الصحفية، بدأت بكتابة القصة وكانت باب دخولها مجال العمل الصحفي، ترى أن الشعر والمسرحية فقدا بريقهما وجمهورهما، بسبب أن لغة الشعر رمزية وصعبة على فهم الكثيريين، ولا يقرأ المسرحيات سوى المسرحيين، وهو ما انعكس على اهتمام دور النشر بالرواية والقصة، أصدرت مؤخرا مجموعة قصصية بعنوان «المغتربة»، تتناول موضوعات مختلفة بعضها عن الثورة، وأخرى عن الوطن وعبثية حياة العاصمة، عن قضايا المرأة ورأيها فى صمود الكتاب الورقى أمام الكتاب الإلكترونى وغيرها من القضايا الأدبية والثقافية دار هذا الحوار:
■ اشتغلتِ بالصحافة لكن سرعان ما زاوجت ما بين كتابة المقالة والقصة فأيهما أقرب إليكِ؟
 
الكتابة بشكل عام تستهويني، ودخولى إلى عالم الصحافة كان من بوابة الأدب، كان ذلك منذ زمن حينما دشنت مدونتى الإلكترونية وكنت أكتب بها مقالاتى وبعض القصص القصيرة والقصائد النثرية، وكتابة القصة تحديدا تستهوينى بشكل مبالغ فيه لأننى بطبعي، شديدة الحساسية والانتباه لكل لفتة تدور من حولى وأراها بعين مختلفة وتأويل مختلف فكل مواقف الحياة تبدو لى كإجابة عن تساؤلات مخفية ولذلك ألتقط ما يدور حولى وأنسجه فى قصص قصيرة قد تكون صورة مصغرة مركزة ومختزلة جدا عن عالم شاسع متعدد ومتشابك وبحاجة إلى نظرة أكثر تمحيصا وفهما أعمق.
 
■ هناك اهتمام متزايد بالقصة القصيرة حاليا على الرغم من أن البعض قد يعتبره «زمن الرواية»، لماذا تمسك بكتابة القصة القصيرة؟
 
لأن القصة القصيرة أقرب إلى وجدان القارئ ولأنها مركزة جدا وتسلط الضوء على موقف محدد له دلالات ربما رمزية أو تعبيرية خاصة، فالقصة القصيرة أسهل فى تناولها والتعاطى معها من قبل الكاتب والقارئ فى آن واحد ونحن فى عصر السرعة، وأصبح الوقت محدودا، ونحتاج لقراءة غير مرهقة وهو ما يتوفر فى القصص القصيرة التى راجت بشدة مؤخرا.
 
■ نلاحظ فى أيامنا هذه تراجع الشعر والكتابة المسرحية، هل فقد الشعر والمسرحية بريقهما؟
 
بالفعل الشعر والمسرحية فى اندثار وفقدا بريقهما وجمهورهما، وأصبح الاهتمام موجها أكثر نحو الروائيين والقصاصين أكثر، لأن لغة الشعر رمزية وصعبة على فهم الكثيريين، ولا يقرأ المسرحيات سوى المسرحيين، اضافة إلى دور النشر والمكتبات التى لم تعد فى الغالب تنشر شعرا أو مسرحيات بسبب عدم الإقبال الجماهيرى عليهما وبالتالى فشل بيعهما والتسبب فى خسارة مادية للناشرين والمكتبات.
 
■ لمن تقرأ غادة قدرى ومن يستهويها من الكتّاب؟
 
أكثر من تستهوينى كتابتهم فى تلك الأيام يوسف زيدان ورضوى عاشور بلا منازع، اضافة إلى متابعتى لما يدور على الساحة الأدبية أحب مطالعة أدب علاء الأسوانى كثيرا وأحلام مستغانمي، بلال فضل وعمار على حسن، يوسف القعيد، والغيطاني، وهناك بعض الكتاب الشباب الجدد أرى أنهم يسيرون على الطريق الصحيح.
 
غير ذلك فأنا عاشقة لنجيب محفوظ الذى تربيت على كتاباته هو وأنيس منصور وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعى وأرى أنهم قيم وقامات كلاسيكية لن تتكرر مهما حدث.
 
■ صدرت لك مجموعة قصصية بعنوان «المغتربة» ما هى موضوعات المجموعة وهل المغتربة هى غادة قدرى؟
 
مجموعة «المغتربة» تتناول موضوعات مختلفة فهناك قصص عن الثورة، وأخرى عن الوطن وعبثية حياة العاصمة شديدة التعقيد والفوضى، بها مشاهد من الحياة حقيقية قد تؤلمنا كثيرا، هى دعوة للبحث عن القيم العليا وسط الخيانة والكذب والتخاذل، أعتبرها رسالة سلام ونداء لضرورة التوحد فى حب الوطن والتسامى عن التعصب الفكرى والأيديولوجى والعرقى والدينيي، لا ينقصها الخوض كثيرا فى الرومانسية والحب المفقود وهو ما نطمح إليه، الأسرة الحنين للوطن وللأم والأمومة والترابط العائلي، أسميتها المغتربة لسببين أحدهما قصة مغتربة فى العاصمة ربما أنا وليست صورة مطابقة لي، والسبب الآخر دلالة على الاغتراب النفسى وسط زوبعة من المتناقضات والمفاهيم اللامقبولة والزيف وإزدواجية المعايير والفوضى الأخلاقية والميكيافيلية البرجماتية التى أصبحنا نعيشها فى كل تفاصيل حياتنا.
 
■ هل تناولتِ قضايا المرأة فى مجموعة «المغتربة»؟
 
هناك قصة رمزية تطرح تساؤلات عن مصير فتيات كثيرات قد يعانين من ظلم بيّن نتيجة تزويجهن فى سن صغيرة، مع الإدانة الموجهة تجاه المرأة العاقر وعقابها بالزواج عليها أو اجحام حقها وتهميشها لمجرد أنها أنثى.
 
■ هل ترين أن الكتاب الورقى سيستمر صامدا أمام منافسة الكتاب الإلكترونى فى عصر الثورة المعلوماتية الحالية؟
 
هناك متعة كبيرة وراحة فى مطالعة الكتاب الورقى واقتنائه، وسيظل أسهل فى التناول والتنقل معك أينما تروح، ولكن سينحصر هذا فى الكتب التى تستحق فقط، لأنه كما قلت فإن الكتاب الإلكترونى متوفر ويسمح لك بمطالعته قبل الشراء وبالتالى إن لم يعجبك فلن تشتريه ولن تفكر فى اقتنائه.
 
■ تصدرت مجموعتك قصة عن الثورة، برأيك ما دور المثقف والكاتب فى توجيه وتوعية الجمهور تجاه الحركات السياسية المتواجدة على الساحة الآن؟
 
دور الكاتب حيوى ومهم جدا باعتبار أنه يطلع أكثر ومن المفترض أنه يقرأ بكثافة ولديه رؤية، ويرى ما لا يراه الكثيرون ولديه قدرة على قراءة عناصر ومظاهر ومعطيات كثيرة وتفنيدها وتحليلها مع استنتاج ربما يكون صائبا، ولذلك أرى أن الكاتب عليه عامل مهم فى تشكيل وجدان وفكر القراء ومن الضرورى أن يكون القاص أو الروائى محايد فى عرض ما يطرحه وفى تصوير ما يدور فى الشارع منحيا جانبا رأيه السياسى ولكن من النادر أن تجد هذا فليس هناك كاتب موضوعى ورغما عنك ككاتب ستنحاز بشكل أو بآخر لرأيك السياسى وإن كان بصورة غير مباشرة فى سياق كتاباتك.
 
■ برأيك هل يمكن تحليل شخصية الكاتب واتجاهاته الفكرية من خلال كتاباته؟
 
هذا صحيح، الكتابة تكشف كثيرا من شخصية صاحبها وآراءه وأسلوب نشأته وثقافته، والتجارب التى مر بها فى حياته، فهناك كاتب يغلب عليه الطابع العاطفى والرومانسى ويظهر هذا من خلال تأثره بالمواقف العاطفية التى يسردها، وهناك كاتب يهوى الفانتازيا والمغامرة واللامعقول وهذا أراه شخصية طموحة متطلعة وواثقة من نفسها، وهناك كاتب يعرض رؤى سياسية عبر أبطال رواياته وأحداثها، خلاصة القول كل كاتب له ميزة وله أسلوب فهناك من يسرف فى سرد التفاصيل وهناك من يهتم بجماليات اللغة وهناك من يتخير مفردات منمقة، كل كاتب هو بصمة فريدة من نوعها.
 
■ خضتى كتابة القصة القصيرة، هل سيكون عملك القادم مجموعة قصصية على غرار «المغتربة» وما الذى تنوين مناقشته فيه؟
 
هناك مشروع رواية ولكنها لم تكتمل بعد، أعكف حاليا على الانتهاء منها، وستكون مختلفة كليا عن المجموعة السابقة، أطمح لأن تحمل رؤية وفلسفة أعمق وأشد وضوحا وصدقا، كما أنها ستكون رواية ثورية تحضر فيها مصر بقوة، وستكون معبرة عن ارتباك وارتطام الافكار والاتجاهات السياسية المتنافرة ما بين الشد والجذب والصعود والهبوط فى العامين والنصف الآخيرين.
 
■ ما رأيك فى الظاهرة الرائجة حاليا بصدد انتشار وتزايد دور النشر الخاصة؟
 
أراها ظاهرة صحية وإيجابية جدا، وتدل على أن هناك حراكا ثقافيا شديدا وإقبالا على المعرفة والقراءة بشكل كبير، كما أن بعض تلك الدور يعكف على إدارتها شباب طموحين مثقفين يحملون أفكارا تنويرية غير مسبوقة، وهى تفتح المجال أمام الشباب المبدع كى يتقدم ويشارك ويجد لنفسه موطئ قدم فى عالم الثقافة والإبداع، وهو ما حرمنا منه كثيرا فى العقود الماضية، ولم تكن مؤسسات الدولة المعنية بالثقافة والتنوير تلتفت كثيرا لدعم واستيعاب طاقات وإبداعات عظيمة من شبابها، أراهن بأن تزايد دور النشر هو مرآة تعكس وعى الشباب بأهمية الكتاب كما أن إتاحة تلك الدور لهؤلاء الشباب التواجد فى أوساط المثقفين وخوض المنافسة يصنع منهم كتّابا موهوبين ينافسون بعضهم بعضا، ويمتعونا بأطروحات متميزة.