الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

إدريس الجرماطي: النقد في المغرب خاضع للمجاملات والعلاقات الشخصيه





 «النص يولد كما اراد يكون ذكرا ام انثي وهذا ليس من شأن الكاتب بل للناقد ما يريد من تاويلات».. بهذه الكلمات التي تؤكد علي حرية الكتابة الإبداعية وخرجها دائما عن المألوف، عبر القاص والروائي المغربي إدريس الجرماطي عن تحوله من كتابة الرواية إلي القصة القصيرة علي عكس المعتاد، لا يري في المنافسة بين الثقافات العربية والفرنسية والأمازيغية في المغرب صراعا هداما وإنما منافسة ثقافية، ويعيب علي ما يسمي بـ«الربيع العربي» لافتقاده القيم وامتلائه بسفك الدماء عن هذه القضايا وأحواله الثقافية ورأيه في الحال السياسي وانعكاساته علي المشروع الثقافي العربي دار هذا الحوا..

(رقصة الجنازة) هو عنوان مجموعتك القصصية الأخيرة.. والعنوان إشكالي ومستفز.. لماذا اخترت هذا العنوان؟
نعم، رقصة الجنازة موضوع كامل بعنوان الحيرة، لأنها رحلة قلق انساني وعيش في التيه والعبثية المطلقة التي تلامسها جدارات الوجود وفي أصلها وما هو مخفي فيها هي الحالة المعكوسة للنص الذي يعني الحياة بمفوم الوجود، والجنازة في النص عربون لحياة فيها تجادب روحين إلي السعادة الأبدية وخلق رابطة الإنسان والحب، وبالتالي فالعنوان اتي قصدا وليس استفزازا فقط ليعلن ان الحياة الابدية احيانا يمكن التعبير عنها بالاستمرارية واعادة التفكير في صناعة المستقبل بطريقة الفكر والعطاء والنبل والإنسانية.
بدأت بكتابة الرواية ثم اتجهت لكتابة القصة القصيرة علي عكس السائد من تحول المبدعين من القصة إلي الرواية؟
المعتاد كالماء المستقر، سيدي لا يمكن الجزم بان الكاتب يكتب له ما يحلو له متي وكيف يشاء، لكن النص يولد كما اراد يكون ذكرا ام انثي وهذا ليس من شأن الكاتب بل للناقد ما يريد من تاويلات، وتوجيهات كل حسب تموضعه في الاتجاه الفكري، وحسب العلاقة الكامنة بينه وبين القاريء له، انتماءا وتوجها، والكاتب ليس له اي سلطان علي ما يكتب، وهو يسري تبعا لما يطمح إليه خياله الواسع او الضيق كل حسب امكانيته الفكرية والموهبة.
الحلم له حضور قوي في كتاباتك.. هل تحلم وأنت تكتب أم تكتب وأنت تحلم؟
الحلم في تعريفه الشخصي هو السفر بواسطة التيه في عوالم اما باطنية عبر تاريخ المرء، او نتيجة جحود الإنسان بطبيعته وبسلوكاته المعاشة، ومن هنا اريد ان ارد بسؤال آخر، هل من كاتب لا يحلم إلا بما يسافر فيه من عقد وافراح داخيلة تصنع منه نصوصها بطريقة اختيار الكاتب لاسلوب يميزه ويرمقه ويضعه في خانة الإنسان المثير للضجة والسؤال، فادريس الجرماطي ليس الا ذاك الإنسان الذي يحلم بان يكون مجرد هو وربما كما يصنع في نصوصه بطريقة الطبع وليس بطريقة الصنع.
ما العلاقة بين ذاكرتك وكتاباتك؟
سؤال بسؤال، هل من نفور بين الذاكرة والكتابة لدي اي كاتب مهما حصل وان سكت او نطق؟ المؤكد انه لا حسب معرفتي المتواضعة الصامتة، كل انسان فهو نتاج المحصول الداخلي له بتركبة الاسلوب الذي يخالف به الخر، الكاتب سيدي ليس إلا اختلاط لواعج منها من تدمر ومنها من تصلح ومنها الداعية بين هذا وذاك، فما يقال الإنسان ابن بيئته، فكذلك الإنسان هو الروح الساكنة به، وعليه بطريقة رياضية تصل إلي ان الكاتب هو هو كتابة وذاكرة.
برأيك.. هل مازال النقد متفوقا علي الإبداع في المغرب؟
لسوء الحظ، النقد في المغرب، إلا من رحم ربي، يتوقف علي أدب المجاملة والعلاقة، فكاننا في عرس لا يدخله غير ذوي العرسان، فالاديب يحتاج إلي تذكرة سفر إلي قلوب النقاد، ومن هنا تعرف قيمة الكاتب، بخلقه عوالم تجعل النقاد في حيرة البحث عنه دونما يقف في قاعة انتظارهم، وكانهم ملائكة يوم الدين، ولا يمكن ان أضيف في هذا الخصوص غير كلمة واحدة، عطاؤك هو انت، إنسانيتك وابداعك سيد مواقفك، كن حجرا ولا تكن جوزا، الحجر صلب والجوز في طريق الحجارة كما النقد بماء الكتابة.
كيف تري الصراع بين العربية والفرنسية والأمازيغية في المغرب؟
أن كان القصد بالصراع، هو التعصب، قد أجيب، واما إذا كان الصراع يعني الفوضي وعدم وجود مسار ابداعي كليا، فلن اجيب لانه غير موجود، اصلا، وفي راي الشخصي، انه لا محل للتعصب في وطن يؤمن بأن الجغرافيا ما كانت يوما حصارا او احتكارا، فما يجب قوله في هذا الوطن، ان لا تعصب ولا أفكار التفرقة بين كل الألسنة مهما كان اختلاف التوجه، لأن الإبداع لا وطن له بل هو سنة الجميع ورسالة إنسانية بعيدة عن اللغة والدين، والعنصرية آلة صنعها مشرع الهمجية والتخلف.
كيف تتأمل ثورات الربيع العربي بعيون المبدع؟
لا ربيع ولا خريف ولا صيف في اوطان لا تعرف معني الثورة، بل نندد بعنصرية الاخلاق وقتل الابرياء في زمن شحت فيه الامم إلي التوازن الإنساني، الربيع هو القيم، واين القيم وماذا بعد هذا غير القتل والدمار جف الالسن، والحناجر، الابداع يرتجف بين سنابل جوع وافتقار أفكار، انه الجحود وليس الربيع.
هل تتوقع أن تفرز هذه الثورات مشروعا قوميا للعرب؟
عن أي مشروع نتحدث اذا كانت السياسات الغربية هي من يتحكم في اوضاع العرب، واصبح اليهودي في حلة ثعلب يرتدي رداء عنزة، ومتي سن لنا ان نبارك مشروع ونتوقع منه افرازا وهو أمر فاشل من اصلة، نعم نؤمن بالقيم الإنسانية في الإسلام، ولكن أن يكون الاسلام خيمة تبليط الوجوه باللحي، دون قيم ولا سند فهذا ما يتنافي مع دور الإنسان في صناعة الانتاج، ولسوء الحظ عوض هذا حل تشويه الاسلام إلي منظورات مستهدفة صنعها الغرب، وقادها الغرب والحصيلة دماء امة، ليس لها غير الحطام في اهلها وحسبنا لرب وطن تريد مه ان ينجو، وحسبنا ربنا بأن لا خداع في وجوه مستنكرة، واصبحت اللحي تباع وتشتري، ناسية ماض كانت للعدو في الاسلام رمزا لغير الحرية والارهاب.
هل كتبت النص الذي تحلم به؟
الحلم الحقيقة منجلي بين سطور الانتظار، بين قوافل مضت تبحث عن الاستقرار في وضوح الاغتراب، ماذا عساي أن أحلم واوراقي تحترق في سلة مهملات يقودها الانهزام، انهزام أمم تتطاحن من أجل كرسي الانتظار لكن ساظل احلم بان اكتب نصا يوما عن الحرية والفهم العربي، وان اري لوحة تبكي لانها ليست للعبث في امور العرب اسلوبا وقرارا ونهاية خير انشاء الله.