الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وداعا «مكى» رائد تحقيق تراث الأندلس




شاء القدر أن يرحل محمود على مكى، المولود بمحافظة قنا عام 1929، صباح يوم الخميس الماضي، أول أيام عيد الفطر وأن يدفن فى إسبانيا، البلد الذى أفنى ما يزيد على نصف قرن من عمره فى دراسة تاريخ المسلمين فيه وحضارتهم الأندلسية التى امتدت لنحو ثمانية قرون.
 
ترك الدكتور محمود على مكي، أكثر من مائتى مؤلف مختلف بين البحوث والترجمات وتحقيق المطبوعات، منها على سبيل المثال لا الحصر: أثر العرب والإسلام فى الحضارة الأوروبية؛ بحثه عن المؤرخ الأندلسى ابن حبان؛ دراسته وتحقيقه لديوان ابن دراج القسطلي، كتابه مدريد العربية، وغير ذلك مما أثرى به المكتبة العربية، فضلا عن عشرات المؤلفات والبحوث باللغة الإسبانية.
 
حصل محمود على مكى على الليسانس بتقدير ممتاز من قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1949م، ثم على درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز من كلية الآداب والفلسفة بجامعة مدريد المركزية عام 1955م، وعمل بإدارة العلاقات الثقافية بوزارة التربية والتعليم، ثم بالتدريس فى قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة، ثم وكيلاً لمعهد الدراسات الإسلامية بمدريد، ثم ملحقاً ثقافياً للسفارة المصرية فيها حتى عام 1965م، ثم مديراً لإدارة الترجمة والنشر بوزارة الثقافة.
 
كما عمل الراحل الكبير أستاذاً زائراً لمركز الدراسات الشرقية فى المعهد المكسيكى فى المكسيك، ثم عمل أستاذاً فى قسم اللغة العربية بجامعة الكويت لمدة ست سنوات. وفى عام 1977م، عينته جامعة القاهرة أستاذا للأدب الأندلسى فى قسم اللغة العربية بكلية الآداب، وعين رئيسا لقسم اللغة الإسبانية بالكلية نفسها 1984م، وعمل أستاذاً زائرا لكثير من الجامعات العربية والأجنبية لفترات محدودة، كما أشرف على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه، وهو عضو بمجمع اللغة العربية بالقاهرة.
 
ومن أبرز الجوائز التى حصل عليها جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربى عام 1988، وجائزة التقدم العلمى من الكويت، ولا يختلف اثنان على أن إسهام الدكتور محمود على مكى فى التعريف بالتراث الحضارى الأندلسى على امتداد أكثر من نصف قرن من الزمن، جعل منه حجة فى الأندلسيات.
 
ويبقى أن الدكتور محمود على مكى يستحق التكريم، بل وتخليد ذكراه، فغيابه يعد خسارة فادحة لحقل تحقيق التراث الأندلسى بصفة خاصة، ولحقل الترجمة من الإسبانية والتأريخ لحضارة الأندلس، فهل يتصدى مجمع اللغة العربية أو جامعة القاهرة أو المركز القومى للترجمة لهذا التكريم المستحق؟