الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حتي لا تتكرر أحداث العمرانية!
كتب

حتي لا تتكرر أحداث العمرانية!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 29 - 11 - 2010


فى أحداث العنف القانون لا بنظر لخانة الديانة


(1)


حادث العمرانية لا يحتاج تصعيدًا أكثر من ذلك، مثلما تفعل المنظمات القبطية في أوروربا والولايات المتحدة، وما يحدث في أرض الواقع يختلف تمامًا عن محتوي ومضمون البيانات التي تصدر عنهم.


لو وقعت نفس الأحداث من مسلمين، وتجمهروا بأعداد ضخمة، وقطعوا الطريق، ورشقوا قوات الأمن بالطوب والحجارة، كان موقف الشرطة لن يتغير، لأنها تحفظ الأمن والنظام، دون النظر لخانة الديانة.
قوات الأمن هي التي تحمي الكنائس ومحلات الصاغة وممتلكات الأقباط، وهي أيضًا التي تتصدي لقضايا التطرف والإرهاب، ولا يمكن أبدًا أن تتهاون هنا، وتتشدد هناك.
(2)
لا يسعد الإخوة الأقباط أن يكيل الأمن بمكيالين، فالقانون الذي يطبق علي المصريين واحد، وهو الضمانة الأكيدة لتحقيق العدالة التي تحقق الطمأنينة كلما كانت معصوبة العينين.
أصعب شيء هو تفريق مظاهرة، يختلط فيها المدنيون بالأطفال بالعجائز، وعندما يسود الهرج والمرج يمكن أن تدوس الأقدام العشرات، ويحدث ما لا تحمد عقباه.
يجب الاعتراف أولاً بأن الانتهاكات التي حدثت كان يمكن أن تتطور أكثر من ذلك بكثير، وسادها الانفلات والعنف والشعور بالاضطهاد، في منطقة شعبية شديدة الازدحام بالسكان والعشوائيات.
(3)
لا نريد أن ننكأ الجراح، أو أن نجري وراء التحريض والإثارة، وأن نحتكم في هذه الأحداث إلي العقل والضمير، ولا نقسم أبناء الوطن الواحد إلي فريقين يقفان علي طرفي المواجهة.
أولاً: كانت جنازة ضحية الحادث صورة رائعة للتضامن بين عنصري الأمة، والمسلمون الذين شاركوا فيها لم يقلوا عددًا عن الأقباط، وسادهم نفس شعور الحزن وقدموا واجب العزاء.
هذا معناه أن الروح الوطنية تخبو أحيانًا ولكنها لا تموت أبدًا، والمسلمون والأقباط معًا في السراء والضراء.. وهذا الكلام ليس إنشائيًا، لكنه ثوابت متأصلة في النفوس، يعلوها الصدأ أحيانًا.
(4)
ثانيًا: الحياة في مصر تختلف تمامًا عن الصورة المفزعة التي ترسمها بيانات أقباط المهجر عن أوضاع الأقباط في مصر، وقد يتصور من يقرأ بياناتهم أنهم يعيشون في سجن كبير.
المسألة ليست كذلك بالمرة، والأمور تسير علي طبيعتها، والأقباط مثلهم مثل المسلمين يعيشون في أمن وطمأنينة، غير خائفين علي أرواحهم وممتلكاتهم ومستقبل أولادهم.
صحيح أن هناك بعض التوتر الذي يسود العالم كله وليس مصر وحدها، ولكن هناك محاولات جادة يجب أن يسهم فيها الأقباط بفاعلية لتكريس مفهوم الدولة المدنية، والتخلص من شبح التطرف الديني.
(5)
ثالثًا: الخط الهمايوني فولكلور قديم وليس له وجود، وإذا كانت هناك مشاكل معينة في بعض التصاريح فهذا يرجع إلي حساسية المناطق التي تظهر فيها المشاكل، ووجود أغلبية مسلمة.
لو انفتح الباب علي مصراعيه لبناء الكنائس والمساجد دون إذن أو تصريح، فسوف تتحول المسألة إلي حرب معلنة لبناء الكنائس والمساجد، تبرع يا مؤمن لبناء مسجد، تبرع يا قبطي لبناء كنيسة.. وهكذا.
المسألة تحتاج ميزانًا من ذهب، حتي لا يتكرر ما حدث في العمرانية في مناطق أخري كثيرة، خصوصًا إذا أصبحت المواجهة بين المتطرفين من الجانبين، وامتدت إلي فئات أوسع من الناس.
(6)
رابعًا: قانون دور العبادة الموحد يجب أن يأخذ حقه من الدراسة المتأنية، وليس صحيحًا بالمرة أن الحكومة تماطل وتسوف لعدم إصداره، وهو قانون يتعامل مع أشد القضايا حساسية وخطورة.
مخطئ من يتصور أن هذا القانون سوف يحل مشكلة بناء الكنائس بجرة قلم، ولا يمكن أن يخضع بناء دور العبادة لنظرية المحاصصة أو أن تخصص لكل أبناء ديانة نسبة من دور العبادة حسب عددهم.
النقاط المختلف عليها في القانون أكثر من المتفق بشأنها، وينعقد الأمل علي البرلمان الجديد في فتح حوار موضوعي، ينتهي بإقرار هذا القانون الذي يحقق رضا الطرفين.
(7)
خامسًا: لا يجب أبدًا في مثل هذه الحوادث استدعاء عقيدة الاضطهاد أو الادعاء بأن الأقباط مستهدفون من الحكومة، فما حدث في العمرانية حدث مثله في المحلة الكبري منذ عامين.. والفوضي لها قانون واحد.
كان من الممكن أن تمتد ألسنة اللهب إلي شوارع أخري كثيرة، وأن يقود الانفعال والغضب الذي تعامل به المتظاهرون الأقباط مع الحادث إلي مزيد من المواجهة والاحتكاك، فالشارع يصعب التحكم فيه.
الكنيسة هي أول من يعلم أن الدولة تساندها وتظاهرها وتدعمها، لأن شعبها جزء أصيل من النسيج الوطني، ولا يجب أبدًا إنكار ذلك، في لحظة انفعال وغضب.


E-Mail : [email protected]