السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التطير من الزوجة حرام




كتب: د. شوقى علام
ورد سؤال من شخص يقول: إن ابنته تزوجت من زميل لها فى العمل، ومنذ أن تزوجت منه وأهل زوجها يعتبرون أن قدمها سيئة عليهم بسبب ما أصابهم من نكبات وأمراض وخسائر وحوادث بعد زواجها منه، مع العلم بأن كثيرًا مما جرى لهم بعد زواجها منه كان يحصل لهم ما يشابهه قبل زواجها، ولكنهم مصرون على أن «وشها وحش عليهم»، حتى إن ابنته أصابها الضرر الشديد المعنوى والنفسى والمادى من جراء ترويج هذه المزاعم على سمعتها وكرامتها ونفسيتها، ويطلب حكم الشرع وإبداء النصح فيما يقولونه، وفى اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين.
وتجيب دار الإفتاء المصرية قائلة: «إن التطير والتشاؤم من عادات الجاهلية التى جاء الإسلام بهدمها والتحذير منها، فعن أنس بن مالك -رضى الله عنه- عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ، قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ» متفق عليه، وعن قبيصة بن المخارق قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «الْعِيَافَةُ، وَالطِّيَرَةُ، وَالطَّرْقُ مِنَ الْجِبْتِ» رواه أبو داود بإسناد حسن، وعن بريدة -رضى الله عنه- «أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ» رواه أبو داود بسند صحيح، وعن عروة بن عامر -رضى الله عنه- قال: «ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ، وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِى بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَقُوَّةَ إِلَّا بِكَ» رواه أبو داود بسند صحيح، ونحو ذلك من الأحاديث، وذلك إذا اعتقد شيئًا مما تشاءم منه موجب لما ظنه ولم يضف التدبير إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله سبحانه وتعالى، وربما وقع به ذلك المكروه الذى اعتقده بعينه عقوبة له على اعتقاده الفاسد، ولا تنافى بين هذا وبين حديث عبدالله بن عمر -رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِى ثَلَاثٍ: فِى الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ» متفق عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يشير فى هذا الحديث ونحوه إلى تخصيص الشؤم بمن تحصل منه العداوة والفتنة لا كما يفهم بعض الناس خطأ من التشاؤم بهذه الأشياء أو أن لها تأثيرًا، كما فسرته الرواية الأخرى عند الحاكم فى المستدرك من حديث سعد بن أبى وقاص -رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ثَلَاثٌ مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ تَرَاهَا تُعْجِبُكَ، وَتَغِيبُ عَنْهَا فَتَأْمَنُهَا عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِكَ، وَالدَّابَةُ تَكُونُ وَطِيئَةً فَتُلْحِقُكَ بِأَصْحَابِكَ، وَالدَّارُ تَكُونُ وَاسِعَةً كَثِيرَةَ الْمَرَافِقِ، وَثَلَاثٌ مِنَ الشَّقَاءِ: الْمَرْأَةُ تَرَاهَا فَتَسُوؤُكَ وَتَحْمِلُ لِسَانَهَا عَلَيْكَ وَإِنْ غِبْتَ لَمْ تَأْمَنْهَا عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِكَ، وَالدَّابَةُ تَكُونُ قَطُوفًا فَإِنْ ضَرَبْتَهَا اتَّبَعَتْكَ وَإِنْ تَرَكْتَهَا لَمْ تُلْحِقْكَ بِأَصْحَابِكَ، وَالدَّارُ تَكُونُ ضَيِّقَةً قَلِيلَةَ الْمَرَافِقِ».
 أما اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين والاعتماد عليهم فى جلب الخير أو دفع الشر فقد نُهِيَ عنه فى الشرع، فعن عمران بن حصين -رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطِيِّرَ لَهُ أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ» رواه البزار من حديث عمران بن حصين -رضى الله عنه- بإسناد حسن، وجعل النبى صلى الله عليه وآله وسلم إتيان هؤلاء وتصديقهم مانعًا من قبول العمل فقال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» رواه مسلم عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وآله وسلم.
ومما سبق بيانه يعلم أن التشاؤم بالزوجة منهى عنه شرعًا؛ لأن الأمور تجرى بأسبابها بقدرة الله تعالى، ولا تأثير للزوجة فيما ينال الإنسان من خير أو شر.