السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حرق نسخ من المصحف «2»






محمد عبدالنور روزاليوسف اليومية : 13 - 09 - 2010


عدد من الاتصالات التليفونية بالإضافة إلي مجموعة من الرسائل علي بريدي الالكتروني رأت فيما كتبته بالأمس مطالبا الإدارة الأمريكية بأن تكون أكثر جدية وحزما في مواجهة خطط حرق علني لنسخ من القرآن الكريم.. بالمطالبة الغريبة علي المجتمع الأمريكي الذي يضمن دستوره وقوانينه الحق لكل مواطن بأن يفعل ما يشاء وقت ما يشاء.

وضربوا مثلا بأن المواطن الأمريكي قد يذهب إلي حرق علم دولة له رأي في سياساتها، بغض النظر عن علاقة دولته بهذه الدولة، بل إن العلم الأمريكي نفسيه تعرض للحرق أكثر من مرة في تظاهرات مختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية ومن مواطنين أمريكيين.

وهذا صحيح إلي حد بعيد فحرق اعلام الدول هو وسيلة من وسائل الاعتراض علي سياسات هذه الدول في الكثير من التظاهرات واظهار شدة الغضب الشعبي من هذه الدول.. ليس فقط في الولايات المتحدة وإنما في أنحاء العالم أجمع.

ولكن حرق علم دولة في تظاهرة إبداءً للرأي واعتراضاً علي سياسات هذه الدول شيء.. وحرق كتاب مقدس لديانة من الدينات السماوية شيء آخر.. فالأول اعتراض سياسي والثاني إهانة إنسانية.

إعلان عن عدائية مؤكدة ضد معتقدي هذه الديانة والمؤمنين بتعاليمها والمؤدين لطقوسها وصلواتها.. والفارق بينهما كالفارق بين السماء والأرض.
بما يفتح أبواب الجحيم في أعمال عنف وإرهاب لن تفرق بين مواطن ومواطن ولا بين حدود دولة ودولة.. كدفاع موضوعي ومفهوم عن الإيمان والمعتقد الديني.

وقد رأينا حجم الغضب في العالم الإسلامي جراء خطة القس جونز في حرق نسخ من القرآن الكريم ورأينا أيضا محاولة مضادة في جنوب أفريقيا خططت لحرق علني لنسخ من الإنجيل أوقفها حكم قضائي.

وفي هذا السياق لا يمكن اعتبار خطط حرق نسخ من المصحف الشريف كرد فعل غاضب علي عمل إرهابي قامت به عصابة ترفع شعار الدين وإنما نتحدث عن احتمالية مواجهة بين المسلمين جميعاً والمسيحيين جميعا بأشكال متعددة عابرة لكل حدود الدول.. مواجهة لن تلتفت إلي الأصوات العاقلة من الجانبين في أي مكان.

ومن ثم لا يمكن اعتبار خطة حرق علني لنسخ من المصحف.. الكتاب المقدس للمسلمين.. عملاً من أعمال ممارسة حرية المواطن الأمريكي المكفولة بالدستور والقانون الأمريكي.. وإنما هي عمل يحض علي الكراهية والاضطهاد وممارسة التمييز ودعوة لأعمال العنف والإرهاب.

ولا أظن أن ترسانة القوانين التي صدرت في الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر 2001 غير قادرة علي مواجهة هذه الخطط الشيطانية.. ومن ثم أعتقد أن إدارة الرئيس أوباما تستطيع أن تكون أكثر شدة وحزماً وبشكل قاطع مانع لهذه الخطط.