الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

معادلة الثمن والمكتسبات فى الثورة المصرية




بقلم: جمال ياقوت
إذا ما عقدنا مقارنة بين الثمن الذى يتم دفعه من قبل أطراف كثيرة فى المجتمع المصرى..  والفوائد التى تعود على هذه الأطراف فقد نصل – أو لا نصل – إلى نقطة يمكن عندها تبرير ما يجرى من أحداث.
فالثمن تدفعه الغالبية العظمى مثل المواطن العادى الذى يكسب قوته «اليوم بيومه» بمعنى أن اليوم الذى لا يعمل فيه يتعرض هو وأسرته للجوع، وإذا تكرر مثل هذا اليوم تتضخم المشكلة، أما إذا طالت هذه المنظومة فإن مخاطر تحوله إلى شخص سلبى  سوف تتصدر جدول الاحتمالات وعندها سوف يقوم بأفعال تؤذى المجتمع، وقد يتحول هذا الشخص إلى مجرم محترف يهدد كيان المجتمع. وحتى الموظف سوف يجد صعوبة فى الذهاب إلى عمله، وقد تأتى اللحظة التى تعجز فيها الدولة أو أصحاب الأعمال عن دفع راتبه. وعلى الجانب الآخر فإن صغار رجال الأعمال ومن يعلوهم بقليل سوف يجدون صعوبة فى إدارة أعمالهم لاعتمادهم على الموارد المالية التى تأتى بانتظام من عملائهم لدفع الرواتب وباقى الالتزامات، والحالة الأمنية المتردية تجعل العملاء يتوقفون عن الدفع وبالتالى يتوقف أصحاب الأعمال عن دفع التزاماتهم ومنها ديون الموردين ورواتب العمال.. فيسرحون العمال وتغلق المصالح الصناعية والتجارية الخاصة..
والمجال لا يسمح بالخوض فى الآثار السلبية المترتبة على فقدان الأمن والأمان فى الشارع، لكنها جد خطيرة وتنذر بانهيار اقتصادى خاصة بعد تأثر مجال السياحة سلباً بهذا الأمر، وهو ما سيتبعه انهيارات متتالية فى كافة جوانب الحياة.
إننى مستعد لأن أدفع هذا الثمن، وأدفع أضعافه مرات ومرات شريطة أن يكون هناك داع لدفع هذا الثمن، بمعنى أن يكون هناك عائد إيجابى يعود على أسرتى أو على البلد بصفة عامة، إيماناً منى بأنه لكل شيء جيد ثمن لابد من دفعه، وكذلك يشترط أن يكون دفع الثمن حتمي؛  بمعنى أنه لا يمكن الحصول على المنفعة الخاصة أو العامة إلا بإتمام هذا الدفع.
وفيما يتعلق بالوضع الراهن فى مصر، فإن المكتسبات التى يسعى غالبية الشعب لتحقيقها واضحة جلية، فجميعنا يعلم أننا بصدد البحث عن صيغة أفضل للحياة، فنسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والحريات وكل هذه الأهداف النبيلة التى أتحمس لها وأؤمن بأهمية دفع كل ما هو غال ونفيس من أجل تحقيقها.
أما فيما يتعلق بالأثمان التى يدفعها جميع المواطنين، وكذلك الأجهزة الرسمية التى تشكل عماد الدولة، فإنه ينبغى أن نراجعها ونحن نسأل أنفسنا سئوالين:-
الأول : هل هذا الثمن حتمى.. بمعنى هل كان يمكن الوصول إلى تحقيق هذه الأهداف السياسية والاجتماعية - خاصة بعد 30 يونية والصورة المبهجة التى أعادت إلى الأذهان صورة الشباب وهم ينظفون الشوارع بعد تنحى الرئيس الأسبق؟ أم أنه كان يمكن تحقيق هذه الأهداف دون أن نعيش مثل تلك الأوقات العصيبة التى نعيشها الآن.
الثانى: هل هذا الثمن يعادل المكتسبات؟ أم أننا سوف ندفع وندفع ... حتى تتحول المبالغة فى الدفع إلى أحد أهم أسباب ضياع الأهداف التى قامت من أجلها الثورة؟