الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ابداع




شعراؤنا شموس فى سماء الإبداع ينيرون لنا ببصيرتهم وبصرهم طريقنا ويخبرونا ما لم نخبره فيما فاتنا من أمورنا الحياتية فهم بمثابة توثيق وشهادة على عصرهم ونحن نخصص هذه المساحة من الإبداع للاحتفال بالشاعر الراحل محمود درويش (1941- 9 أغسطس 2008)،  وهو أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، ويعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربى الحديث وإدخال الرمزية فيه، وقد تغنى بأشعاره وقصائده الكثير من المطربين، كان عضوا فى المجلس الوطنى التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ولقب بـ«شاعر فلسطين».
يصاحب قصائد درويش لوحات للفنان العالمىجاك لويس دافيد (مواليد 30 أغسطس 1748)، وهو فنان فرنسى شهير كان أحد أبرز فنانى مدرسة الكلاسيكية فى الفن الأوربى.
رد فعل
 
وطنى! يعلمنى حديد سلاسلى
عنف النسور، ورقة المتفائل
ما كنت أعرف أن تحت جلودنا
ميلاد عاصفةٍ… وعرس جداول
سدّوا عليّ النور فى زنزانةٍ
فتوهّجت فى القلب… شمس مشاعل
كتبوا على الجدران رقم بطاقتى
فنما على الجدران… مرج سنابل
رسموا على الجدران صورة قاتلى
فمحت ملامحها ظلال جدائل
وحفرت بالأسنان رسمك دامياً
وكتبت أغنية العذاب الراحل
أغمدت فى لحم الظلام هزيمتى
وغرزت فى شعر الشموس أناملى
والفاتحون على سطوح منازلى
لم يفتحوا إلاّ وعود زلازلي!
لم يبصروا إلاّ توهّج جبهتى
لن يسمعوا إلاّ صرير سلاسلى
فإذا احترقت على صليب عبادتى
أصبحت قديساً… بزيّ مقاتل
أمل
ما زال فى صحونكم بقية من العسل
ردوا الذباب عن صحونكم
لتحفظوا العسل
ما زال فى كرومكم عناقيد من العنب
ردوا بنات آوى
يا حارسى الكروم
لينضج العنب
ما زال فى بيوتكم حصيرة.. وباب
سدوا طريق الريح عن صغاركم
ليرقد الأطفال
الريح برد قاس.. فلتغلقوا الأبواب
ما زال فى قلوبكم دماء
لا تسفحوها أيها الآباء
فإن فى أحشائكم جنين
ما زال فى موقدكم حطب
وقهوة.. وحزمة من اللهب
 

 
عن إنسان
وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرة الموتى،
وقالوا: أنت قاتل
أخذوا طعامه، والملابس، والبيارق
ورموه فى زنزانة الموتى،
وقالوا: أنت سارق!
طردوه من كل المرافئ
أخذوا حبيبته الصغيرة،
ثم قالوا: أنت لاجئ!
يا دامى العينين، والكفين!
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقيةٌ
ولا زرد السلاسل!
نيرون مات، ولم تمت روما...
بعينيها تقاتل!
وحبوب سنبلةٍ تموت
ستملأ الوادى سنابل!

 
بطاقة هوية
سجّل!
أنا عربى
ورقم بطاقتى خمسون ألف
وأطفالى ثمانيةٌ
وتاسعهم.. سيأتى بعد صيف!
فهل تغضب؟
سجّل!
أنا عربى
وأعمل مع رفاق الكدح فى محجر
وأطفالى ثمانيةٌ
أسلّ لهم رغيف الخبز،
والأثواب والدفتر
من الصخر
ولا أتوسّل الصدقات من بابك
ولا أصغر
أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب؟
سجل!
أنا عربى
أنا اسمٌ بلا لقب
صبورٌ فى بلادٍ كلّ ما فيها
يعيش بفورة الغضب
جذورى...
قبل ميلاد الزمان رست
وقبل تفتّح الحقب
وقبل السّرو والزيتون
وقبل ترعرع العشب
أبى.. من أسرة المحراث
لا من سادةٍ نجب
وجدّى كان فلاحاً
بلا حسبٍ.. ولا نسب!
يعلّمنى شموخ الشمس قبل قراءة الكتب
وبيتى كوخ ناطورٍ
من الأعواد والقصب
فهل ترضيك منزلتي؟
أنا اسمٌ بلا لقب!
سجل!
أنا عربى
ولون الشعر.. فحميٌّ
ولون العين.. بنيٌّ
وميزاتى:
على رأسى عقالٌ فوق كوفيّه
وكفّى صلبةٌ كالصخر
تخمش من يلامسها
وعنواني:
أنا من قريةٍ عزلاء منسيّه
 



قطار الساعة الواحدة
رجل وامرأة يفترقان
ينفضان الورد عن قلبيهما،
ينكسران.
يخرج الظلّ من الظلّ
يصيران ثلاثة:
رجلا
وامرأة
والوقت..
لا يأتى القطار
فيعودان إلى المقهى
يقولان كلاما آخرا ،
ينسجمان
ويحبّان بزوغ الفجر من أوتار جيتار
و لا يفترقان..
وتلفت أجيل الطرف فى ساحات هذا القلب.
نادانى زقاق ورفاق يدخلون القبو والنسيان فى مدريد.
لا أنسى من المرأة إلّا وجهها أو فرحى.
أنساك أنساك وأنساك كثيرا
لو تأخّرنا قليلا
عن قطار الواحدة .
لو جلسنا ساعة فى المطعم الصينى،
لو مرّت طيور عائدة .
لو قرأنا صحف الليل
لكنّا
رجلا وامرأة يلتقيان ...