الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عصام السيد: فترة حكم الإخوان كانت الأسوأ في تاريخ المسرح




حصل الاثنين الماضى عن استحقاق المخرج المسرحى عصام السيد على جائزة التفوق وذلك يوم الإعلان عن جوائز الدولة التى سبق وتأجل موعد إعلانها أكثر من مرة بسبب رفض المثقفين مشاركة علاء عبدالعزيز وزير الثقافة السابق التابع لحكومة الإخوان المسلمين لهذا الإجتماع حتى أنهم فضلوا تأجيل إعلان الجوائز كى لا تتم فى عهده، وقد كان، وعن الجائزة ومعركته مع الإخوان المسلمين ودوره البارز فى اعتصام المثقفين قال السيد فى هذا الحوار:


■ ماذا تمثل لك هذه الجائزة؟
- أولا هناك بعض الأشياء أحب أن أشير إليها، هذه الجائزة تم ترشحى لها العام الماضى من قبل نقابة المهن التمثيلية لكننى لم أفز بها وكذلك هذا العام رشحتنى النقابة لنفس الجائزة والحمد لله فزت بها هذه المرة، وأشكر مجلس النقابة والنقيب على الترشيح كما أنه بالمصادفة حصد جوائز الدولة هذا العام، مجموعة من الأسماء أتشرف أن يكون اسمى ضمنهم مثل الدكتورة نهاد صليحة ومحفوظ عبد الرحمن، دواود عبد السيد، ومحسنة توفيق وغيرهم وفى رأى هؤلاء جميعا كان من المفترض أن يحصلوا على هذه الجائزة، منذ وقت طويل  أيضا ما أسعدنى كثيرا هو رد فعل زملائى وتلاميذى لأنه حقيقة كم الإحتفاء بفوزى بهذه الجائزة جاء فوق تخيلى.

■ فى رأيك هل كان وضع هذه الجوائز سيتغير إذا تم الإعلان عنها فى عهد الوزير السابق علاء عبد العزيز؟
 - الترشح كان من شهر ديسمبر الماضي، أى قبل تولى علاء عبد العزيز الوزارة،  والحقيقة أنه بعد توليه منصب وزير الثقافة قال فى أحد تصريحاته «أنهم يمنحون هذه الجوائز لأصدقائهم ولابد من تغيير منطق وضع اختيار المرشحين»، بالطبع قانونا لم يستطع تغيير أو إلغاء الجوائز لهذا العام ففكر نكاية فى المرشحين أن يخفض قيمة الجائزة لمجرد المضايقة، بينما فى المقابل المجلس الأعلى للثقافة رفض الإجتماع فى وجوده، واقترحوا حلول مثل أن يحدث الإجتماع وينيب عنه أحد أو تؤجل الجوائز وأجلت الجوائز بالفعل لأن الإجتماع كان من المفترض انعقاده فى يونيو الماضى.

■ هل كنت تؤيد حل التأجيل؟
- بالتأكيد لأننا جميعا كنا ضد أن يمارس هذا الرجل مهامه كوزيرا للثقافة ولم تفرق معى الجائزة على الإطلاق، لأننى لن أتشرف أن أحصل على هذه الجائزة فى عهده.

■ فى رأيك كيف كنت تتخيل الوضع اليوم إذا لم تنجح ثورة يونيو ويرحل عبد العزيز ونظامه؟
- بالطبع كنا سندخل السجن أو نخضع للتحقيق أمام النيابة على أقل تقدير، لأنه تقدم ضدنا ببلاغات عديدة للنائب العام، واتهمنا بإقتحام الوزارة، وهذا لم يحدث نحن دخلنا كمجموعة بمنتهى البساطة على أننا نريد مقابلة الوزير وهو غير موجود بمكتبه ثم جلست هذه المجموعة وأعلنت اعتصامها داخل الوزارة، ولم نمنعه من الدخول كما أشاع عنا لكنه خشى أن يأتى مكتبه من الأساس، لذلك نحن لم نقتحم لأن الإقتحام فعل عنيف، وكان أول مطلب لهذا الإعتصام عزل وزير الثقافة وإلغاء جميع قراراته ثم تطور الأمر إلى اسقاط النظام تماما والحمد لله تحقق يوم 30 كل شىء.

■ هل ثورة 30 يونيو كانت مفاجئة بالنسبة لك؟
- لم أتوقع هذا الجمع الغفير من الناس خاصة وأننا كنا نتمنى أن يصمد المعتصمون أسبوع فقط، وفوجئنا أن الأمر انتهى فى ثلاثة أيام، دهشت أكثر فى يوم 26 يوليو من خروج هذه الأعداد التى حتى فاقت أعداد يوم 30 مما يؤكد على أن هذا الشعب حقيقى ليست له مالكة لأننا وجدنا كم من البشر الغير مسيس يفترشون الميدان بطعامهم فى انتظار ساعة الإفطار ففى الحقيقة الشعب المصرى مدهش وعجيب.

■ فى البداية هل كنت تتوقع صمود الإعتصام حتى يوم 30 بهذا الرقى الذى احتفظ به طوال 25 يوما؟
- بالطبع كنا لا نتوقع استمرار الإعتصام بهذا الشكل وكنا نضع «أيدينا على قلوبنا» فى البداية وكان لدينا تخوف شديد لأن الإعتصام بدأ يوم 5 يونيو، ثم قررنا الإستمرار إلى يوم 30 ، وكنا نعلم أن الوقت طويل، وكلما طالت فترة الإعتصام زادت المشاكل، خاصة وأننا كنا نمثل كمثقفين مشارب وأيديولوجيات مختلفة ومناهج تفكير متعددة، فلابد من حدوث مشاكل واحتكاكات، لذلك ما كنا نؤكد عليه دائما داخل الإعتصام أننا لسنا شىء واحد ولابد أن نستوعب الإختلافات القائمة بيننا وبالفعل كانت هناك مشاكل كثيرة داخل الإعتصام وخلافات فى الرأى، لكن بالطبع كنا لا نعلن عنها وحدث بالفعل خلاف كبير بين الشباب والكبار داخل الإعتصام لأن الشباب شعروا فى لحظة أنهم مهمشون، فعلى سبيل المثال أثناء حدوث الفعاليات الفنية فى الخارج كانت تأتى بعض الشخصيات، من خارج الإعتصام فتحدث جلسة فى غرفة الإجتماعات ، ولم تكن هذه الجلسات لإتخاذ قرارات لكنها كانت نوع من المؤازرة للإعتصام، ثم يخرج بيان بعد هذه الجلسة فنجد الشباب يعترضون على خروج بيان دون حضورهم، أيضا حدثت خلافات من نوع إعتراضهم على بعض الشخصيات التى تأتى للإعتصام مثل عصام شرف وطرد قبل دخول الوزارة وهذا إعتبارناه فعل عنيف كان لا يجب حدوثه، كما كانت هناك اعتراضات على قدوم بعض الشخصيات لزيارة الإعتصام لمجرد التصوير أو الشو الإعلامى ووقتها كنا نقول أنه حتى من يريد التصوير فقط، مجرد ظهوره بالمكان فى النهاية سيكون إضافة للإعتصام والشباب على وجه التحديد كانوا يستفزوا من هذه الطريقة إلى جانب ضيق المكان والشائعات والتوتر، وأشياء كثيرة كانت تحدث من هذا النوع، لكن رغم كل ذلك الإعتصام كان يدار بأقصى درجة ممكنة من الديمقراطية.

■ هل الشائعات المستمرة بفض الإعتصام بالقوة من قبل جماعة الإخوان المسلمين كانت لها صدى سلبى داخل المكان؟
- هناك فترة توترنا فيها بالفعل من الشائعات لكن فيما بعد اعتدنا عليها وحدث أننا تعرضنا للتهديد المباشر، مثلما فعل مستشار مرسى للتواصل الإجتماعى وطلب أن نذهب للإجتماع معه، وأكد أنه سيساعدنا فى توصيل صوتنا لرئيس الجمهورية، رفضنا وطلبنا أنه إذا أراد التواصل معنا فليأتى هو بنفسه، فكان الرد أنهم يبذلون جهدا فى منع العنف عنا، وكان ردنا أننا أتينا هنا كى نموت ولن نتحرك من هذا المكان وبالفعل حدثت بعدها واقعة الهجوم ، وهذا جعلنا نثبت أكثر.

■ فى رأيك هل هذا الإعتصام نجح فى توحيد المثقفين على أهداف واحدة؟
- بالقطع هذا ما حدث ، وهناك أشخاص كثيرون من المفترض أنهم كانوا زملاء فى مجالات مختلفة وكنا نعرف بعضنا البعض بالأسماء فقط، لكن لم تسبق وجمعتنا الظروف بينما تعرفنا داخل الإعتصام ونشأت بيننا صداقات كبيرة وهذه ميزة عظيمة من مميزات هذا الإعتصام.

■ لم تقتصر أهداف الإعتصام على رحيل نظام الإخوان فقط بل كانت لديكم أهداف أخرى كمثقفون وتم عرضها على الوزير الحالي، فماذا عنها؟
- كان أول طلب هو إلغاء جميع قرارات علاء عبد العزيز وحدث ذلك وكان هناك طلب أخر هو ضرورة عقد مؤتمر لمستقبل الثقافة المصرية تكون قرارته ملزمة داخل إطار زمنى محدد، وهو سيكون عبارة عن جلسات وموائد مستديرة المفروض أن يخرج بتوصيات ليس للمستقبل فقط، لكن على الأقل هذه التوصيات ستكون خاصة بالثقافة فى هذه اللحظة الراهنة، التى تعتبر لحظة مواجهة حتى أننا أطلقنا على المؤتمر اسم «ثقافة مصر فى المواجهه»، وبعد ذلك كان لدينا مطلب أساسى وهو أحد محاور هذا المؤتمر يتمثل فى ضرورة تمكين الشباب ، حتى يحصل الشباب على دور فى التخطيط والتنفيذ، وكذلك هناك محور أخر سيتم طرحه هو إعادة صياغة العلاقة بين المثقف والسلطة عن طريق إعادة هيكلة الوزارة.

■ هل من السهل أن تحدث هيكلة لوزارة الثقافة؟
- بالطبع سيحدث ليس هناك شىء صعب لأن صياغة العلاقة بين المثقف والسلطة الذى سيطرحه المؤتمر ، يهدف إلى مشاركة المثقفين مع وزارة الثقافة و أعتقد أن هذه هى الصيغة المناسبة أن يشترك المثقفون مع الوزارة فى رسم مستقبلها بحيث لا يطغى طرف على الأخر، لأنه لابد أن تكون السلطة الثقافية فى خدمة المثقفين كما يجب أن يقود المثقفون السلطة الثقافية فى مصر الفترة القادمة، حتى لا يحدث ويأتى أى وزير كى يأخون الدولة أو يأخذها فى أى اتجاه لذلك لابد أن يقود المثقفون حياتهم الثقافية.

■ كيف ترى الفن أو المسرح على وجه التحديد بعد الثورة؟
- لابد أن يتغير لكنه لن يتغير بقرار لأن التغييرات الكبرى بالتالى ينتج عنها تغيير كبير فى الفن والثقافة مثلما حدث فى الستينيات كانت نتاج للتغير الكبير الذى حدث فى ثورة 52 لكن كان هذا أيضا نتيجة تراكم من انتفاضة 35 و46 ثم ثورة 52 فأدى ذلك إلى تغيير فى الثقافة، وبالتالى من الطبيعى أن يفرز المجتمع ثقافة مختلفة نتيجة تغير الظرف السياسى والظرف الإقتصادى، بدليل أنه فى السبيعينيات عندما حدث الإنفتاح حدث تغيير جذرى وانتهت ثقافة الستينيات وبدأ يظهر مسرح القطاع الخاص المعتمد على التسلية والترفيه والذى كان يعتمد على السائح العربى بشكل أساسى ولم يكن هذا التغيير نتاجا لقرار بل كان نتاجا للظرف الإقتصادى، وبالتأكيد سنستغرق وقت لأن هذا  لن يحدث فى يوم وليلة، لأن حتى ثورة 25 يناير لم تأت فجأة بل كانت تراكم من عام 2005 أيام انتخابات الرئاسة ثم انتخابات مجلس الشعب الأولى والثانية كل هذا كان توطأة ل25 يناير و 25 يناير توطأة لـ30 يونيو .

■ رغم تفاؤلك بتغير الحياة الفنية والثقافية فى مصر الفترة المقبلة إلا أن البعض يرى أن البيت الفنى للمسرح قنبلة موقوتة من الصعب التعامل معها، كيف ترى ذلك؟
- للأسف أصبح هذا المكان عالة لأنه تجاوز الزمن لأننا تحاولنا فى عام 75 لدولة شبه رأس مالية، وفكرة فرق حكومية تابعة للدولة تخدم تيار اشتراكى فنحن نعمل بمنطق الأبيض وأسود فى عصر الألوان ، وكان لابد منذ ذلك الوقت أن يجدوا صيغة أخرى لفرق مسرح الدولة فهذا المكان أصبح يرقص على السلم لا هو اشتراكى ولا رأسمالى، لأن هذه الفرق فى الأساس كان هدفها أن يصل النشاط الفنى والثقافى لمختلف الطبقات، لكن الميزانيات تم تخفيضها لأنهم يصرفون على أشياء أخرى وبالتالى الفن أصبح لا يصل إلى مستحقيه ، واضطررنا لتغير الظرف التاريخى الإستعانة بنجوم وهذا مكلف للغاية بسبب ارتفاع أجورهم، لكن الحل لابد أن يكون موجود ليس بإلغاء المكان ولكن هناك صياغات أخرى مثل الشكل الذى يقام عليه مسرح الهناجر فليس هناك فرقة ثابتة له والمكان أثبت نجاحه وكذلك مركز الإبداع مشروع قائم على التعليم فقط ونجح أيضا.

■ بمناسبة ذكر مسرح الهناجر البعض يرى حاليا أنه أصبح لا قيمة له وفقد دوره برحيل الدكتورة هدى وصفى؟
- لأننا للأسف لسنا دولة مؤسسية ونعتمد دائما وأبدا على الأشخاص وليس هناك توصيف لدور الهناجر أو غيره وبالتالى إذا جاءت هدى وصفى خلقت توجه معين وإذا رحلت رحل معها توجهها، فليس هناك خطة مدروسة وحقيقية للمكان وسيواجه أيضا نفس الأزمة مركز الإبداع الفنى لأن خالد جلال خلق له توجه ودور معين يقوم به سيأتى غيره لتغيير النظام وعمل شىء أخر لأنه ببساطة ليس هناك استراتيجية ثابتة لهذه الأماكن كلها مجرد اجتهادات شخصية وهذه هى المشكلة.

■ فى رأيك ما هى أسوأ فترة مرت على المسرح فى مصر؟
- فترة حكم الإخوان هذه أسوأ فترات المسرح على الإطلاق لأنه للأسف كان هناك كثيرون يتبرعوا لخدمة المشروع الإخوانى من أجل البقاء على كراسيهم ومناصبهم أو كانوا خلايا نائمة!

■ تعرضت مسرحية «فى بيتنا شبح» لأزمة وقت حكم الإخوان وأغلق العرض هل هناك نية لإعادته من جديد؟
- سيعاد من جديد لكن لدى المسئولين مشلكة متوقعة لأنه عدد الفرق زاد والميزانية كما هى إلى جانب أنها خفضت وهكذا سنقع فى أزمة إنتاج أعمال جديدة وصعوبة إعادة القديم، لكن هناك إتفاق مبدئى على إعادته لمدة 15 يوم على مسرح ميامى بعد انتهاء أيام الحظر.